خلال مراحل نمو طفلك قد تواجهين عزيزتي الأم العديد من المشاكل الصحية والجسمانية التي تحدث بدون سابق إنذار وعلى غير المتوقع مما يتسبب هذا في دخولك مرحلة من التخبط والإرتباك وعدم فهم. فالجدير بالذكر أن من أهم هذه المشاكل هي مشكلة قصر القامة عند الأطفال. لذا قررنا أن نقوم من خلال سطورنا التالية بالتعرف على هذه المشكلة بمزيد من الفهم مع ذكر أهم أسباب حدوثها وكيف نستطيع التعامل معها؟
قصر القامة عند الأطفال
تعتبر القامة هي عبارة عن الطول الذي يصل إليه الشخص من رأسه إلى قدميه، فعندما يكون هذا الطول أقل من الطول الطبيعي المتوقع للأطفال في فئتهم العمرية، فإن هذا الأمر يسمى هنا بـ “قصر القامة”.
يجب العلم أنه عادة ما يتم قياس قصر القامة من خلال تحديد الطول الذي يتناسب مع العمر والجنس من خلال المعايير النموذجية المتاحة. فلا يغفل علينا أن هذه المشكلة تعد من المشاكل الشائعة جدا التي تصيب عدد كبير من الأطفال حول العالم.
أسباب إصابة الأطفال بقصر القامة
توجد العديد من الأسباب المحتملة لحدوث التعرض لمشكلة قصر القامة عند الأطفال، والتي يجب أخذها في الاعتبار حيث تتمثل فيما يلي:
-
العوامل الوراثية
تلعب الوراثة دورا مهما جدا في تحديد الطول النهائي للشخص. فمن الوارد أن يكون لدي الطفل أحد الأبوين أو الجدين ذو قامة قصيرة، وبالتالي يرتبط ذلك بارتفاع نسب تعرض الطفل لقصر القامة. فالجدير بالذكر أن عدد كبير ممن يعانون من هذه المشكلة لديهم إرثا عائليا يتعلق بالعوامل الوراثية.
-
نقص هرمونات النمو
يعد النقص في هرمونات النمو هو أحد الأسباب الشائعة لإصابة الطفل بقصر القامة. ففي حالة وجود هرمون النمو (GH) بكميات غير كافية في جسم الطفل، فسوف يؤدي ذلك إلى تشوه النمو وقصر القامة. يجب العلم أيضا بأنه من الممكن أن يحدث نقص هرمون النمو بسبب العديد من مشكلات الغدة النخامية في الدماغ، أو الغدة الدرقية أو الغدد الكظرية.
-
المشاكل الصحية الأخرى
قد تسبب الإصابة ببعض الأمراض الصحية الأخرى في حدوث قصر القامة عند الأطفال. فعلى سبيل المثال، عند التعرض لمشكلات الغدة الدرقية فمن الوارد أن يؤدي هذا الأمر إلى قصر القامة لدى الأطفال. كما يعتبر مرض سيلاك، والأنيميا، والأمراض المزمنة الأخرى سببا محتملا أيضا لتعرض الطفل لهذه المشكلة.
-
التغذية غير الصحية
تلعب التغذية السليمة للطفل دورا هاما في نموه وتطوره. فإذا لم يتلق الطفل العناصر الغذائية الأساسية بكميات كافية، فإن ذلك قد يؤثر على نموه وأداء هرمونات النمو في داخل جسمه. لذلك، يجب التأكد من تناول الطفل لنظام غذائي متوازن يشتمل على الفيتامينات والمعادن الأساسي وجميع العناصر الغذائية المفيدة.
-
الأمراض المزمنة
تعتبر الأمراض المزمنة مثل مرض الكلى، والسكري، ومشاكل القلب ،والرئة، والأمراض الهضمية من الأسباب الشائعة لحدوث قصر القامة عند الأطفال. لذا يجب على الأطباء مراقبة الطفل دائما، والتأكد من التعامل المناسب مع أي مشكلة صحية مزمنة قد يعاني منها لتجنب الخوض في مضاعفاتها المُقلقة والمرضية.
إقرأ أيضا: نقص اليود عند الأطفال وتأثيراته السلبية على النمو
طرق تشخيص قصر القامة عند الأطفال
يعد التشخيص المبكر لمشكلة قصر القامة عند الأطفال من الأمور الهامة التي يمكن أن تساعد في تحديد السبب الرئيسي والعلاج المناسب. فمن أهم هذه الطرق يأتي ما يلي:
أولا: التقييم السريري
يتضمن ذلك الأمر القيام بفحص الطفل وتقييم معدل نموه حيث إلقاء نظرة عامة على صحته بشكل شامل.
الجدير بالذكر أنه من الممكن أن يتم الاعتماد على مقاييس النمو الموجودة، مثل منحنى النمو للطول والوزن وهذا لمقارنة نمو الطفل بذويه من الأعمار المماثلة ومن هنا تتم عملية التشخيص.
