ربما تحدث في بعض الأحيان تلك المضاعفات التي تنذر بوجود مشكلات أثناء ولادة الطفل والتي منها مايصيب الأم ومنها أيضا مايصيب الطفل ومن ضمنها تلك المتلازمة التي تعرف بمتلازمة شفط العقى أثناء الولادة ورغم كونها ضمن مضاعفات الولادة التي لاتهدد حياة طفلك في العادة , لكنها قد تؤدي إلى مخاطر كبيرة في حالة عدم علاجها وفيما يلي سنقدم لكي من خلال مقالنا التالي كل مايهمك من معلومات حول متلازمة شفط العقى أثناء الولادة .
ما هي متلازمة شفط العقي؟
لنتعرف أولا على المقصود بمصطلح العقي الذي يتمثل في ذلك اللون الأخضر الداكن الذي ينتج في أمعاء الجنين عقب ولادته ,حيث يمر بالعقى تحديدا في الأيام القليلة المبكرة الأولى من ولادته . ونتيجة لمرور الطفل سواء قبل أو أثناء الولادة بعدد من الضغوط يمكن أن يتسبب ذلك في خروجه من العقي خلال فترة وجوده في رحم الأم . ليحدث هذا الإختلاط بين العقي مع السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين . ويزيد ذلك من فرص استنشاق طفلك لهذا المزيج المكون من العقى والسائل الامنيوسي في الرئتين قبل ولاده أو حتى خلالها بفترة قليلة وهذا توضيح بإيجاز لتلك الحالة المسماة بمتلازمة شفط العقي .
يجب أن نوضح أمرا أيضا أنه إذا كانت هذه المتلازمة شديدة أو لم يتم علاجها ، فمن شأنها تهديد حياة الطفل .
أعراض متلازمة شفط العقي
قبل موعد الولادة ,يمكن لطبيبك أن يلاحظ عدد من العلامات التي يستدل من خلالها على نتلازمة شفط العقي وقد يتمكن أيضا من استكشافها من خلال بروز عرض واحد أو اكثر
- بروز العقى أو مايشبه الخطوط الخضراء الداكنة, بالإضافة إلى تكون البقع في السائل الأمنيوسي
- تغييرات طارئة في لون بشرة طفلك وتتنوع مابين لون مائل إلى الزرقة ,أو أخضر مصبوغ بالعقي
- مشكلات في عملية التنفس , وتشمل سرعة التنفس , علاوة على ضيق التنفس وفي بعض الأحيان توقف التنفس نهائيا .
- انخفاض معدلات ضربات قلب طفلك قبل الولادة بفترة وجيزة
- تحقيق طفلك درجة منخفضة على مقياس أبغار ( وهو نوع من اختبارات الفحص التي يلجأ إليها الطبيب بعد الولادة لتقييم لون بشرة طفلك, ومعدل ضربات القلب وردود الفعل, وقوة العضلات ومعدلات التنفس)
- سيطرة حالة من الضعف الجسدي على طفلك
- كثرة عدد مرات الحمل
أسباب متلازمة شفط العقي
في معظم الأحيان , وقبل ولادة الطفل فإن هذا السائل الداكن يظل متحركا إلى داخل وخارج القصبة الهوائية والتي تمثل الجزء العلوي من المجري الهوائي . وهنا يمكن أن نتوقف لنتساءل عن كيفية استنشاق هذا اللون الأخضر في الرئتين حيث يحدث هذا نتيجة للهاث الطفل خلال وجوده في الرحم ويمكن أن يشمل حدوث ذلك فترة مابعد الولادة أيضا . وفي الغالب يقترن حدوث مشكلة اللهاث بإلتقاط عدوى ما أو وجود ضغط على الحبل السرس وهذا يجعل هناك صعوبة في حصول طفلك على كفايته من الأكسجين قبل الولادة.
وعلى صعيد متصل , توجد عدة عوامل أخرى ذات الصلة بين متلازمة شفط العقي والضائقة الجنينية الناجمة عن مشكلات في الرحم , ولعل أبرزها العدوى, أو مواجهة صعوبات أثناء ولادة الطفل وقد تم تشخيص أيضا وجود علاقة بين تقص الأكسجين لدى الجنين وتلك المتلازمة ، فمن شأن هذا النقص في الأكسجين زيادة حركات أمعاء الطفل ، مما يؤدي إلى ارتخاء العضلة العاصرة الشرجية التي تشير إلى الصمام العضلي المتحكم الرئيسي في مرور البراز من فتحة الشرج مما يجعل من السهولة حدوث عملية انتقال العقي إلى السائل الأمنيوسي.
