مع إختلاف طباع وضوابط النفس البشرية، فمن الوارد أن تختلف لدينا جميعا عوامل الخوف أو ما يسمى لدى بعض العلماء بالرهاب أو الفوبيا، فيوجد من يعاني من رهاب الماء ورهاب النار ورهاب الزواحف ورهاب الدم الذي يعد هو محور حديثنا اليوم. فالجدير بالذكر أن هذا النوع من الرهاب يصيب العديد من الأشخاص ويظهر من خلال بعض ردود الفعل السلبية وبالأخص عند التعرض لرؤية الدم. لذا قررنا أن نتعرف اليوم على ما هو رهاب الدم( الهيموفوبيا)؟ وما هي أهم أسبابه وكيف يتم التعامل معه بشكل نفسي سليم؟
ما هو رهاب الدم (الهيموفوبيا)؟
يعتبر رهاب الدم هو أحد الاضطرابات النفسية الذي يتمثل في الخوف المرضي من الدم وتبعياته، سواء كان ذلك يتمثل في رؤية الدم أو الخوف من التعرض له بشكل عام، فيجب العلم أن هذا الخوف يتسبب في انخفاض القدرة على التعامل مع المواقف التي تتضمن رؤية الدم أو التعرض له.
من الهام معرفة أن رهاب الدم يعتبر من أكثر أنواع اضطرابات القلق شيوعا ويلاحظ أن النساء يصابن بهذا الاضطراب بنسبة كبيرة عن الرجال.
ما هي أسباب حدوث الإصابة برهاب الدم (الهيموفوبيا)؟
توجد العديد من الأسباب المحتملة التي قد تؤدي إلى حدوث الإصابة برهاب الدم، ومن أهم هذه الأسباب:
- حدوث التعرض لبعض التجارب السلبية والسيئة في الماضي والتي قد تتعلق بأمور الدم مثل المرور بحادث مروع ينتج عنه رؤية الدماء في صورتها الغزيرة والبشعة ومن ثم تقوم هذه المناظر بخلق حالة كبيرة من الخوف والفزع.
- تلعب العوامل الوراثية دورا كبيرا جدا في حدوث الإصابة بهذا النوع من الرهاب، ففي حالة إصابة أحد أفراد العائلة بهذا النوع من الرهاب، فسوف يتسبب ذلك في جعل الأجيال القادمة معرضة بنسبة كبيرة للتعرض لهذه المشكلة النفسية.
- رؤية بعض المشاهد المرعبة والمقززة خلال فترة الطفولة مما قد يترتب على هذا الأمر حدوث التعرض النفسي السلبي، ومن ثم حدوث المعاناة من فوبيا الدم.
- أشارت العديد من الدراسات إلى مشاركة العوامل البيولوجية في لعب دورا كبيرا في حدوث الإصابة برهاب الدم، فالجدير بالذكر أن هذه الأعراض تظهر من خلال حدوث بعض التغيرات الكيميائية في الدماغ والتي تؤثر بصورة كبيرة على دواخل الخوف والقلق داخل الأفراد.
- توجد العديد من العوامل البيئية والثقافية والإجتماعية التي تسبب حدوث الإصابة برهاب الدم حيث يتمثل هذا في الظروف المعيشية المحيطة بالطفل والتأثير السلبي على نفسيته.
ما هي طرق علاج رهاب الدم (الهيموفوبيا)؟
يجب علينا العلم أن علاج رهاب الدم يشبه علاج المخاوف الكثيرة الأخرى حيث يمكن لمصابيه أن يقومون بالعمل على تناول بعض الأدوية التي تعمل على تخفيف التوتر والقضاء على مشاعر عدم الراحة ، ولكن على المدى الطويل يعد هذا خيارا ليس جيدا إطلاقا.
