يمكن أن تعاني المرأة من العديد من الأعراض، خلال السنوات التي تسبق انقطاع الطمث، بما في ذلك الاضطرابات العاطفية، مثل الاكتئاب.
حيث حددت دراسة جديدة خطر الإصابة بالاكتئاب أثناء الفترة الانتقالية، المعروفة باسم مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، التي تبين أن النساء في هذه المرحلة أكثر عرضة بنسبة 40% تقريبًا للتعرّض لحالة من الاضطرابات النفسية مقارنة بالنساء اللاتي لا يعانين من أي أعراض انقطاع الطمث.
من جانبها، قالت الدكتورة إيمي سبيكتور، المؤلفة المراسلة للدراسة، التي نُشرت في الدورية الطبية المختصّة بالاضطرابات المزاجية “Journal of Affective Disorders”، في بيان صحفي: “تظهر النتائج التي توصلنا إليها مدى تأثّر الصحة النفسية للنساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث”.
وأضافت: “نحن بحاجة إلى مزيد من الوعي والدعم لضمان حصولهن على المساعدة والرعاية المناسبة طبيًا وفي مكان العمل والمنزل”.
وتحدث مرحلة ما قبل انقطاع الطمث عادة قبل حوالي ثلاث إلى خمس سنوات من انقطاع الطمث، وهو اليوم الذي يمثل مرور 12 شهرًا متتاليا دون نزول الحيض، ويشير إلى نهاية الحياة الإنجابية للمرأة.
وتُعد المرحلة الانتقالية لانقطاع الطمث عملية طبيعية تحدث عندما يتوقف المبيضان عن العمل تدريجيًا، وفقًا لمستشفيات “جونز هوبكنز” الطبية. وخلال هذه الفترة، يمكن أن تتقلب مستويات الإستروجين والبروجستيرون، وهما من الهرمونات الأنثوية الرئيسية، ما يؤدي إلى تقلّب المزاج، وعدم انتظام الدورة الشهرية، وأعراض أخرى مثل الاكتئاب.
وقد أجريت هذه الدراسة – وهي مراجعة لسبع دراسات بمجموع مشاركة 9،141 امرأة – بهدف تقديم تقدير عن خطر الإصابة بالاكتئاب السريري أو المشخّص أو أعراض الاكتئاب في مراحل مختلفة من انقطاع الطمث.
وقدّمت النساء، اللاتي كن من الولايات المتحدة، وأستراليا، والصين، وهولندا، وسويسرا، معلومات حول حالتهن المزاجية واهتمامهن بممارسة الأنشطة.
ولم يجد الباحثون فرقًا كبيرًا في خطر الإصابة بالاكتئاب لدى النساء بعد انقطاع الطمث مقارنةً بالنساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث.
من جانبها، قالت الدكتورة ستيفاني فوبيون، المديرة الطبية لجمعية انقطاع الطمث والصحة الجنسية للمرأة في مجمع مايو كلينك بولاية مينيسوتا: “تتفق هذه النتائج مع ما هو معروف عن مدى تعرّض النساء لأعراض الاكتئاب أثناء مرحلة ما قبل انقطاع الطمث”، وهو ما ظهر في الأبحاث السابقة.
وكانت المراجعة المنهجية للأدبيات الموجودة حول الاكتئاب خلال مرحلة ما قبل انقطاع الطمث هي التي دفعت توصيات جمعية انقطاع الطمث لعام 2018 لتقييم وعلاج حالات الاكتئاب خلال فترة مرحلة ما قبل انقطاع الطمث.
وأوضحت ياسمين بدوي، وهي مؤلفة الدراسة الرئيسية، التي كانت طالبة ماجستير في قسم علم النفس وعلوم اللغة في جامعة “كوليدج لندن” عندما أجرت البحث، أن العوامل الثقافية أو تغيرات نمط الحياة تستخدم في بعض الأحيان لتفسير أعراض الاكتئاب التي تعاني منها النساء خلال السنوات التي تسبق انقطاع الطمث، ولكن البيانات المجمّعة من الدراسات العالمية تشير إلى أن النتائج لا يمكن أن تُعزى إلى تلك العوامل وحدها.
وقالت فوبيون: “يبدو أن التباين في مستويات الهرمون هو الذي يمكن أن يؤدي إلى ظهور هذه الأعراض لدى النساء المعرّضات للخطر”.
وأشارت إلى أنه من المحتمل أيضًا أن يكون لمجموعة متنوعة من العوامل دورًا، بما في ذلك الجينات الوراثية، والبيئة المحيطة، ومستوى التعليم، ومدى سهولة الوصول إلى الرعاية، إضافة إلى المحددات الاجتماعية للصحة المتمثلة في الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الأفراد.
وقال الباحثون إن هرمون الإستروجين، على سبيل المثال، وجد أنه يؤثر على استقلاب النواقل العصبية مثل الدوبامين، والنورإبينفرين، والإندورفين، والسيروتونين، وجميعها لها دور في الحالات العاطفية.
وأشارت فوبيون إلى أنه بالنظر إلى عوامل الخطر هذه، من المهم أن يضع الأطباء في اعتبارهم أن النساء اللاتي ينتقلن إلى مرحلة انقطاع الطمث قد يعانين من أعراض الاكتئاب، والسؤال عن الحالة المزاجية لمريضاتهم.
ويُعد ذلك ضروريا بشكل خاص إذا كان لدى المريضات مشاكل سابقة تتعلق بالمزاج، مثل الاكتئاب أو مشاكل المزاج المرتبطة بالهرمونات مثل تلك التي حدثت في مراحل ما قبل الحيض أو ما بعد الولادة.
من جانبها قالت ربيكا ثورستون، وهي طبيبة نفسية تعالج الاكتئاب لدى النساء في منتصف العمر، إن معرفة العلامات التحذيرية المبكرة لنوبة الاكتئاب يمكن أن يكون مفيدًا لغرض العلاج المبكّر.
ويجب على الأطباء البقاء على تواصل مع مقدمي خدمات الصحة النفسية من أجل إحالة المرضى من النساء اللاتي شخصت إصابتهن بالاكتئاب إليهم.
وقالت ثورستون: “أوصي أيضًا بأن يتابع الأطباء النساء للتأكد من حصولهن على الرعاية، كما يجب عليهم أيضًا التفكير في علاج أعراض انقطاع الطمث مثل الهبّات الساخنة إذا كانت تتداخل بشكل كبير مع حياة المرأة”.
وأضافت ثورستون أن هناك مجموعة متنوعة من العلاجات السلوكية الصيدلانية أو القائمة على الأدلة، وفي بعض الأحيان تحتاج النساء إلى كليهما.
ووجدت دراسة سابقة أن اليقظة الذهنية والعلاج السلوكي المعرفي يمكن أن يكونا علاجًا فعّالا للأعراض غير الجسدية المرتبطة بانقطاع الطمث.
كما أن وجود أصدقاء مقربين يمكن أن يشكل رادعا أمام نوبات الاكتئاب، حسبما وجدته ثورستون كباحثة رئيسية في دراسة وطنية طولية حول مرحلة منتصف العمر.