من الشائع أن تظهر أمامنا أعراض مرئية مرافقة لمعظم الإضطرابات الهضمية التي توحي بوجود مشكلة ما في أحد أعضاء الجهاز الهضمي ووظائفها الحيوية , فمن المعروف أن الإمساك يشير إلى صعوبات إخراج فضلات البراز , كما أنه من جانب آخر يكون الإسهال معبرا عن براز مائي رخو , ولكن ماذا إذا كان الإضطراب يشوبه الغموض ؟ حيث يخبأ بداخله مخاطر خفية دون أن يصاحبه أعراض واضحة ودالة على المرض بعينه بل تختلط بمضايقات هضمية شائعة كإنتفاخ البطن والمغص, والإسهال , وخسارة الوزن , ولكن يمكن أن يتعايشوا لعدة سنوات مع وجود المرض دون رؤية مشكلات معوية ملحوظة, وهذا مانقصده عند الحديث عن السيلياك أو الداء البطني الصامت
ماهو الداء البطني؟
الداء البطني
تتعدد المسميات التي يمكن إطلاقها على هذا الإضطراب الذي يصيب الجهاز الهضمي والذي ينتمي إلى نوعية الأمراض الهضمية المناعية الذاتية حيث يطلق عليه السيلياك , أو داء الزلاقي , مرض حساسية الغلوتين , ويعرفه البعض بالإعتلال المعوي الغلوتيني
أما عن آلية حدوث الإصابة بالمرض فإنه ينشأ نتيجة تفاعلات مناعية في صورة ردود فعل يصدرها الجهاز المناعي للشخص عند تناول أطعمة غنية بالغلوتين والذي يعد بمثابة بروتين يتواجد بشكل خاص في الحبوب خاصة القمح, والشعير والجاودار ,وعلى الرغم من محاولة تكيف العديد من مصابي تلك الحالة مع أعراض معينة يعتبرونها عادية إلا أنها في الحقيقة هذا المرض الذي يمكن أن يتخذ منحنى من التطور الصامت
لماذا يصعب استكشاف داء الإضطرابات الهضمية ؟
لماذا يصعب استكشاف داء الإضطرابات الهضمية ؟
يعد شكل من أشكال الإضطرابات التي تحدث في البطن ولكنها مناعية المنشأ , وربما لايعرف الشخص أنه مصاب به فهو يفتقد للأعراض التي نستطيع أن نعتبرها محددة أو منسوبة لمرض بعينه , فما هي إلا شكاوى عادية من مشكلات عسر الهضم ,وتشنجات البطن لذلك فإن افتقارها للوضوح يجعل هناك صعوبة في وضع تشخيص سريع
والعجيب في الأمر الذي يجعل هذا الداء يوصف بالصامت أن الشخص يكون حاملا للمرض المعوي الداخلي على الرغم من كونه غير مطلعا على الأعراض أي أن الضرر قائما لكن بدون علامات تتسم بالوضوح.
ولنتعرف على بروتين الغلوتين الموجود طبيعيا في بعض الحبوب من قمح وشعير وجاودار وسوف نجد أن في الأصل عبارة عن مركب بروتيني من شأنه إثارة استجابة مناعية في صورة ردود فعل لدى بعض الأشخاص ممن لديهم استعدادا وراثيا حيث يرتبط غالبا بعوامل وراثية أي أن هناك جينات معينة ثم انتقالها من الآباء سببت هذا الداء وعلى الرغم كونه السبب الأكثر شيوعا إلا أن العوامل البيئية قد تتداخل
ويعد إطلاق رد الفعل المناعي ماهو إلا مقدمة تقود إلى تهيج البطانة الداخلية للأمعاء الدقيقة مسببة في تعرضها للإلتهاب والتلف , حيث يتم استهداف الزغابات المعوية , والتي يساعد وجودها في مسار طولي على البطانة في القيام بوظيفة حيوية تقوم على أساس امتصاص العناصر الغذائية من الطعام المهضوم, وغالبا مايتحول الضرر ليكون واضحا للعيان في صورة علامات ملحوظة , الأمر الذي يتطلب سرعة إجراء الفحوصات والإختبارات التشخيصية
أما عن تلك الحالة الكامنة المغلفة بالصمت ,فإن أعراضها لاتكون ظاهرية أو معلنة لذلك فإن المصابون يشعرون أنهم على مايرام ويتمتعون بصحة جيدة حتى أنهم لاتساورهم الشكوك ويعتبرون مرورهم بأي مشكلة معوية أمر عابر وبسيط , وربما يشعرون أيضا بسيطرة التعب والخمول وآلام المفاصل أو أي أعراض أخرى طفيفة يفسرونها وفقا لإعتقادهم بأنها أنيميا ويقومون بالربط بينها الإجهاد المزمن , أو التقدم في العمر أو أي عوامل أخرى
اقرأ أيضا أفضل 5 أنواع من شاي الأعشاب للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي
مضاعفات مرض السيلياك على المدى الطويل
فقر الدم الناجم عن نقص الحديد
غياب الأعراض لايعني بالضرورة عدم تسببها في ضرر , حيث من الممكن أن تتطور في صمت مخلفة عواقب صحية جسيمة طويلة الأمد خاصة في الحالات غير المعالجة منها حيث يكون الخطر داهما وكامنا مهما كان صامتا, ومع استمرار معاناة المصابون بالداء البطني غير المعالج من اعتلالات وتلف مناعي, بالإضافة إلى مشكلة سوء الإمتصاص للعناصر الغذائية , الأمر الذي يؤدي بمرور الوقت إلى الكثير من المضاعفات من أبرزها :
- لين وهشاشة العظام نتيجة التأثير السلبي المسبب لسوء امتصاص عنصري الكالسيوم وفيتامين د.
- المعاناة من الأنيميا الحادة أو فقر الدم الناجم عن نقص معدن الحديد اللازم لعملية إنتاج هيموجلوبين الدم , الذي يحدث دون أن يلاحظة حتى المصاب
- بالنسبة للأزواج ممن يخططون لحدوث حمل قد تواجههم صعوبات العقم , وقد تكون تلك الحالة هي السبب وراء مضاعفات الحمل الصحية
- ارتفاع مخاطر الإصابة بأنواع معينة من الأورام السرطانية مثل سرطان الجهاز الهضمي والأورام اللمفاوية.
- الإضطرابات العصبية , ويشمل ذلك خلل فقدان التوازن , والاعتلال العصبي المحيطي، ونوبات الصداع النصفي.
- مشكلات مؤثرة على صحة القلب والأوعية الدموية، والتي تكون ذا صلة بتطور الإلتهابات المزمنة
- بالنسبة للأطفال فقد يعانون من مشكلات تأخر في مخطط النمو الطبيعي أو اضطرابات مرحلة البلوغ