عندما نأتي إلى هذه الحياة، نجد أنفسنا محاطين بالكثير من الناس والعلاقات الاجتماعية حيث نعيش في مجتمعات مترابطة ونعمل ونتعامل مع الآخرين في كل جانب من جوانب حياتنا. ومع ذلك، هناك بعض الأشخاص الذين يجدون أنفسهم يختارون العيش في حالة وحدة أما بسبب ما فرضته الظروف الإجتماعية أو بسبب مشكلة نفسية ما. في العموم لا يستطيع أي شخص العيش وحيدا طوال عمره وهذا بسبب ما يحدثه هذا الأمر من أضرار. لذا هيا نتعرف على أهم المخاطر الصحية والنفسية المترتبة على ممارسة سلوك الوحدة بشكل دائم لكي نعمل على تجنبه قدر الإمكان.
ما هو مفهوم الوحدة؟
تُعرف الوحدة بأنها الشعور بالعزلة والانفصال عن العالم الخارجي، حتى عندما يكون الفرد محاطا بالعديد من الأشخاص. فمن الهام معرفة أن الأفراد الذين يعانون من الوحدة يشعرون بالإحباط والحزن الدائم، ويجدون صعوبة في إقامة علاقات صحية مع الآخرين.
يجب الإنتباه جيدا لحالة الوحدة المستمرة التي من الممكن أن تؤثر على صحة الإنسان العقلية والجسدية بشكل سلبي كبير وبصورة ملحوظة.
ما هي الآثار السلبية المترتبة على معاناة الفرد من الوحدة؟
توجد العديد والكثير من الآثار السلبية التي قد تنتج عن إتباع سلوك الوحدة وبشكل دائم حيث تتمثل فيما يلي:
أولا: التأثيرات النفسية
يتأثر الفرد نفسياً بشكل كبير عندما يعاني من الوحدة حيث يمكن أن يشعر بالحزن والاكتئاب والقلق والضيق النفسي. فيجب علينا العلم أن حالة الوحدة تعد سببا رئيسيا للشعور بالعزلة والفراغ العاطفي الذي يؤثر على المزاج والسعادة بوجه عام.
مع مرور الوقت وفي ظل إستمرار هذه الحالة، قد يتطور الشخص المصاب إلى حد الاكتئاب الفعلي والانطوائية، فعلى المدى البعيد قد يزيد احتمالية تطور المشاكل إلى الإصابة بإضطرابات النوم، وتعزيز الرغبة في الانتحار، حيث يشعر الفرد بعدم الأمل ويفقد الشغف والرغبة في الحياة
ثانيا: التأثير على الصحة العامة للفرد
عندما لا يشعر الفرد منا بالدعم الاجتماعي اللازم فقد يتسبب هذا الأمر إلى ميله للعزلة وتجنب التفاعلات الاجتماعية. مما قد يترتب على هذا الأمر تناول العديد من الأطعمة الغير صحية مثل اللحوم المصنعة والمقليات والمشروبات الغازية بالإضافة إلى ممارسة بعض السلوكيات السيئة مثل السهر المفرط والتعرض لللوسائل الإلكترونية بصورة كبيرة.
يترتب على جميع ما قمنا بذكره حدوث تدهور كبير في الحالة الصحية. بل قد يمتد الأمر إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري وما ينتج عنها بعد ذلك من مضاعفات كثيرة وعديدة.
ثالثا: الخلل في العلاقات الإجتماعية
تستطيع الوحدة أيضا أن تؤثر على العلاقات الاجتماعية للفرد حيث يجد الشخص صعوبة في إقامة علاقات طويلة الأمد أو الاحتفاظ بصداقات قوية ووطيدة. فإذا كان الفرد يشعر بالوحدة بشكل مستمر، فقد يتجنب بشكل مستمر التواصل مع الناس، وهذا بسبب عدم قدرته على إقامة علاقات وثيقة معهم.