يجب أن نشير إلى أن الأمر لايحدث بصفة دائمة حيث أن وجود العقى أثناء مرحلة المخاض والولادة لايعد دليلا على ضيق الجنين في كل الأحوال , ففي بعض الحالات يمكن أن يمر الطفل بالعقي قبل ولادته ولايصنف ضمن الأطفال الذين يعانون من الضائقة الجنينية . لكن الأمر المسلم به أن الطفل الذي كثيرا مايلهث أو يستنشق هذا السائل الداكن سيصاب حتما بمتلازمة شفط العقي
اقرأ أيضا متلازمة هورنر: تعرفي على أعراضها ومدى شيوع الإصابة بها
عوامل الخطر لمتلازمة شفط العقي
توجد مجموعة من عوامل الخطر التي ربما تحدث وتستدعي الطبيب فورا وتشمل :
- مواجهة صعوبات شديدة في عملية الولادة أو أن العملية تستغرق وقتا طويلا .
- التقدم في السن بالنسبة للمرأة الحامل أي عمر الحمل المتقدم
- بعض الظروف الصحية أيضا تزيد من عوامل الخطر مثل مرض السكري ,ضغط الدم المرتفع بالإضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي أو أمراض القلب والأوعية الدموية المزمنة
- مضاعفات أو إصابات الحبل السري
- وجود تأخر أو ضعف في نمو الجنين القابع في الرحم
- إذا كانت المرأة الحامل من المدخنين أو تعرضت للتدخين السلبي من قبل آخرين
لانعتبر الولادات المبكرة من ضمن قائمة عوامل الخطر لإستنشاق الأطفال للعقى .ومن الجدير بالذكر أن نعي جيدا أن تلك المتلازمة نادرة الحدوث عند الأطفال المولودين قبل 34 أسبوعًا.
تشخيص متلازمة شفط العقي
يستخدم الطبيب عدد من التقنيات الطبية التي تدعم قيامه بالإجراءات التشخيصية ويتم التشخيص بناءً على الأعراض التي تتم ملاحظتها على الرضيع ونسبة وجود العقي في السائل الأمنيوسي.
سيلجأ الطبيب إلى استخدام السماعة التي تعد آداة من الأدوات الرئيسية في التشخيص بما يمكنه من الإستماع إلى صدررضيعك في محاولة لرصد واستكشاف أي مشكلات تنفسية أو سماع أصوات غير طبيعية ومن أكثر الطرق شيوعا لتأكيد التشخيص مايلي:
- اختبار غازات الدم الشرياني والمستخدمة في تقييم مستويات الأكسجين وثاني أكسيد الكربون
- يوجد إجراء آخر يتبعه الطبيب اعتمادا على الأشعة السينية حيث يتم تصوير الصدر لمعرفة إحتمالية دخول البراز إلى رئتي الرضيع.
ما العلاجات التي تساعد في علاج متلازمة شفط العقي؟
العلاج الفوري أمرا حتميا وضروريا في حالة حدوث متلازمة شفط العقي , ويهدف إلى إزالة العقي الداكن اللون من الجهاز التنفسي العلوي للطفل . ويوجد إجراء متبع آخر يقوم فيه الطبيب بإمتصاص العقي من أنف الطفل, وفمه, وحلقه مباشرة بعد الولادة .
ولكن ماذا يحدث في حالة عدم استجابة الطفل المولود حديثا ؟
سيتجه الطبيب فورا إلى وضع أنبوبًا في القصبة الهوائية في حال عدم تنفس الطفل حتى يتاح له إمكانية سحب وامتصاص السائل المحتوي على العقي من القصبة الهوائية. وفي بعض الأحيان يستمر الطبيب في جعل الإجراء يحقق أقصى مالديه حتى يتمكن من رؤية العقي الداكن بارزا في السائل الممتص
بالنسبة للحالات التي يتوقف فيها تنفس الطفل , أو تنخفض ضربات قلبه ، فسوف يستخدم الطبيب كيسًا وقناعًا لكي يساعد الطفل على التنفس. وتتمثل وظيفة تلك الأجهزة في توفير الأكسجين فضلا عن أهميتها في زيادة حجم رئتي الطفل. وفيما يتعلق بعدم قدرة الطفل على التنفس من تلقاء نفسه سيحتاج ذلك أن يقوم الطبيب بوضع أنبوب في القصبة الهوائية للرضيع لمساعدته على التنفس .
