ماالأشد صعوبة عزيزتي أن تواجهي مشكلتك وجها لوجه بكافة علاماتها المرئية المعلنة أم يكون عدوك خفيا يتربص لكي حتى ينتهز لحظات الضعف ليعلن عن قدومه بشكل أكثر شراسة وأشد فتكا , تلك المقدمة ملائمة تماما لمرض الكبد الدهني الملقب ( القاتل الصامت ) والذي يندرج ضمن الحالات الطبية الشائعة التي تنطوي على تراكم الدهون بشكل متزايد في خلايا الكبد الأمر الذي يؤدي إلى إحداث خلل وظيفي يؤثر على وظائف هذا العضو الحيوي , وعلى الرغم أنه في الغالب قد لايعرف المصاب أنه يعاني منه إلا من خلال الفحوصات , وهنا يكمن الخطر حيث من الممكن أن يفاجئك هذا المرض البسيط ليكشف عن جانبه الخطير الذي يجلب معه مضاعفات تتجاوز كونه مجرد حالة حميدة .. وسوف نجيب من خلال مقالنا هل يمكن أن يتحول مرض الكبد الدهني إلى قاتل خفي ؟
هل يمكن أن يتحول مرض الكبد الدهني إلى قاتل خفي ؟
هل يمكن أن يتحول مرض الكبد الدهني إلى قاتل خفي ؟
تلك الوداعة التي تجعل معظم المرضى يعتقدون خطأ أن هذا المرض لايستدعي كل هذا القلق المفرط المثار حوله , إلا أن الحقيقة سوف تكشف بعض الجوانب السيئة التي كانت غائبة عنك تماما والتي تلغي تماما هذا التصور الذي ترسخ في ذهنك , ففي الواقع لن يتم ملاحظة أعراض في المراحل المبكرة للمرض والتي تكون صامتة في تلك الأثناء في حين أنها تشهد تقدما وتطورا لهذا الداء المعروف بالكبد الدهني غير الكحولي والذي يحمل مزيدا من الخطورة خاصة إذا اتخذ هذا الشكل الملتهب , ومن ثم لابد من التعامل معه بمنتهى الجدية حيث ينتهي بالمريض إلى مواجهة مضاعفات صحية جسيمة تمثلا خطرا كارثيا يمكن أن يكون سببا في تهديد حياتهم
يمكن أن يحدث انتقال في مسار تطور مرض الكبد الدهني ومايتصل به من فرط للشحوم الثلاثية على نحو غير طبيعي داخل الخلايا الكبدية حتى أن التحول يجعل ينتقل من حالة خفية تتشابه أعراضها مع العديد من الإضطرابات إلى تهديد مباشر بخسارة الحياة
المسار التصاعدي الذي يحدد مدى الخطورة : يجعل التنكس الدهني الكبدي الذي يقترن بالآلية الطبيعية لحركة الدهون عبر الخلية والتي يصيبها التعطيل لذلك من البديهي أن يحدث هذا التراكم للدهون مؤديا إلى تشحم الكبد وهذا مايؤدي في مراحل متقدمة لحدوث الإصابة بفشل الكبد والذي ينطوي على بداية حدوث التليف نتيجة ترسبات الأنسجة الندبية ذات التأثير السلبي على وظائف الكبد
من أجل الفهم الدقيق للكيفية التي تجعل الكبد الدهني مميتا , فلابد من إدراك المراحل المتتابعة التي يمر بها المرض ومايرافقه من تطورات:
أولا التنكس الدهني البسيط
التنكس الدهني البسيط
يتم اعتبارها المرحلة الأولية التي تشهد بدايات التنكس , والتي ترتبط بتجمع للدهون وتراكمها في الخلايا الكبدية دون أن يصاحب ذلك أثرا إلتهابيا أو درجة عالية من التلف , وتتميز تلك المرحلة بتضاؤل فرص حدوث المضاعفات الكارثية المؤدية في نهاية المطاف لوقوع الوفاة بشكل مباشر , وعادة لايرافقها أي أعراض متوقعة , حيث يكون التنكس الدهني في تلك الأثناء دلالة على المعاناة من اضطراب أيضي كامن يمثل مقدمة للإصابة بمخاطر أخرى مثل داء السكري , بالإضافة إلى أمراض القلب والأوعية الدموية
ثانيا :التهاب الكبد الدهني غير الكحولي
التهاب الكبد الدهني غير الكحولي
يصبح الأمر أكثر إثارة للقلق حيث تكمن الخطورة الحقيقية في تلك المرحلة الأكثر تقدما وماترتبط بها من توابع سلبية حيث ينتقل التنكس الدهني البسيط إلى التهابا كبديا في إشارة إلى حدوث المعاناة من ضرر مزدوج أشد وطأة ممثلا في تليف الكبد جنبا إلى جنب مع تراكمات للدهون على نحو غير طبيعي
