تعد فترة ما بعد الولادة التي تتكون من 12 أسبوعا من أهم الأوقات التي تحتاج النساء فيها إلى تلقي العناية الخاصة حيث أن أجسامهن في هذه الأثناء تصبح عرضة لحدوث الإصابة بمضاعفات ما بعد الولادة. فالجدير بالذكر أنه إذا لم تكن هناك رعاية صحية جيدة فسوف يزداد الأمر سوءا إلى نتائج سلبية شديدة الضرر على المرأة. لذلك، تحتاج النساء إلى ضرورة الانتباه دائما إلى الأعراض الغير عادية خلال هذه الفترة التي تتطلب الفحص المبكر لتقليل خطر حدوث مضاعفات. وفي العموم هيا نتعرف على بعض هذه الأمراض بمزيد من التفصيل من خلال سطور مقالنا التالية.
ما هي الأمراض التي تعاني منها النساء بعد مرحلة الولادة ؟
يمكن أن تواجه النساء بعد الولادة العديد من المشاكل بداية من الجسدية إلى النفسية، مما يؤثر هذا على صحة ورفاهية الأم وكذلك الوليد. فالجدير بالذكر أن الأمراض أو المضاعفات التي تعاني منها الأم بعد الولادة تسمى بـ “أمراض ما بعد الولادة”، وقد يجهلن بها العديد من النساء. لذا قررنا اليوم أن نتعرف عليها بمزيد من التفصيل.
أولا: النزيف الحاد
في فترة ما بعد الولادة تعاني معظم النساء من حدوث النزيف المهبلي لمدة زمنية تتراوح من 2-6 أسابيع بعد عملية الولادة سواء كانت في صورتها الطبيعية أو القيصرية حيث يكون الدم في خلال هذه الفترة أكثر من الحيض ويحدث على هيئة تكتلات دموية تهدأ وتختفي.
خلال هذه الفترة من الهام جدا الإنتباه إلى تاريخ المرأة المرضي أثناء حملها ففي حالة إصابتها من قبل بـ انفصال المشيمة، أو حدوث بعض العدوى، فسوف يؤدي هذا فيما بعد الولادة إلى الإصابة بالنزيف الحاد أو ما يسمى بالـ (الهيموفيليا). فالجدير بالذكر أن هذا الأمر يمكن أن يسبب مرضا خطيرا أو الوفاة عند التخاذل في التعامل معه.
ثانيا: العدوى
من الوارد إصابة بعض النساء بالتهاب المهبل أو بعض الالتهابات الأخرى في (الرحم، والجهاز البولي، والجهاز التنفسي العلوي، والتهاب الضرع) بعد مرحلة الولادة. فيجب العلم أنه عند اكتشاف هذه الإلتهابات في أوقات مبكرة، قد يصف الطبيب المختص بعض المضادات الحيوية المعنية بعلاج هذه الإلتهابات، ولكن إذا تقدمت العدوى ولم يتم علاجها، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث الإنتان، والخراجات، والانسداد الرئوي، والصدمة الإنتانية.
ثالثا: متلازمة البلوز النفاسي
تعاني الكثير من النساء بعد الولادة من الملل الشديد حيث يسمى هذا بمتلازمة البلوز النفاسي. فالجدير بالذكر أن هذه المتلازمة تظهر عادة بعد فترة زمنية من 3-10 أيام من الولادة وتستمر لمدة 2 إلى 3 أيام.
تشمل الأعراض الشائعة لهذه المشكلة هو حدوث تقلب شديد في المزاج أو القلق المبالغ فيه أو الغضب، في العموم إذا حدث إختفاء لهذه المتلازمة بشكل سريع فلا ينبغي القلق تجاه هذا الأمر، ولكن في حال إستمراره فيجب على الفور الإستعانه بالطبيب أو المعالج النفسي.
يجب العلم أن السبب الدقيق لحدوث ذلك هو التعرض لـ “كآبة النفاسية” التي تحدث نتيجة الإصابة بالتغيرات الهرمونية بعد الولادة، واضطرابات النوم.
إقرأ أيضا: الاضطرابات النفسية بعد الولادة.. الأسباب وطرق الوقاية منها
رابعا: قصور القلب والسكتة الدماغية
بعض النساء بعد الولادة معرضات لخطر الإصابة باعتلال عضلة القلب، وهو نوع نادر من القصور الذي يعمل على إضعاف عضلة القلب ويجعل من الصعب عليه أن يقوم بضخ الدم إلى بقية الجسم إلى جانب هذا تشمل بعض عوامل الخطر الأخرى ارتفاع ضغط الدم، والسمنة، والسكري، وسوء التغذية، وعمر الأم خلال هذا الوقت.
علاوة على ذلك، تحدث حوالي 50 ٪ من حالات الإصابة بالسكتات الدماغية بعد الولادة حيث أن هذا هو الوقت الذي يكون فيه الخطر أعلى، وبالأخص في الأسبوعين التاليين للولادة، ومن الممكن أن يستمر الخطر أيضا لمدة تصل إلى 6 أسابيع.
في العموم يجب إعطاء إهتمام خاص للنساء اللائي لديهن تاريخ مرتبط بالسكتة الدماغية أو علم الوراثة، وهذا لتجنب حدوث الكثير من المشاكل الصحية الخطيرة.
