بعد انقضاء فترة الحمل بمتاعبها وأعراضها, وبداية عهد جديد يتم فيه استقبال الطفل الذي كان جنينا في الرحم إلى العالم الخارجي فإن الأم تدخل في مرحلة انتقالية أخرى تتحول فيها من الإنتباه على صحتها وصحة الجنين من حيث نوعيات الطعام ,والأدوية المستهلكة ,أو مخاطر السقوط أو الإصابات إلى تتبع كل مايخص طفلها كنوع من المراقبة الملموسة للتطورات التي يمر بها الطفل تزامنا مع نموه يوما بعد يوما , وفي حين توجد اختلافات فردية بين طفل وآخر من حيث اتقان مهارة المشي حيث لايبدأ جميع الأطفال المشي في نفس المرحلة العمرية فهناك أطفال ينطلقون عند عمر 9 أشهر وهناك من يعانون من التأخير حتى بلوغ 18 شهرا الأمر الذي يصبح أكثر إثارة لقلق ومخاوف الآباء .. وسوف نقدم من خلال مقالنا التالي أسباب تأخر المشي عند الأطفال .
تأخر المشي عند الأطفال
المشي من ضمن المهارات الحركية التي تتطور لدى الطفل بشكل تدريجي , وقد يسبقه قيام الطفل بالزحف سواء على البطن ,أو اليدين والقدمين, أو المقعدة في حين أن ذلك ليس شرطا أن يحدث ذلك حيث يتخطى بعض الأطفال تلك الخطوة ويتخذون طريقهم في المشي منذ البداية , وهنا يصبح السؤال المطروح عقب رؤية الصغير قد وصل إلى 18 شهرا من عمره ولم يمشي بعد متحمورا حول العوامل المسببة لحالات تأخر المشي لدى الأطفال , وهل يحمل الأمر مؤشرات خطيرة ؟ أم أنه مجرد أمر طبيعي غير مثير للقلق .
ربما تدور بعض المقارنات داخل عقلك والتي يشملها مدى تطو طفلك لبعض الأنشطة ومن ضمنها المشي حيث تجدين أنه في الوقت المفترض أن يكون يتدرب على ذلك مازال في مرحلة الزحف مستغرقا فيها وقتا طويلا دون الإنتقال إلى المهارة الأكثر تطورا حتى أن عضلات قدميه مازال غير متزنة ويحتاج منك مساعدة لكي يخطو خطواته الأولى , وقبل البحث عن علاج يجعل الطفل يمشي ثم يجري بعد ذلك مهرولا فمن المهم أولا معرفة الأسباب
تأخر المشي عند الأطفال بعد عمر السنة
قد يتجاوز طفلك عام من عمره دون أن يمتلك القدرة على المشي , ويصنف ذلك في بعض الأحيان على أنه تأخيرا ولكن يمكن الإستناد إلى جدول التطور النمائي لدى الطفل
- ببلوغ عمر 6 أشهر : ينجح الطفل في استخدام ذراعيه مع القيام برفعهما عقب وجوده في وضعية الإستلقاء على البطن , كما يمكن أن يتمكن من الجلوس بدعم من الآخرين .
