يعتبر تناول الطعام بشراهة أحد أهم أنواع إضطرابات الأكل التي تظهر عند قيام الأشخاص بالحصول على المزيد من الطعام بنهم، وبكميات كبيرة جدا، وذلك خلال فترة زمنية قصيرة، حتى في عدم لحظات الجوع، لهذا سوف نقوم خلال مقالنا اليوم بالتعرف بمزيد من التفصيل على أسباب حدوث هذا الإضطراب، وأعراضه، والطرق التي من الممكن أن تساهم في علاج هذه المشكلة.
إضطراب شراهة تناول الطعام
عند معاناة الأفراد من هذا الإضطراب من الوارد شعورهم في كثير من الأوقات بالذهول أثناء سلوكهم الشره هذا، فقد يصل الأمر إلى تناولهم الطعام على إنفراد لأنهم يشعرون بالحرج، أو الذنب، أو الاشمئزاز من ذلك السلوك، حتى في أوقاتهم التي يرغبون فيها بالتقليل من كمية الطعام التي يتناولها، فمن الممكن أن يؤدي هذا إلى حلقة مفرغة يصعب كسرها، من خلال إرتفاع مستويات السكر في الدم، وإنخفاضها بشكل سريع، حيث يؤثر مستوى السكر في الدم على مدى الشعور بالجوع، ومقدار الطاقة التي يمتلكها الجسم، فعندما ترتفع المستويات، وتنخفض بشكل سريع، فهذا السلوك يرسل رسائل خاطئة إلى الدماغ، ويسبب الرغبة الشديدة في تناول الطعام عندما لا يحتاج الجسم إليه، وتظل مشكلة إضطراب الشراهة قائمة بدون أي تغيير.
ما هي أعراض الإصابة بإضطراب الشراهة عند تناول الطعام؟
من أهم العلامات الرئيسية لحدوث هذا الإضطراب هو طريقة تناول الطعام بنهم، وإفراط الشخص في تناول الطعام بشكل منتظم،إلى جانب هذا فهناك عدد من العلامات التي تشير إلى أن نوبة الإفراط في تناول الطعام هي في الواقع مشكلة كبيرة، ويجب التعامل معاها بمزيد من الوعي، بما في ذلك:
- تناول الطعام بشكل أسرع بكثير من المعتاد.
- عند الإنتهاء من تناول الطعام يتملك الفرد شعور الشبع الغير مريح نفسيا، وجسمانيا.
- تناول كمية كبيرة من الطعام حتى في لحظات عدم الجوع.
- تناول الطعام بشكل سري بسبب تملك المصاب الشعور بالحرج من كمية الطعام التي يتم تناولها.
- الشعور الدائم بالذنب، أو الخجل.
إقرأ أيضا: تقلبات المزاج السريعة.. أعراضها وأسبابها وطرق علاجها
ما هي أسباب حدوث اضطراب الشراهة عند تناول الطعام؟
ليس من الواضح ما الذي يسبب إضطراب الشراهة عند تناول الطعام، ولكن، يعد هذا الإضطراب مثل العديد من اضطرابات الأكل، ينظر إليه على أنه وسيلة للتعامل مع مشاعر التعاسة، وتدني إحترام الذات، حيث يحدث ذلك بسبب بعض العوامل، سنقوم بذكرها في السطور التالية.
أولا: العوامل النفسية
يشترك العديد من الأشخاص الذين يصابون بإضطراب نهم الطعام في أنماط معينة من التفكير، والسلوك قد تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة، وتشمل هذه الأنماط ما يلي:
- الميل نحو الاكتئاب، والقلق الدائم.
- صعوبة التعامل مع التوتر، أو الغضب، أو الملل، أو الشعور بالوحدة.
- تدني إحترام الذات، وانعدام الثقة بالنفس.
- الشعور بعدم الرضا عن الجسم.
- الوقوع تحت ضغط نفسي رغبة في تنحيف الجسم.
- القلق المتكرر، والشعور بالخوف، أو الشك بشأن المستقبل، وأحداثه.
- صعوبة التعبير عن المشاعر.
فغالبا ما يكون الشراهة عند تناول الطعام طريقة للتعامل مع الضيق، والعوامل المذكورة سابقا يمكن أن تجعل من الصعب على شخص التعامل مع الضيق بطريقة صحية، مما يؤدي إلى الإصابة بهذا الإضطراب.
ثانيا: العوامل البيئية
البيئية المحيطة هي جزء من حياتنا اليومية، والأحداث التي تحدث لنا من الممكن أن تؤثر على صحتنا العقلية بعدة طرق، بسبب أنها تغيرات حياتية مجهدة، فعلى سبيل المثال الانتقال من المنزل، أو انهيار بعض العلاقات الشخصية، أو وفاة أحد أفراد العائلة فكل هذه المواقف من الممكن أن تجعل الشخص أكثر عرضة لبدء الشراهة عند تناول الطعام، وذلك كوسيلة للتكيف.
