في عالم الأمراض المزعجة يبرز مرض التهاب الغدة العرقية القيحي كمرض جلدي مزمن يسبب الألم ويؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة. الجدير بالذكر، أن الاستخدام السليم لبعض الأدوية والمنتجات العلاجية يلعب دورا رئيسيا في السيطرة على الأعراض ومنع المضاعفات وتحسين جماليات الجلد. بشكل أكثر فهما، سنتحدث اليوم مرض التهاب الغدد العرقية وأهم الأدوية والأنماط العلاجية المعنية بالتعامل مع هذا الأمر.
التهاب الغدد العرقية القيحي
التهاب الغدد العرقية القيحي
عند الحديث عن التهاب الغدد العرقية القيحي، فيجب العلم أنه عبارة عن التهاب مزمن يصيب بصيلات الشعر والغدد العرقية المفرزة، وغالبا ما يوجد في مناطق الجلد التي بها الكثير من الاحتكاك أو التعرق مثل الإبطين والفخذ والأرداف ومنطقة تحت الثدي.
تتميز هذه الحالة المرضية بظهور حب الشباب الالتهابي أو الدمامل أو الخراجات أو البثور التي تتكرر، مما ينتج على هذا الأمر حدوث المعاناة من الألم والتورم وترك ندبات الجدرة والندوب الليفية.
لم يتم تحديد السبب الدقيق، لحدوث هذه الأزمة لكن اضطرابات المناعة وعوامل الغدد الصماء والسمنة والتدخين وعلم الوراثة تعتبر عوامل الخطر الرئيسية لتطور هذا المرض.
يعتمد علاج التهاب الغدد العرقية القيحي على شدة المرض سواء كان خفيف أو متوسط أو شديد ويتكون عادة من الأدوية الموضعية والأدوية التي يتناولها عن طريق الفم والإجراءات التدخلية.
الأدوية العلاجية المعنية بالتغلب على التهاب الغدد العرقية القيحية
1) المضادات الحيوية
المضادات الحيوية
تساعد المضادات الحيوية في السيطرة على هذه النوعية من الالتهابات عن طريق تقليل كثافة البكتيريا المسببة للأمراض ومنع تكوين بؤر صديد جديدة. إلى جانب هذا، فتتميز مجموعة التتراسيكلين بأن لها أيضا تأثير خفيفة مضاد للالتهابات مساهم بشكل رئيسي في تهدئة الآفات الجلدية.
ولكن من الهام معرفة أنه في حال الاستخدام المطول للمضادات الحيوية، فسوف يحتاج الأمر إلى إشراف عن كثب من قبل الأطباء لمنع المعاناة من مشاكل الجهاز الهضمي وعدم توازن البكتيريا المعوية.
من أهم أنواع المضادات الحيوية شائعة الاستخدام مع هذه الحالة المرضية:
– الشكل الموضعي: مثل كليندامايسين 1٪ ، إريثروميسين 2٪، فغالبا ما يتم وصفهم في المراحل المبكرة مما يساعد هذا الأمر على تقليل الالتهابات والسيطرة على البكتيريا المحلية.
– الشكل الفموي: والذي يتمثل في التتراسيكلين أو الدوكسيسيكلين أو المينوسيكلين ويتك تناولهم لمدة 3-6 أشهر لتثبيط حب الشباب والمكورات العنقودية الذهبية.
– مع الحالات الشديدة، قد يتم الجمع بين الكليندامايسين + ريفامبيسين لمدة 10-12 أسابيع لزيادة القدرة التأثيرية على الجراثيم ولكن يجب أن يتم هذا تحت إشراف طبي.
2) الأدوية المضادة للالتهابات الكورتيكوستيرويدات
الأدوية المضادة للالتهابات الكورتيكوستيرويدات
تقوم هذه النوعية من الأدوية بمنع الاستجابة الالتهابية وتخفف الألم وتهدئ تلف الجلد أثناء مرحلة تفشي المرض. ولكن، يجب من الواجب استخدامها فقط لفترة قصيرة من الزمن للوقاية من أزمة ضمور الجلد أو توسع الأوعية أو تغيرات في تصبغ الجلد.
على سبيل التوضيح:
– تساعد الكورتيكوستيرويدات الموضعية أو الحقن داخل الآفة (مثل تريامسينولون أسيتونيد) في تقليل التورم والألم والاحمرار في موقع الآفات الحادة.
– يمكن أن توفر الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين حالة من التسكين المؤقت للكثير من مشاعر الألم.
إقرأ أيضا: الطفح الجلدي أسفل الإبط .. الأسباب وطرق الوقاية الفعالة
3) أدوية الغدد الصماء
أدوية الغدد الصماء
تساعد أدوية الغدد الصماء والتي تُعرف لدي البعض بالأدوية الهرمونية في العمل على استقرار الهرمونات الجنسية وتقليل إفراز الدهون والحد من تكوين نوى حب الشباب الالتهابية. الجدير بالذكر أيضا، أن هذه النوعية العلاجية هي المعتادة في التعامل مع الشابات اللواتي يتعرضن لبعض الأزمات في الدورة الشهرية أو عند وجود فرط الأندروجينات.
في النساء، يمكن أن تؤدي التقلبات الهرمونية وخاصة زيادة نشاط الأندروجين إلى تفاقم هذه الحالة المرضية، وفي هذه الآونة تساعد مثبطات الأندروجين مثل سبيرونولاكتون أو أسيتات سيبروتيرون أو وسائل منع الحمل المركبة بين هرمون الاستروجين والبروجستين في تقليل هذه النوبات المرضية وتحسين تلف الجلد.