ومن المهم التعامل بقدر كبير من الجدية وعدم تجاهل هذا الإلتهاب الذي يكون من الدرجة المزمنة والذي يؤدي إلى زيادة درجة نشاط الخلايا النجمية في الكبد والتي تلعب دورا حيويا في إطار إصلاح وترميم الأنسجة التالفة , ولكن يؤدي تحفيزها العالي إلى فرط تراكم الأنسجة الندبية , وعلى الرغم أن صمت الأعراض مازال سائدا في تلك المرحلة إلا أنه أكثر حسما في توجيه مسار المرض في اتجاه الوفاة
اقرأ أيضا 6 أعراض تحذيرية تظهر على العيون دلالة على الإصابة بالكبد الدهني
ثالثا : تليف الكبد
تليف الكبد
في ظل استمرارية مشكلة الإلتهاب والتليف معا , فإن معاناة المريض لازالت قائمة , وفي ظل ذلك سوف يكون الكبد متشبعا بالأنسجة الندبية المتضررة التي تقوم بالسيطرة على موتقع خلايا الكبد السليمة وتحل محلها مما يؤدي إلى عقبات تؤثر سلبا على وظيفة الكبد الطبيعية
بالوصول إلى مرحلة تليف الكبد فإن درجة الفشل الوظيفي تكون قد وصلت إلى القمة حين يصبح الضرر دائما ولايمكن التعافي منه حيث افتقد قابليته للعلاج , ويمكن توقع مستوى عالي من التدهور الملحوظ منذرا بعواقب كارثية أشد خطورة تنتهي بالموت المحقق
المضاعفات الأخيرة لتليف الكبد:
أما عن المضاعفات النهائية التي تتطور على المدى البعيد فإنها تمثل الجولة الأخيرة التي تمثل عوامل رئيسية لوقوع الوفاة المقترنة بالكبد الدهني
1-الفشل الكبدي
الفشل الكبدي
عندما تغزو الأنسجة الندبية الكبد لتطغى على الأنسجة السليمة سوف نكون أمام تليف كبدي واضح وواسع المجال يجعل هذا العضو الحيوي فاقدا للكفاءة الوظيفية الحيوية مع وجود خلل في الأداء ,وهذا ماينعكس سلبا على مهامه الأساسية مثل (التخلص من السموم , وإنتاج البروتينات , وضبط مستويات سكري الدم ) لتكون النتيجة الطبيعية ممثلة في تراكم لكميات كبيرة وفائضة من السموم في الجسم , مع ظهور اضطرابات تخثر الدم , إلى جانب مشكلة الإستسقاء ومايتصل بها من تجمع للماء والسوائل في منطقة البطن , ليس هذا فقط بل أن الإعتلال الدماغي الكبدي المؤثر سلبا على وظائف الدماغ يمثل خطرا محتملا ومهددا للحياة , الأمر الذي يستدعي إجراء زراعة الكبد ليظل على قيد الحياة
2-سرطان الكبد (Hepatocellular Carcinoma – HCC)
سرطان الكبد
من أنواع سرطانات الكبد الأكثر شيوعا , والذي تكون بداية حدوثه في خلايا الكبد, ويعد تليف الكبد من ضمن العوامل الرئيسية التي تزيد من فرص الإصابة به بشكله الأولى , حتى في ظل غياب التليف الكبدي بمراحله المتقدم , فإن التهاب الكبد غير الكحولي يرفع من مخاطر حدوث تلك الأورام السرطانية في الخلايا الكبدية خاصة عندما يكون حادا ومكررا , إلا أن الأمر الأشد خطورة يكون مرتبطا بالتليف , ويكشف هذا السرطان الخبيث في الكبد عن أضرار فتاكه لكنها لاتظهر إلا في مراحل متأخرة
ارتفاع ضغط الدم البابي (Portal Hypertension):حيث تزداد مستويات ضغط الدم في الوريد البابي كنتيجة متوقعة ناجمة عن التليف الكبدي ومايتصل به من مقاومة شديدة لسريان الدم عبر عضو الكبد , ويجب الإشارة إلى وظيفة الوريد البابي المختص بوظيفة نقل الدم في مسار من الأمعاء والطحال وصولا إلى الكبد , وتلك الزيادة الكبرى في الضغط تولد :
- دوالي المريء والمعدة :تلك الحالة على علاقة وطيدة بأمراض مثل تليف الكبد والمسئولة عن ظهور الدوالي الممثلة في تلك الأوردة المتضخمة والهشة التي تظهر في المرىء والمعدة والتي تكون معرضة للنزيف الدموي الغزير الأمر المسبب لنزيف داخلي بالغ الخطورة حيث أن حدته تمثل انذارا مهددا للحياة
- الإستسقاء :حين يحدث تسرب للسوائل من الأوعية الدموية إلى الأنسجة فإننا نكون بصدد مشكلة الإستسقاء والمرتبطة بتجمع للسوائل في منطقة تجويف البطن ويصاحب ذلك عدة أعراض مابين أزمات ضيق التنفس , مع زيادة احتمالية الإصابة بالعدوى الإلتهابية الخطيرة على رأسها (التهاب الصفاق البكتيري التلقائي – SBP).
