من الطبيعي أن يشعر الأشخاص بالخوف والرهبة والقلق في الأوقات التي تؤثر على مشاعره بالسلب أو تلك التي يواجه خلالها مخاوف أولحظات مثيرة للحزن والإكتئاب ,أما أن يتملكه أحاسيس مضطربة في اللحظات المفعمة بالسعادة فإن ذلك من الأمور غير المنطقية التي تفيد بوجود جانب غير عقلاني لذلك فإن كثيرا من الأشخاص يتداولون مصطلح (الشيروفوبيا) لإطلاقه على أعداء الفرح والمناسبات السعيدة , والذين يعانون من رهاب الأحداث الإيجابية .. وسوف نتحدث بمزيد من التفاصيل عن أسباب متلازمة الخوف من السعادة .
حول متلازمة الخوف من السعادة
في حين أنه من الشائع أن يشعر الأشخاص بنفور من الاحداث السلبية المزعجة فإن هناك آخرون يسيطر عليهم اضطراب ليس له مبرر بأن الحدث السعيد مقدمة لأشياء حزينة قد تحدث , وأن الفرح لن تكتمل , وقد يعتبر البعض تلك الحالة مجرد شىء عابر إلا أنه في الحقيقة من ضمن الحالات النفسية التي تحمل تأثيرات سلبية على الأنماط الحياتية للأفراد , فوفقا لتلك الحالة فإن السمة السائدة التي تميزها تتمثل في شعور الشخص بالقلق والتوتر في ظل الأوقات المليئة بالسعادة , حتى أنه يحاول أن يجعل نفسه بمنأى عن الإقتراب من شتى المواقف الباعثة للسعادة , نظرا للمعتقدات المسطيرة على تفكير الأشخاص بأن البدايات فقط هي ماتشملها روح السعادة بينما تكون محملة في طياتها بالمشاعر السلبية الإنهزامية .
سوف نتناول كل مايتعلق بمتلازمة الخوف من السعادة بناءا على ماأقره أخصائي الصحة النفسية
الأعراض الشائعة لمتلازمة الخوف من السعادة
نستطيع أن نقول أن الشخص مصاب بإضطراب الشيروفوبيا عقب ظهور عدد من الأعراض المرضية التي تتداخل بشكل مباشر مع أسلوب حياة المصابين , ومن بين الأعراض الرئيسية الإبتعاد عن الإختلاط مع الأشخاص الآخرين وتجنب حضور المناسبات الإجتماعية , والتجمعات العائلية , والأنواع المختلفة من الحفلات , وذلك نتيجة الفرح لديهم بمشاعر اضطرابية ترفع من مستويات التوتر والقلب , حيث ينتاب الأشخاص نوعا من القلق المفرط لمجرد وجود توقعات بشأن اقتراب حدث سعيد يحمل أجواء مفرحة , وأن هذا إشارة تشاؤمية بأن المصائب سوف تنهال عليهم .
علامة أخرى تطرأ على المصابين بإضطراب الخوف من السعادة حيث تتمكن منهم فكرة أن الحدث السعيد مجرد إنذار بوقوع شىء حزين على وشك الحدوث , مما يجعل الشخص يحاول أخذ نفسه بعيدا عن أي مصادر للسعادة أو التفاؤل
ويضاف إلى ذلك أن مصابي الشيروفوبيا يكونوا أكثر ميلا لجانب التشاؤم حتى مع الفترات المفترض أن تحمل شعورا بالبهجة , لتنتشر السلبية في كل مكان , بالإضافة إلى ظهور بعض العوامل الرافضة لتقبل أي رغبة أو طموح نحو أي تغيير إيجابي مثل تحقيق نجاحات عملية , أو على الجانب العاطفي والحياة الشخصية , نتيجة للإعتقاد بأن كل شىء سيتحول في نهاية المطاف إلى مصدر لتحطم القلب, والفشل .