لهذا الأمر يجب علينا الذهاب إلى المستشفى لإجراء فحص طبي بدلا من الاعتماد على مضادات الاكتئاب أو المهدئات لأن هذه الأدوية يمكن أن تسبب الإدمان ومكلفة ولها العديد من الآثار الجانبية السيئة. الجدير بالذكر أن طرق العلاج هذه قد تتمثل في التالي:
أولا: انخفاض حساسية النفس
تعتمد هذه الطريقة على نظريات علم النفس السلوكي، والتي تساعد على محو الذكريات السلبية والأفكار والمعتقدات حول الخوف من الدم. فيتم العمل على تطبيق هذه الطريقة من خلال ربط رؤية الدم بالألم الجسدي بدلا من سيطرة الاشمئزاز أو التجنب.
يجب العلم أن طريقة تقليل الحساسية هذه ستقوم بالقضاء تدريجيا على هذا الخوف المرضي وبالأخص عند إتباعها كثيرا في التعامل مع هذه المشكلة النفسية.
في بداية العلاج، سوف يتمكن المريض من رؤية بضع قطرات من الدم من مسافة بعيدة. ومع مرور الوقت سوف نعتاد على الإحساس برؤية الدم ومن ثم يمكننا الاقتراب ومحاولة رؤية المزيد في حالة من التعود.
لذا وجب التأكيد على أن ممارسة هذه الطريقة باستمرار سوف تساعدنا على التعود تجاه رؤية الدم ومن ثم يتم تقليل الخوف منه كثيرا.
ثانيا: العلاج المعرفي السلوكي
تعد هذه الطريقة من طرق علاج الرهاب الشائعة جدا مؤخرا حيث تعمل نحو دراسة طريقة التفكير وما الذي يسبب الخوف أو الفوبيا الداخلية. فيجب العلم أن الشخص مريض الفوبيا هو سيد أفكاره ويمكنه تغيير ما بداخله من معتقدات سلبية إلى أفكار إيجابية.
بشكل عام علينا أن نعمل نحو استخدام العقل للتغلب على الأفكار السلبية واستبدالها بأفكار أكثر إيجابية حيث يساعد التفكير الإيجابي في الحصول على مواقف أكثر سعادة وتفاؤلا.
ثالثا: العلاج النفسي
عند اللجوء إلى طريقة العلاج النفسي، فيجب معرفة أن المعالج سوف يعمل على إكتشاف شخصية المريض من خلال فهم رغباته ودوافعه والأحداث التي من الوارد أن يمر بها خلال مراحل نموه.
الجدير بالذكر أن هذه المرحلة العلاجية تحمل الكثير من جلسات العلاج النفسي الطويلة حيث الرغبة الداخلية نحو الإفصاح عن الرغبات التي لا نستطيع قولها بشكل عام للمقربين حيث سرد بعض الذكريات التي تسببت في ولادة بعض من المخاوف ومن ثم نستطيع القيام بمواجهتها والعمل على علاجها.
رابعا: العلاج بالضغط
في بعض الأحيان يمكن أن يسبب التعرض لرهاب الدم حدوث حالة من الإغماء أو إنخفاض ضغط الدم، ومن هنا قد نلجأ إلى إتباع وسيلة الضغط التي تعتبر من أفضل الطرق التي تقوم بالعمل على شد العضلات لزيادة ضغط الدم وتجنب الإغماء عند رؤية الدماء بشكل مباشر.
عند الشعور بالإغماء يجب أن نعمل على القيام بثني الذراعين والساقين وعضلات الجسم بالكامل لمدة 10-15 ثانية وهذا للعمل على رفع ضغط الدم ومحاربة حالة الإغماء. فبمجرد إتقان هذه الطريقة، فسوف يقوم معالجون هذا النوع من الرهاب بالعمل على تكرار تعرض المريض لمواقف كثيرة يوجد فيها الدم المتكرر.
بشكل ضروري يجب علينا معرفة أن رهاب الخوف من الدم يمكن أن يسبب العديد من المشاكل الخطيرة وبالأخص في حالة عدم علاجه بشكل صحيح، ففي حالة تعرض أصحابه لأي حادث فسوف يترتب على هذا الأمر العديد من التوابع السلبية قد تصل إلى ردود الفعل الجسدية المفرطة في الإثارة وحدوث الإغماء.