- اعتلال دماغي كبدي :عندما يتم احتباس السموم والمواد الضارة في مجرى الدم بدون تصريف بحيث لايتمكن الكبد من التخلص منها , فإن الضرر يمكن أن يتسع نطاقه وصولا للمخ فيما يسبب بالإعتلال الدماغي الكبدي ويرافق ذلك معاناة المريض من الإرتباك الذهني والتشويش , والخمول والضعف والبدني , بينما في الحالات الأكثر شدة قد تتطور الأمور للدخول في كومة الغيبوبة أو الوفاة
- الأنماط المتكررة من الإلتهابات : يتم اعتبار مرضى تليف الكبد من أكثر فئات الأشخاص عرضة للإلتهابات البكتيرية المتكررة وتحديدا التهاب الصفاق البكتيري التلقائي والتهابات المسالك البولية والجهاز التنفسي، الأمر الذي ينذر بالوفاة التي تكون وشيكة الحدوث
الخطر ذو الأوجه المتعددة
أمراض القلب والأوعية الدموية
بالنسبة لمصدر الخطر الكامن فمن الأفضل أن يتم التعامل معه لكونه ليس مجرد مرض يستهدف الكبد بالإصابة فقط , بل يمثل جزءا لايتجزأ من الإضطرابات الأيضية واسعة النطاق التي ترفع من احتمالات الوفاة دون أن ترتبط بعوامل أخرى غير كبدية نتيجة إصابة مرضى الكبد الدهني بمشكلات صحية لاصلة لها بالكبد ومن أبرزها
أمراض القلب والأوعية الدموية : فمن الممكن أن تمثل الأمراض الوعائية أسبابا رئيسي لشيوع حالات الإصابة بين مصابي الكبد الدهني وربما يصل الأمر إلى حد تجاوز معدلات الوفيات الناتجة عن مضاعفات الكبد , حيث تم استكشاف العلاقة بين حدوث الكبد الدهني وتصلب الشرايين وانسدادها نتيجة تراكم اللويحات الدهنية على جدرانها فضلا عن زيادة مخاطرالإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
داء السكري من النوع الثاني:يصبح مرضى الكبد الدهني معرضين أكثر من غيرهم للإصابة بمرض السكري ومايتصل به من مضاعفات تترك تأثيرها على أعضاء وأجهزة الجسم الحيوية وهذا مايتسبب في المعاناة من (أمراض الكلى، أمراض العين، الاعتلال العصبي)
أنواع معينة من السرطانات :تؤكد بعض الأبحاث على علاقة الإرتباط التي تجمع الكبد الدهني ببعض أنواع الأورام السرطانية ولاسيما سرطان القولون والمستقيم وسرطان الثدي.
حالات تجعل الوفاة أمرا وشيكا
- الفشل الكبدي الحاد أو المزمن :أنه ليس فشل عادي بل أنه غير قابل للعلاج حيث يكون فاقدا للإستجابة العلاجية بعد وصوله لأقصى حالات التدهور إلى الدرجة التي تسبب فشلا مزمنا في أداء وظائفه الحيوية.
- النزيف الحاد من دوالي المريء أو المعدة:تصبح الحالة حرجة عندما لايمكن السيطرة على النزيف الغزير المرتبط به
- التهاب متكرر الصفاق البكتيري التلقائي : الذي يؤدي إلى الإنتان أو تسمم الدم والصدمة في الحالات غير المعالجة منه
- سرطان الكبد في مراحله المتقدم : عندما يكون الورم متضخما أو وصول إلى مرحلة من التفشي والإنتشار واسع النطاق