قد تلعب الثقافة، والمجتمع دورا ملحوظا في تعرض الأفراد من جميع الأعمار لمجموعة واسعة من الرسائل الإعلامية، والثقافة المجتمعية التي تروج لفكرة أن أشكال معينة فقط من الجسم هي المرغوب فيها، وإن عدم وجود الجسم “المثالي” هو شيء يجب أن يخجل منه الفرد، حتى النصائح الصحية التي تهدف إلى أن تكون مفيدة يتم التركيز فيها على مخاطر زيادة الوزن، والتي يمكن أن تضيف إلى المصاب مشاعر الضغط، وتدني احترام الذات.
تتضمن العوامل البيئية الأخرى التي يمكن أن تسهم في اضطراب نهم الطعام ما يلي:
- الضغط والتوتر في المدرسة، مثل الامتحانات، أو التنمر بشأن وزن الجسم، أو شكله.
- ضغوط العمل، وعدم القدرة على إنجاز المهام بصورة مثالية.
- الكيان الأسري الذي يهتم بصورة كبيرة بشكل الجسم، ومن ثم حدوث المشكلات، والتصادمات.
- الخلل في العلاقات الأسرية.
- الأحداث المجهدة، أو الصادمة سواء كانت في الماضي، أو الحاضر.
ثالثا: العوامل البيولوجية والوراثية
يعتقد الكثير من خبراء التغذية أن خطر الإصابة باضطراب نهم الطعام يكون أكبر لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بهذا الاضطراب، أو أي نوع آخر من إضطرابات الأكل، حيث يشير هذا إلى أن الوراثة يمكن أن تسهم في تطوير اضطراب الأكل بنهم، وبشكل ملحوظ، كما هو الحال مع حالات الصحة العقلية الأخرى، مثل الاكتئاب.
قد يكون لدى الأشخاص المصابين باضطراب الأكل بشراهة بعض الاختلافات في طريقة عمل أدمغتهم مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون من هذه الحالة، حيث تؤثر هذه الاختلافات على جزء الدماغ المرتبط بالشهية، وصورة الجسم.
ما هي طرق علاج اضطراب الشراهة عند تناول الطعام؟
أولا: العلاج النفسي
النوع الرئيسي من العلاج النفسي لاضطراب الشراهة عند تناول الطعام يتمثل في المساعدة الذاتية الموجهة، وهذا يحدث بشكل مثالي من خلال جلسات دعم منتظمة مع متخصص، وعادة ما يكون طبيب نفسي، حيث يتم تنفيد ذلك عن طريق بعض الأنشطة المتمثلة في ملء أوراق عن تفاصيل الحياة اليومية، والاحتفاظ بمذكرات الطعام، وخطة الوجبات، والكتابة عن الأفكار، والمشاعر الداخلية الصعبة، والسلبية.
ثانيا: العلاج السلوكي المعرفي
يتم هذا النوع من العلاج إما بشكل فردي، أو كجزء مع مجموعة، حيث يبدأ العلاج السلوكي المعرفي بفكرة أن الأفكار، والمشاعر، والسلوك، جميعهم مرتبطين ببعضها البعض، فإذا كانت المشاكل في حياتك تسبب لك الإفراط في تناول الطعام، فإن العلاج المعرفي السلوكي يساعد بشكل ملحوظ في تقليل الشراهة، وتحديد المشكلات الأساسية لحدوث هذا الإضطراب حتى تقل احتمالية الإفراط في تناول الطعام في المستقبل.
ثالثا: العلاج الدوائي
عند اللجوء إلى العلاج الدوائي يمكن إستخدام مضادات الإكتئاب المعروفة باسم مثبطات إمتصاص السيروتونين الإنتقائية (SSRIs)، وذلك يأتي جنبا إلى جنب مع طرق علاج المساعدة الذاتية الموجهة أو العلاج السلوكي المعرفي.
كما هو الحال مع أي مضادات للاكتئاب، عادة ما يستغرق مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية عدة أسابيع قبل أن يبدأ في العمل بشكل سليم، حيث يبدأ المريض عادة بجرعة منخفضة من هذا الدواء ، والتي تزداد تدريجيا مع تكيف الجسم معه، ويتم ذلك تحت إشراف طبي.
عند البدء في تناول مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، يجب مراجعة الطبيب بعد فترات أسبوعية منتظمة، وذلك للتحقق من تحقيق التقدم، والشفاء، ومعرفة ما إذا كان يتم الإستجابة للدواء أم لا، وذلك لأن يوجد بعض الافراد لا يستجيبو للدواء بشكل جيد، مما يؤدي ذلك إلى عدم تحقيق الأهداف المرجوة.
عند إصابة الأطفال، والشباب الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما بهذا الإضطراب يوصى الأطباء المختصين بعدد قليل جدا من الأدوية، بالإضافة لذلك ينصح أيضا بعدم تناول مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية إذا كان الشخص المصاب بهذا الإضطراب يعاني من الصرع، أو تاريخ عائلي من أمراض القلب، أو الكبد، أو الكلى.