هذا السلوك الإنطوائي قد يؤدي إلى مشاعر العزلة والانفصام الاجتماعي الذي يؤثر على شعور الفرد بالانتماء والمشاركة في المجتمع بشكل فعال.
رابعا: إفتقاد وإندثار الدوافع
تؤثر الوحدة على الأداء اليومي للفرد. فالجدير بالذكر أنه عندما يشعر بالوحدة ، فإنه يفقد الحافز والاندفاع للقيام بالأنشطة اليومية. فعلى سبيل المثال، قد يجد الشخص صعوبة في الذهاب إلى العمل أو الاستمتاع بالهوايات أو حتى مباشرة تلك المهام اليومية البسيطة او ممارسة المهام الترفيهية مما قد يؤدي ذلك إلى حدوث تدهور في الأداء المهني والشخصي وتراجع الإنتاجية بشكل واضح وملحوظ للجميع.
كيف نعمل على التقليل من سلوك الوحدة قدر الإمكان؟
من المهم أن نبدأ في العمل على التقليل من سلوك الوحدة قدر الإمكان لتحسين جودة الحياة بصورة أو بأخرى. وفيما يلي سنقوم بذكر بعض النصائح والاستراتيجيات التي يمكن اعتمادها لكي يتم تحقيق هذا الهدف:
— المشاركة في الفعاليات الإجتماعية والأنشطة
يجب علينا أن ندرك أهمية أخذ وقت للمشاركة في الفعاليات الاجتماعية مع الأصدقاء والعائلة حيث يمكن أن نقوم بالانضمام إلى نوادي رياضية أو جمعيات تطوعية أو الانخراط في هوايات مشتركة مع الآخرين. فالجدير بالذكر أن هذه الفعاليات تعزز الترابط الاجتماعي وتخلق فرصاً رائعة في التواصل.
— الاهتمام بالصحة العقلية
يعد الاهتمام بالصحة العقلية أمرا حيويا في التقليل من سلوك الوحدة المباشر حيث ينبغي علينا أن نتعلم كيف ندير التوتر والقلق ونهتم بأنفسنا. لذا يمكننا اللجوء إلى ممارسة تمارين اليوغا أو التأمل أو القراءة للتغلب على الضغوط النفسية.
— إستخدام التكنولوجيا بشكل صحي ومتوازن
على الرغم من أن التكنولوجيا قد تكون أداة قوية للتواصل الاجتماعي، إلا أنه يجب علينا استخدامها بشكل متوازن حيث يمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط لهذه التكنولوجيا إلى الانعزال وتقليل التواصل الشخصي. لذا فمن الضروري اتخاذ فترات من الوقت بدون إستخدام هواتف أوأجهزة ذكية وهذا للتفاعل مع الآخرين والبيئة المحيطة.
— تعلم العديد من المهارات الإجتماعية
يمكن للمهارات الاجتماعية أن تكون أداة قوية للتقليل من سلوك الوحدة حيث يجب علينا أن نتعلم كيفية إقامة علاقات إيجابية وصحية مع الآخرين حتى نستطيع تعزيز مهاراتنا الاجتماعية من خلال الاستماع الفعال، والتواصل الواضح، والتعاون مع الآخرين في بيئة غير تنافسية.
— السفر وإكتشاف ثقافات جديدة
يعد السفر فرصة رائعة للتواصل الاجتماعي والتوسع في دائرة المعارف. فعندما نسافر ونكتشف ثقافات جديدة، سوف نقوم بالتعرف على أشخاص جدد ومن تنفتح لنا أفاقا جديدًا للتفاعل والتواصل.
في النهاية، يمكننا أن نعمل جاهدين على التقليل من سلوك الوحدة قدر الإمكان فتبعياته السلبية تجعلنا نسعي للتغلب على هذا الأمر بجميع الطرق الفعلية والمتاحة.