خامسا: الإنسداد الرئوي
خلال فترة ما بعد الولادة من الوارد أن تصاب السيدة بما يسمى بالإنصمام الرئوي الذي يحدث عند وصول جلطة دموية من مكان ما يعمل على إنسداد أحد الشرايين في الرئتين. فعلى الرغم من ندرة حدوث الجلطات الدموية خلال هذه الفترة، إلا أنها أحد الأسباب الرئيسية لحدوث وفيات النساء.
هذا الأمر يتطلب العناية الطبية على الفور، فإذا كان لدى المرأة في هذه الأوقات بعض العلامات مثل تورم الساقين، أو الألم الشديد بهم، أو إرتفاع درجة حرارة جسمها، أو الإصابة بضيق الصدر، أو ضيق التنفس، أو السعال، أو اللهاث، فيجب عدم التخاذل مع هذه الأعراض والتعامل معها بمزيد من الجدية والإهتمام.
سادسا: إكتئاب ما بعد الولادة (PPD)
من المرجح أن تعاني النساء خلال هذه الفترة من إكتئاب ما بعد الولادة حيث يظهر عادة في أول 2-3 أشهر بعد الولادة أو في أي وقت من هذه المرحلة. فالجدير بالذكر أن السبب في حدوث ذلك قد يكون حدوث التغيرات المفاجئة في هرمونات الاستروجين، والبروجستيرون للمرأة، مما يجعل المزاج في حالة تقلبية شديدة وأكثر حساسية. إلى جانب هذا فإن الأحداث المجهدة أثناء الحمل أو بالقرب من وقت الولادة تزيد أيضا من احتمال الإصابة بالإكتئاب خلال هذه الأثناء.
يمكن علاج اكتئاب ما بعد الولادة بالعلاج النفسي أو من خلال الأدوية الموصوفة طبية من خلال الطبيب المختص بالإضافة إلى وجوب أن يكون لدى النساء تاريخ طبي وفحص بدني عام واختبارات روتينية للتشخيص الصحيح وتلقي العلاج الأنسب.
سابعا: إرتفاع ضغط الدم (تسمم الحمل بعد الولادة)
يعد ارتفاع ضغط الدم (تسمم الحمل بعد الولادة) من الأمراض التي تحدث عادة في خلال الـ 48 ساعة بعد الولادة أو يستمر لمدة تصل إلى 6 أسابيع. فيجب العلم أنه عند معاناة المرأة من هذه المشكلة سوف تحتاج إلى ضرورة البقاء في المشفى للحفاظ على استقرار مستويات ضغط الدم وربما تناول الأدوية الموصوفة حسب درجة حدوث هذه المشكلة.
من الهام معرفة أن الإصابة بخطر تسمم الحمل بعد الولادة من الأمور الصحية التي لم يتم تحديد سببها الدقيق بعد، وغالبا ما يكون نسب حدوث الإصابة به مرتفعا لدى النساء اللاتي لديهن تاريخ مرضي من ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب، والأوعية الدموية.
ثامنا: الإمساك
يعد الإمساك في فترة ما بعد الولادة هو عبارة عن اضطراب معوي، يتميز ببعض الأعراض مثل الألم أو الانزعاج، والتقيؤ، والبراز الصلب، والشعور بحركة الأمعاء غير المكتملة.
الجدير بالذكر أنه من الممكن أن تزيد البواسير وآلام العجان وتأثيرات الهرمونات ومقويات الدم التي يتم تناولها طوال فترة الحمل من خطر الإصابة بالإمساك بعد الولادة. لذا يوصى الطبيب وخبراء التغذية بضرورة اتباع نظام غذائي غني بالألياف وزيادة تناول السوائل لدعم التغوط في فترة ما بعد الولادة. بالإضافة إلى ذلك من الممكن القيام بتناول المسكنات والملينات تحت الإشراف الطبي وهذا للعمل على تخفيف هذه المشكلة قدر الإمكان.
تاسعا: إنسداد غدد الحليب
تعتبر مشكلة انسداد قنوات الحليب من الحالات المرضية الشائعة التي تصيب النساء بعد وضعهن أطفالهن حيث تؤثر على الرضاعة الطبيعية بشكل كبير، فيجب العلم أن هذه المشكلة الصحية من الوارد حدوثها بسبب تعرض الجسم للإجهاد الشديد أو التعب أو فقر الدم أو ضعف جهاز المناعة أو الضغط على الثدي.
يمكن التعامل مع هذا الأمر عن طريق العمل على إتباع نظام غذائي صحي، وجدولة الرضاعة الطبيعية المنتظمة، وتغيير أوضاع الرضاعة الطبيعية بشكل علمي للعمل على تقليل هذه الحالة إلى جانب ضرورة الإستعانة بالطبيب وطلب المشورة منه، وفي حالة زيادة الأمر سوء من الممكن تناول الأدوية للعلاج.
يحتاج الزوج والأسرة كاملة إلى ضرورة رعاية المرأة بعد الولادة بصورة كبيرة حتى تتمكن من استعادة صحتها بشكل أسرع، ومن الهام جدا رؤية الطبيب على الفور إذا واجهت السيدة خلال هذه الفترة بعض الأعراض الغير عادية، وتجنب اللجوء للعلاج الذاتي.