4) الأدوية البيولوجية
الأدوية البيولوجية
تقوم الأدوية البيولوجية بإستهداف الاستجابة الالتهابية بوساطة عامل نخر الورم ألفا، وبالتالي يتم العمل على تقليل الالتهاب الجهازي والتحكم في تطور المرض على المدى الطويل، ولكن تعد آلية المراقبة الدقيقة في هذه الآونة هي الضرورية لأنها يمكن أن تزيد من مخاطر الإصابة بالعدوى الانتهازية، وغالبا ما تكون تكلفة العلاج مرتفعة.
في الحالات المتوسطة والشديدة، تتم الموافقة على استخدام الأدوية البيولوجية المثبطة لعامل الـ TNF-alpha مثل الـ adalimumab لعلاج التهاب الغدد العرقية القيحية حيث يساعد الدواء على تنظيم الاستجابة المناعية المفرطة النشاط والتقليل من الآفات الجديدة التي تزداد مخاطر الإصابة بها وتحسين نوعية الحياة بشكل ملحوظ.
5) الأدوية الداعمة الأخرى
الأدوية الداعمة الأخرى
– في هذه الآونة، يشار إلى أدوية الرتينويدات مثل الأسيتريتين في التعامل مع التهاب الغدد العرقية القيحي الذي يصاحبه حب الشباب الشديد أو التقرن وبصيلات الشعر حيث يساعد هذا الدواء في تنظيم التقرن، ويحد من انسداد المسام، ويقلل من الالتهابات، ويساعد في التعافي من تلف الجلد.
– مع هذه الحالة المرضية قد يتم اللجوء إلى تناول غلوكونات الزنك بجرعة طبيبة تبلغ حوالي 90 مجم / يوم حيث أنه لها تأثيرات خفيفة مضادة للالتهابات وللأكسدة وللبكتيريا، مما يساعد ذلك على تعزيز الشفاء وتقليل مخاطر تكرار الإصابة بالتهاب الغدد العرقية القيحي. يجب العلم أن هذا العلاج آمن وداعم ويمكن استخدامه لفترة طويلة تحت إشراف الطبيب.
6) طرق علاجية أخرى
طرق علاجية أخرى
– حقن البوتوكس: ينصح الكثير من الأطباء بأهمية اللجوء إلى حقن البوتوكس لعلاج فرط التعرق وتحسين الأعراض الالتهابية بشكل غير مباشر.
– حقن الكورتيكوستيرويدات: يتم حقن هذه النوعية مباشرة في العقيدات الالتهابية في المرحلة المبكرة، مما يساعد هذا الأمر على تقليل التورم والألم ومنع تكوين الخراجات العميقة. الجدير بالذكر، أن هذه الطريقة توفر نتائج سريعة ولكنها تحتاج إلى القيام بها من قبل أخصائي لتجنب ضمور الجلد أو حدوث حالة من التغيرات في تصبغ الجلد.
– شق وتصريف القيح: عندما يكون هناك خراج كبير ومؤلم ومليء بالقيح، فقد يقوم الطبيب بإجراء شق تصريفي لتخفيف الألم ومن ثم يتم الضغط عليه بشكل فوري. ومع ذلك، يعد هذا مجرد إجراء مؤقت حيث من الوارد أن تتكرر بؤر القيح غالبا في نفس الموقع خاصة إذا لم يتم التحكم في الالتهاب الأساسي.
– إزالة الشعر بالليزر: تساعد آلية إزالة الشعر في المنطقة المصابة في العمل على على تقليل انسداد بصيلات الشعر والالتهابات المتكررة، فغالبا ما يتم تطبيق العلاج بالليزر بشكل متكرر حيث يمكن أن يقلل من تكرار التهاب الغدد العرقية القيحية.
– إزالة الجلد الملتهب المتكرر: يتم اتخاذ هذا الإجراء عند تكرار أزمة الإصابة في نفس المكان حيث سيقوم الطبيب بإزالة الطبقة العليا من الجلد، وفتح نفق القيح حتى يلتئم الجرح بشكل طبيعي، وتباعا قد تقلل هذه الطريقة من مخاطر التكرار وتحافظ على صحة الأنسجة إلى أقصى حد.
– الاستئصال: يتم تطبيق هذه الآلية العلاجية بشكل واسع عندما لا يُجدي الدواء العلاجي أي فاعلية حيث يتم هذا عن طريق إزالة المنطقة الالتهابية المزمنة والنواسير تحت الجلد بالكامل، فعلى الرغم من أن الجرح في هذه الأوقات يكون كبير ويتطلب وقتا أطول للشفاء، إلا أن هذه الطريقة هي الأكثر جذرية في السيطرة على التهابات الغدد العرقية القيحية الشديد. إلى جانب هذا، فعادة ما يقوم الطبيب بالجمع بين الأدوية البيولوجية الجهازية أو الأدوية المضادة للالتهابات قبل الجراحة وبعدها للسيطرة على الالتهاب.
– الجراحة بالليزر: مع الحالات المرضية الشديدة، قد يشار إلى إمكانية الخضوع إلى جراحة ليزر ثاني أكسيد الكربون لإزالة الأنسجة الالتهابية والندبات الليفية والأورام تحت الجلد حيث تساعد هذه الطريقة على تنظيف البؤر الالتهابية وتحسين الجماليات، ولكن هذا الأمر لا يحدث إلا بعد السيطرة على الالتهاب بالأدوية، وتباعا يمكن أن يستمر وقت التعافي من بضعة أسابيع إلى عدة أشهر على حسب مدى الضرر.