يعتبر حليب الأم هو المصدر الوحيد لغذاء الأطفال وبالأخص في أول 6 أشهر من عمرهم، ومن ثم تحاول الأم جاهدة إدخال بعض الأطعمة الصلبة مُلتزمة بالمناسب منها ومبتعدة عن ما هو غير مناسب لحين إتمام الطفل عامه الأول. فمن الوارد هنا أن تقوم الأم بإتخاذ قرار يتمثل في إعطاء طفلها الأطعمة التي تحتوي على القمح نظرا لفوائده العديدة ومنافعه الصحية الكثيرة ولكن تأتي هنا الرياح بما لا تشتهي السفن ويحدث تعرض الطفل لحالة الإصابة بحساسية القمح . بوجه عام سنتعرف اليوم بمزيد من التوضيح عن حساسية القمح التي تصيب الاطفال وكيف نستطيع التعامل معها للحفاظ على صحة أطفالنا في أحسن حال؟.
ما هي حساسية القمح عند الأطفال؟
تعد حساسية القمح عند الأطفال من الحالات المرضية التي تصيب العديد من الأطفال، وتعد من أكثر أنواع حساسية الأطعمة شيوعا.
تُعرف حساسية القمح بأنها رد فعل مناعي غير طبيعي يحدث عند تناول الأطفال للقمح أو منتجاته حيث يمكن أن تظهر في صورتها الطفيفة الخفيفة، ولكن يمكن أيضا أن تكون شديدة وتؤدي إلى حدوث عواقب صحية خطيرة ووخيمة.
بشكل أكثر توضيحا فيجب العلم أن القمح يحتوي على أربعة أنواع من البروتينات الصحية بما في ذلك الألبومين والغلوتين والجليادين والجلوبيولين. ولكن في بعض الأحيان يعتقد الجهاز المناعي أن هذه البروتينات ضارة.
لذلك، فإنه من هنا يقوم بإنتاج أجساما مضادة لمحاربة دخول هذه البروتينات، وتسمى هذه الحالة حساسية القمح ووفقا للعديد من الدراسات، فإن بروتين الغلوتين هوالمسبب الأساسي لحدوث الإصابة بحساسية القمح عند الأطفال الصغار.
ما هو الفرق بين حساسية القمح ومرض الاضطرابات الهضمية (عدم تحمل الغلوتين)؟
غالبا ما يتم الخلط بسهولة بين حساسية القمح ومرض الاضطرابات الهضمية لأن كلا المرضين يرتبطان بعدم تحمل الغلوتين في القمح ولهما أعراض مشابهة. إذن كيف يختلف هذان المرضان وكيف يمكن التمييز بينهما؟ هذا ما ستوضحه السطور التالية:
أولا: مرض الاضطرابات الهضمية
هو عبارة عن اضطراب خطير في المناعة الذاتية يمكن أن يعمل على تدمير الأمعاء الدقيقة. فالجدير بالذكر أنه عندما يكتشف الجهاز المناعي الغلوتين في الجسم فإنه يقوم بمهاجمة الأمعاء الدقيقة وخاصة الزغابات الموجودة على سطح الأمعاء.
يجب العلم أنه إذا لم يتم علاج هذه الحالة المرضية مبكرا، فمن الممكن أن يتسبب هذا المرض في إصابة الجهاز الهضمي بمشاكل طويلة الأمد إلى جانب تسببه في عدم امتصاص الجسم لما يكفي من العناصر الغذائية ، مما ينتج عن هذا تدريجيا في إصابة الأطفال بسوء التغذية وهشاشة العظام.
ثانيا: حساسية القمح
تشمل هذه الحالة المرضية جزءا آخر من جهاز المناعة. فإذا كان الطفل يعاني من حساسية القمح، فيجب العلم أن الجهاز المناعي قد قام هنا بتحديد بروتين القمح كمادة مسببة للحساسية له، لذلك كلما أكل الطفل أو استنشق المواد الموجودة في القمح، فسوف يكون له رد فعل يتسبب في إفراز الجسم للهيستامين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حساسية القمح لها بعض الأعراض الأخرى المختلفة عن حالة الاضطرابات الهضمية مثل حكة العين أو ضيق التنفس الوارد حدوثهم في بعض الأحيان. ولكن بوجه عام يجب الإطمئنان لأنه على المدى الطويل، لا تضر حساسية القمح بالأمعاء الدقيقة بأي شكل مرضي خطير أو مقلق.