اقرأ أيضا فوبيا الخوف من المرض..هل تعانين من هذا النوع من الرهاب ؟
العلامات الدالة على الـإضطراب
- عدم قبول الشخص ورفض الإستجابة لأي أنماط جديدة من التغيرات الحياتية التي تحفز مشاعر السعادة
- قبول أي دعوة لحضور المناسبات والإحتفالات السعيدة , وحفلات الزفاف بالرفض
- يعد الشعور بالفرح دلالة لديهم على اقتراب مصائب حياتية
- رفض الإندماج مع الآخرين ومشاركتهم الوجدانية في الأحداث السعيدة واختيار الوحدة والإنطواء
- إعلانهم عدم مشاركة الآخرين فى أى شىء يشعرهم بالسعادة ويفضلون العزلة.
- التعرض لنوبات البكاء عند استقبال أي مواقف سعيدة
أسباب متلازمة الخوف من السعادة
بالرجوع إلى الأسباب التي تقف وراء حدوث متلازمة الخوف من السعادة فإنه يوجد عاملين هامين مابين نفسي واجتماعي يتداخلان مع هذا الإضطراب , حيث أن مرور الأفراد بتجارب مؤلمة وحزينة جاءت بعد لحظات من الفرح في فترة سابقة من حياته جعلته يقوم تلقائيا بالربط بين أي لحظات تسبب الألم فيما بعد نتيجة للتأثير العميق , فضلا عن وجود بعض المعتقدات السائدة في أذهان الأشخاص من ثقافات تربط بين الأحاسيس المفرطة بالسعادة وجلب الحظوظ السيئة مما يزيد من المخاوف والتحسس لأي لحظات فرح
يوجد سبب آخر أرجعه أخصائي الطب النفسي إلى أساليب التربية التي تشوبها تحذيرات دائمة من التعرض للأضرار أو المخاطر مما يساهم في تغذية شعور الفرد بمخاوف بلا مبررات من السعادة , حيث تتسم تلك الظروف البيئية التي نشأ فيها الفرد بالربط بين الشعور بالسعادة والهلع والتردد , ولاتتوقف الأسباب على تلك العوامل فقط , بل يمكن أن تتداخل تلك المتلازمة مع اضطرابات عقلية أخرى مثل الاكتئاب أو القلق، مما يضاعف من احساس الخوف من أجواء البهجة .
علاج متلازمة الشيروفوبيا
لاداعي للقلق حيث أن هذا الإضطراب من الممكن علاجه , وسوف يستجيب للتقنيات العلاجية التي تتضمن عدة أساليب نفسية بهدف تقديم العون للمصابين لمواجهة مخاوفهم وتحقيق التوازن في الحياة
ويمكن الإستفادة من سيكولوجية العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الذي يعد من أشكال العلاج النفسي القائم على اختبار المصاب لنوع من التحديات المحملة بالأفكار السلبية والصور الذهنية الخاطئة ذات الصلة بالسعادة واستبدالها بأخرى إيجابية مما يدعم من استقبال الحياة بقدر كبير من التفاؤل بالإضافة إلى تفعيل عدد من التقنيات المعززة للإسترخاء لإدارة المواقف المثيرة للقلق مثل تمارين التنفس العميق للتخفيف من حدة التوتر الناجم عن مشاعر الفرح
من بين التوصيات التي وضعها كثير من أخصائي الصحة النفسية هي تلك الخاصة بالبحث في ماضي الأشخاص والتعمق في الجذور للبحث عن المشاعر الدفونة منبع اضطراب الخوف من السعادة وتحديدا ذات الصلة بخوض تجارب مؤلمة في مرحلة سابقة من الحياة وهنا سوف يفي العلاج بالتعرض بالغرض من خلال تقديم عرض تدريجي من أحداث باعثة للسعادة لتحطيم علاقة الإرتباط غير المبررة بين الفرح والمشاعر السلبية