- ببلوغ عمر 9 أشهر: يمكن للطفل أن يكون أكثر إجادة لإتخاذ وضعية الجلوس بدون مساعدة من الأم , مع اتقان مهارة الزحف والوصول إلى مستوى أفضل
- بحلول 10 أشهر: عند الوصول إلى هذا العمر يمكن للطفل ابتكار أدوات مساعدة له على المشي بأن يمشي متكئا على أثاث المنزل
- ببلوغ عمر 12 شهرا: يحقق الطفل هدف الثبات في المشي بمساندة الوالدين
- عند بلوغه 18 شهرا: تحدث طفرة من التطور يثبت خلالها الطفل أقدامه على الأرض دون دعم بالإضافة إلى قيامه بصعود السلالم مستخدما ركبتيه كداعم له
أسباب شائعة لتأخر المشي عند الأطفال
تم الإتفاق بين أغلب الباحثين في علم الأطفال بناءا على دراسة أنماط التطور الحركي التي يجب أن يمر بها الطفل بأنه كقاعدة عامة يجب أن يكون الرضيع متقنا لمهارة المشي بدون الحصول على الدعم من الأم أو الوالدين عموما بحلول نهاية 18 شهرا من عمره , وبدون ظهور علامات تترجم قدرة الطفل على المشي بمفرده فإن ذلك يعتبر تأخيرا يجب البحث عن أسبابه
وضع الأطباء والخبراء في مجال صحة الأطفال مجموعة من الأسباب التي تفسر ظاهرة تأخر المشي لدى الأطفال على النحو التالي:
-نقص الأكسجين أثناء الولادة
يمكن أن يكون تأخر المشي لدى الطفل مرتبطا بمشكلة الضائقة الجنينية وهي من المضاعفات ذات الصلة بالمخاض والتي تنذر بوجود مشكلة في إمدادات الأكسجين الذي يحدث انخفاض في مؤشراته سواء قبل أو أثناء الولادة , وسوف ينعكس ذلك سلبا على صحة الدماغ مسببا اعتلال في المخ , حيث أن وجود نقص حاد في وصول الأكسجين بكميات كافية لتغذية خلايا الدماغ سوف يسبب معوقات أمام حركة العضلات بشكل طبيعي
-الإضطرابات العصبية
يمكن أن يكون الضعف الشديد الطارىء على عضلات الطفل راجعا إلى مشكلة في الأعصاب حيث لايستطيع الطفل تنسيق حركة عضلات قدميه , ومع عدم القدرة على حفظ توازنه فإنه يواجه صعوبات في المشي نتيجة لمعاناته من اضطراب عصبي مثل متلازمة داون , أو الشلل الدماغي خاصة إذا اقترنت الأعراض بصعوبات بلع الطعام , وعدم القدرة على الكلام,
اقرأ أيضا ما هو اختبار هرمون النمو (GH) لقياس مستوى طول الطفل؟
-قصور الغدة الدرقية
يمكن أن يكون سبب عدم تمكن طفلك من المشي وانضمامه إلى فئة المتأخرين سببه قصورا أو خمولا في وظائف الغدة الدرقية الأمر الدال على وجود نقص في نشاطها نتيجة لعدم انتاجها مايكفي من الهرمون الدرقي المنظم للعديد من العمليات الحيوية وهنا يمكن توقع مشكلات قصر القامة , وتأخر النمو البدني والعقلي لدى الأطفال.
أسباب أخرى لتأخر المشي لدى الأطفال
- قد يكون الطفل يعاني من أحد المشكلات المسببة لضعف ولين العظام مثل انخفاض مستويات فيتامين د أو الكالسيوم وكلاهما من العناصر الأساسية المهمة في تعزيز البنية العظمية ومقاومة مشكلات الهشاشة والكسور
- يتداخل العامل الوراثي أيضا مع الأمر حيث يمكن أن يشخص الطفل بضمور العضلات الشوكي والذي يستهدف الخلايا العصبية المسئولة عن الحركة في الحبل الشوكي الأمر الذي ينتهي بإنهيار في وظائف العضلات, وينضم إلى الأسباب أيضا بعض الأمراض المؤثرة على حركة الطفل مثل خلل التوتر العضلي، أو الكساح.
- لايمكن أن نستثني أيضا بعض الأنماط الحياتية غير الصحية مثل العادات الغذائية الخاطئة التي تسبب مشكلات السمنة المفرطة والوزن الزائد لدى الأطفال , أو شعور كامن بالخوف المسيطر على الطفل من تجربة المشي ذاتها , وفي تلك الأثناء لابد من القيام بتشجيعه على الإنطلاق في خطواته الأولى
- يضاف أيضا إلى الأسباب عامل سوء التغذية عندما يحدث نقص حاد في مستويات الفيتامينات والمعادن الموجودة في جسم الطفل , وعدم الحصول على قدر كافي من فوائد أشعة الشمس.
حان وقت الذهاب إلى الطبيب
إذا وصل الطفل إلى عمر 20 شهر دون أن يتمكن من المشي فلابد من الذهاب إلى الطبيب لإخضاعه لبعض التحاليل والفحوصات الطبية للكشف عن السبب وراء التأخر, ومع قياس مدى القوة العضلية وبناءا عليه يتم تحديد الخيارات العلاجية المناسبة
يتجه الطبيب إلى التوصية بإختبار لتحديد مستويات الكالسيوم وفيتامين د في الدم , ويعد هذا الإجراء مهم كخطوة مسبقة قبل اللجوء إلى وصف حقن الكالسيوم , علاوة على أهمية فحص وظائف الكلى والكبد