ولكي يتم تدعيم كل تلك الإجراءات العلاجية , يفضل أن يتم إدخال الرضيع إلى وحدة العناية المركزة لمراقبة معدلات تنفسه . وفي بعض الحالات تظهر الحاجة إلى علاجات إضافية تجنبا لتطور أي مضاعفات لمتلازمة شفط العقي. ويمكن رصد خمسة علاجات شائعة على النحو التالي :
- العلاج بالأكسجين يفيد في التحقق من وجود كمية كافية من الأكسجين في الدم
- يعد استخدام سخان من الأساليب الفعالة أيضا لمساعدة طفلك على الحفاظ على إستقرار درجة حرارة جسمه
- المضادات الحيوية مثل الأمبيسلين والجنتاميسين لمنع أو علاج الالتهابات
- في بعض الأحيان يمكن الإستعانة بجهاز التنفس الصناعي لمساعدة طفلك على التنفس
- أكسجة الغشاء خارج الجسم (ECMO): يتم اللجوء إليه في حالة عدم فاعلية أيا من العلاجات الأخرى وعدم تحقيقها لنتائج فعالة ,أو أن طفلك لايستجيب لما سبق , أو يعاني من ارتفاع ضغط الدم في الرئتين ويقوم أساس عمله على استخدام المضخة وجهاز وظائف الرئة .
ما هي مضاعفات متلازمة شفط العقي؟
- الأمر الجيد هنا يتمثل في عدم معاناة الأطفال المصابين بالمتلازمة من أي مضاعفات على المدى الطويل . ورغم ذلك, قد تسبب بعض الآثار الخطيرة على صحة الأطفال حديثي الولادة ,ويكون تأثيرها مباشرا كما أن وجود العقي في رئتي الطفل يزيد من التسبب بالعدوى والإلتهاب
- قد تحدث حالة إنسداد للممرات الهوائية أو يمكن أن نطلق عليها المسالك الهوائية , وهذا من شأنه يؤدي إلى تضخم الرئتين . مع تورم الرئة وتوسعها , يمكن أن تتعرض للتمزق أو الفشل وفي أحيان أخرى قد يحدث تراكم الهواء من داخل الرئتين في تجويف الصدر وحول الرئتين. وهذا مايطلق عليه استرواح الصدر، والتي تجعل من الصعوبة تجديد الرئتين.
- قد تحدث أيضا أنواع أخرى من المضاعفات مثل تلك الحالة التي يطلق عليها ارتفاع ضغط الدم الرئوي المستمر لدى الرضع وتؤدي تلك الحالة الصحية المتعلقة بارتفاع ضغط الدم في الأوعية الدموية الرئوية بالحد من تدفق الدم مما يعوق تنفس طفلك بشكل صحيح.على الرغم من أن ارتفاع ضغط الدم الرئوي عند الرضع تعد حالة نادرة الحدوث ولكنها مهددة للحياة.
- لاتقلقي فنادرا ماتحدث , حيث يمكن أن تترك متلازمة شفط العقي بعد الآثار المقيدة للأكسجين في دماغ الطفل , مما يعرضه لإصابة دائم بتلف الدماغ .
الوقاية من متلازمة شفط العقي
الاكتشاف المبكر هو أفضل إجراء وقائي للوقاية من متلازمة شفط العقي. يمكن أن تحدد مراقبة الجنين قبل الولادة ما إذا كان الطفل ضعيفًا.
لنؤكد هنا على أهمية الإستكشاف المبكر والمتابعة الدقيقة حيث يشكلان أفضل اجراءات وقائية لمتلازمة شفط العقي فمن شأن متابعة الجنين على شاشة الموجات فوق الصوتية تحديد وجود مشكلة صحية من عدمه ,يمكن لطبيبك اتخاذ خطوات لتقليل ضعف طفلك أثناء المخاض وتقليل فرصة الإصابة بالمتلازمة.