ما هي أعراض إصابة الأطفال الصغار بحساسية القمح؟
عند إصابة الطفل بهذه الحالة التحسسية المرضية فمن الوارد هنا ظهور بعض الأعراض التي تتمثل في الآتي:
- الإصابة بحمى الصيف (حساسية زهرة المرج) حيث تشبه هذه الحالة المرضية في أعراضها نزلات البرد وتظهر في سيلان الأنف والعيون الدامعة والعطس.
- يمكن أن تؤثر حساسية القمح على الرئتين أو الحلق مما يسبب هذا في حدوث مشاكل في التنفس، ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى الإصابة بضيق في التنفس، ومن ثم قد يتطور الأمر إلى الإصابة بمرض الربو.
- تظهر على جلد الطفل علامات مثل لدغات الحشرات تسمى بالأكزيما مما ينتج عنها حكة جلدية شديدة.
- ظهور بقع حمراء على الجلد بعد أن يقوم الطفل بتناول الأطعمة التي تحتوي على القمح. فالجدير بالذكر أن هذه الحالة سوف تظهر بشكل فوري.
- من الممكن أن يصاب الطفل بحالة من صعوبة البلع ومن ثم ينتج عن هذه إصابة الطفل بسوء التغذية خلال هذه الفترة.
- غالبا ما يعاني الأطفال الذين لديهم حساسية من القمح من مشاكل معوية مثل آلام المعدة أو الانتفاخ أو الغثيان أو الإسهال.
- مع بعض الأطفال قد تحدث الإصابة بحالة من الحساسية المفرطة جراء تناول القمحو التي تبدو واضحة من خلال تفاقم الأعراض السابقة ومن ثم ينتج عن هذا إنخفاض في الدم حيث هذا الأمر مهددا للحياة.
ما هي طرق الوقاية المثالية لحماية الطفل من حساسية القمح؟
تعتبر الوقاية من حساسية القمح أمرا مهما للغاية، حيث يمكن الحد من الأعراض والتأثيرات السلبية على الصحة إذا تم اتباع الإجراءات الوقائية المناسبة التي سنقوم بذكرها في السطور التالية:
- يجب على الآباء والأمهات أن يتعرفوا على الأعراض التي قد تشير إلى إصابة أطفالهم بحساسية القمح والتي تتمثل في الإصابة بالإسهال، أو الإمساك، أو الطفح الجلدي، أو التهيج، أو الانتفاخ. فالجدير بالذكر أنهعندما يتم التعرف على هذه الأعراض فيمكن تحديد السبب واتخاذ الإجراءات الوقائية.
- من الضروي على الوالدين القيام بالتحدث مع الطبيب المختص في حال اشتباههم بوجود حساسية الطفل للقمح حيث يمكن أن يقدم لهم نصائح وإرشادات مفيدة لتجنب تناول القمح ومنتجاته.
- ينصح بضرورة تجنب الأطعمة المحتوية على القمح مثل الخبز، والمعكرونة، والبسكويت، والكعك. فبدلاً من ذلك يمكن استخدام المنجات البديلة مثل الأرز، أو الذرة، أو البطاطس، أو الشوفان.
- التأكد من تجنب المنتجات الصناعية وهذا من خلال قراءة المكونات المدونة على المنتجات الصناعية قبل إعطائها للأطفال، حيث يمكن أن تحتوي المنتجات الصناعية على مواد تحتوي على القمح.
- يجب على الأم أن تهتم جيدا بنظافة البيئة المحيطة بالطفل، حيث يمكن أن يكون هناك ملوثات من القمح مثل الغبار أو الجلد المتساقط ومن ثم يتعرض الطفل لها ويصاب بهذا النوع من الحساسية.
- ضرورة المحافظة على الأدوات الشخصية الخاصة بالطفل خالية من الأطعمة التي تحتوي على القمح والتي تشمل الصحون، والملاعق، والكؤوس.
- يجب على الوالدين العمل على توعية أطفالهم الأكبر سنا بضرورة تجنب الأطعمة التي تحتوي على القمح، وتعريفهم على الأطعمة الآمنة بالنسبة لهم.
باختصار، يعد دور الأسرة فعال ورئيسي مع الأطفال الذين يعانون من حالات حساسية القمح، وهذا لحماية الأطفال قدر الإمكان.
في النهاية يجب عدم التهاون أو التخاذل تجاه هذه الحالة المرضية والقيام بالتعامل معها بمزيد من الحرص والإهتمام، إلى جانب مطالبة العون دائما من الأطباء المختصين وهذا لضمان سلامة أطفالنا.