يجب علينا العلم أن الأطباء في هذه الحالة يقومون بلعب دورا محوريا في تقييم النمو العقلي والجسدي والتاريخ العائلي للطفل وهذا من أجل تشخيص قصر القامة بشكل دقيق.
ثانيا: الفحوصات المختبرية
قد تتطلب بعض الحالات تشخيصا إضافيا يتمثل في ضرورة إجراء الفحوصات المخبرية وهذا للتأكد من وظائف الغدد الصماء والهرمونات التي تؤثر على نمو الجسم.
يمكن أن يتطلب هذا الأمر أيضا استشارة متخصصة حيث الإستعانة بطبيب الغدد الصماء والتغذية، وهذا لإمكانهم القيام بتحليل النمو وفحص العوامل الوراثية والبيئية المحتملة التي تؤثر على نمو الطفل بشكل عام.
ثالثا: الإشاعات وأحدث التقنيات
قد يتضمن التشخيص أيضا اللجوء إلى إستخدام الأشعة السينية للعظام وهذا لتقييم مراحل نمو العظام، وقياس مستويات الهرمونات الجنسية حتي يتم تحديد ما إذا كان هناك أي اضطراب في النمو أم لا.
بالإضافة أيضا إلى أن أمر اللجوء إلى الاستشارة مع أخصائي الأمراض الوراثية أو الوراثة الإكلينيكية يمكن أن يساعد بشكل مباشر في تشخيص الاضطرابات الجينية التي تؤثر على النمو حيث يمكن آنذاك الوقت إجراء اختبارات وراثية للتحقيق في السبب المحتمل لحدوث قصر القامة.
علاوة على ذلك، فمن الممكن أن يتم تشخيص قصر القامة أيضا بشكل مناسب من خلال الاستعانة بأحدث التقنيات المتاحة مثل السلسلة الشبكية العصبية الاصطناعية وتحليل البيانات وهذا للكشف المبكر عن حدوث أي تغييرات في أنماط النمو ومن هنا يتم تشخيص قصر القامة بصورة صحيحة.
طرق علاج قصر القامة عند الأطفال
في بداية الأمر يجب التأكد من أن قصر القامة ليس ناتجا عن مشكلة صحية أخرى قد تؤثر على نمو الطفل. فبعد استبعاد الأمراض الأخرى، يمكن البدء في إتباع طرق العلاج العامة لتحسين النمو والتي تتمثل في الآتي:
– العلاج الهرموني
يتم إستخدام هذه الطريقة العلاجية عن طريق الإستعانة باستخدام الهرمون النمائي لتحفيز النمو. فمن الهام معرفة أنه يمكن استخدام هذا الهرمون المستند إلى الجينات الطبيعية والمتوفرة في السوق، أو يمكن إعطاء الهرمون النموذجي في صورة حقن.
تحدد الجرعة المناسبة التي يتم إعطائها للطفل وفقًا لعدة عوامل، مثل العمر والوزن والمعدل النمائي، ومن ثم يجب مراقبة الطفل بانتظام لتقييم نموه وضبط الجرعة التي يحتاج لها طبقا لحالته الصحية.
– العلاج الدوائي
في هذا النمط العلاجي يتم اللجوء إلى إستخدام الأدوية المشتقة من الهرمونات النباتية أو الحيوانية التي قد تساعد في تحفيز النمو وتحسين طول القامة. فالجدير بالذكر أن من أهم الأدوية المعتمدة في علاج قصر القامة عند الأطفال يأتي هرمون التستوستيرون، وهرمون النمو.
– التدخلات الجراحية
بالإضافة إلى العلاج الهرموني واستخدام الأدوية، يمكن الإجراءات الجراحية حيث يتضمن هذا الأمر القيام بتمديد العظام بواسطة تكسير العظم بلطف وتثبيتها بواسطة آلة خاصة. فمن الهام معرفة أن هذه العملية قد تكون مؤلمة، وتتطلب فترة استشفاء طويلة وعلاج طويل الأمد لتحقيق النمو المطلوب.
– العلاجات البديلة والتكميلية
من طرق العلاج الهامة المعنية بعلاج قصر القامة عند الأطفال يأتي العلاجات البديلة والتكميلية ، والتي تتمثل في التغذية المتوازنة، والغنية بالفيتامينات، والمعادن المُثلى للنمو والتطور الصحي.
إلى جانب ما سبق يأتي أيضا دور العلاج الفيزيائي والفحوصات الدورية للمتابعة، بالإضافة إلى وجوب توفير الأهل والمحيطين الدعم العاطفي للأطفال المصابين بقصر القامة حيث يجد هؤلاء الأطفال أنفسهم غالبا في مواقف صعبة مع الأقران، وبالتالي فإن الدعم المقدم لهم يلعب دورا حاسما في النجاح الشخصي والاجتماعي.
في النهاية، يجب أن نعلم أن علاج قصر القامة عند الأطفال يتطلب التعاون بين الأطباء المتخصصين والأهل والمحيطين. حيث يجب تحديد وتقييم الأسباب المحتملة لقصر القامة وتطوير خطة علاج شاملة تناسب احتياجات الطفل ونموه البدني والنفسي.