عند النظر إلى المحيطين إلينا من الأقارب والأصدقاء ورصد نسب الطول ما بين الرجال والنساء، فعلى الفور تتم ملاحظة أن معدلات الطول عند الرجال تتزايد عن النساء ولكن ما هي مسببات ذلك الوضع القائم؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال مقالنا التالي.
فروق الطول بين الرجال والنساء
فروق الطول بين الرجال والنساء
تعتبر فروق الطول بين الرجال والنساء ظاهرة شائعة في جميع أنحاء العالم حيث قد تم توثيقها في معظم الدراسات الأنثروبومترية، فعلى الرغم من وجود اختلافات بسيطة ، إلا أن الرجال عادة ما يكونون أطول من النساء بمقدار 10 إلى 15 سم في المتوسط حيث يحدث هذا الأمر حسب البلد والمنطقة.
الجدير بالذكر، أن هذا الوضع يحدث نتيجة بعض العوامل والتي قد قررنا أن نتعرف عليها بمزيد من التوضيح لاحقا.
العوامل الرئيسية المؤثرة على فروق الطول بين الرجال والنساء
علم الوراثة: دور الكلمات في بنية الكروموسوم
علم الوراثة: دور الكلمات في بنية الكروموسوم
بوجه عام، يتم تحديد طول الإنسان إلى حد كبير من خلال العوامل الوراثية، وهي عبارة عن الجينات الموروثة من الوالدين.
بشكل أكثر توضيحا، يوجد لبعض الجينات المهمة تأثير مباشر على نمو طول العظام، فعلى سبيل المثال جين SHOX (Short Stature Homeobox) والمسؤول عن تنظيم نمو العظام الطويلة في الجسم.
يمتلك كل من الذكور والإناث جين SHOX ، لكن الاختلافات في الكروموسومات الجنسية تجعل أدوارها غير مرجحة، فالإناث لديها أزواج XX من الكروموسومات بينما يحمل الذكور أزواج XY، ومن ثم يوجد جين SHOX على الكروموسوم X، لذلك ومن الناحية النظرية تمتلك النساء نسختين من هذا الجين، بينما يمتلك الرجال نسخة واحدة فقط.
بالرغم من ذلك، تشير الدراسات إلى أن الجينات الأخرى الموجودة على كروموسوم Y والتفاعل المعقد لنظام الغدد الصماء يساعد الرجال على حدوث بعض التطورات الملحوظة في معدلات الطول.
بالإضافة إلى الـ SHOX، فقد تم العثور أيضا على مئات الجينات المختلفة المشاركة في النمو والتطور البدني في الجينوم البشري حيث يختلف التعبير عن هذه الجينات بين الجنسين، مما يساهم هذا الأمر في التمييز الواضح في الطول ما بين الرجال والنساء.
إقرأ أيضا: 5 تمارين رياضية للأطفال تدعم عملية زيادة الطول لديهم
الهرمونات الجنسية: مفتاح النمو
الهرمونات الجنسية: مفتاح النمو
من أهم العوامل الرئيسية التي تؤثر على فرق الطول بين الرجال والنساء يمكننا أن نقوم بذكر الهرمونات الجنسية والمتمثلة في هرمون التستوستيرون عند الرجال والإستروجين عند النساء.
الجدير بالذكر، أنه خلال فترة البلوغ يعمل هرمون التستوستيرون لدى الرجال على تعزيز نمو كتلة العضلات والعظام، بل ويطيل أيضا وقت فتح صفائح المشاشية – منطقة النمو في نهايات العظام الطويلة مما يسمح هذا للعظام بالاستمرار في النمو طوال فترة البلوغ وحتى بعد ذلك، مما يمنح الرجال فرصة أكبر لسنوات.
على الجانب الآخر، يميل هرمون الاستروجين لدى النساء إلى التسبب في إغلاق نهايات العظام في وقت مبكر، مما يؤدي هذا إلى التمتع بوقت أقصر لنمو العظام، وهذا ما يفسر سبب وصول النساء عادة إلى سن البلوغ في وقت مبكر، ولكن أيضا ينهين عملية نمو أطوالهن قبل عام او عامين عن الرجال.
باختصار، تعد الهرمونات عوامل داخلية تلعب دورا في تشكيل وتيرة ووقت تطور الطول بين الجنسين.
سرعة البلوغ والتوقيت: العامل الزمني الحاسم
سرعة البلوغ والتوقيت: العامل الزمني الحاسم
في أغلب الأوقات، تبدأ النساء عادة سن البلوغ ما بين 10-12 عاما، بينما يبدأ الرجال عادة ما بين 12-14 عاما.
مع ذلك، وعند الدخول في مرحلة طفرة النمو، عادة ما يكون لدى الذكور معدل نمو أسرع وأطول في الطول حيث يمكن أن ينمو بمعدلات طول تتراوح من 8-12 سم سنويا، بينما تكتسب الإناث حوالي 6-9 سم فقط في السنة حيث يحدث هذا الأمر خلال فترة ذروة البلوغ.
يساهم هذا الاختلاف في البلوغ ومعدل النمو في اختلاف واضح في الطول خاصة عندما يدخل كلا الجنسين مرحلة البلوغ.
التطور والانتقاء الطبيعي: الطول ميزة داخل المجتمع الذكوري
التطور والانتقاء الطبيعي: الطول ميزة داخل المجتمع الذكوري
لا يقتصر أمر تطور الطول عند الذكور عن الإناث على المستوى البيولوجي فقط، بل يعتقد بعض الباحثين أيضا أن فرق الطول هذا هو نتاج التطور والطبيعية الجنسية.
على أرض الواقع، غالبا ما يتم اختيار خصائص حجم الجسم وقوته لصالح البقاء والتكاثر، فطبقا للعقلية البشرية، فيتم إعتبار الرجال الأطول والأكثر عضلية هم أكثر صحة وجاذبية للطرف الآخر.
لذلك، غالبا ما تتم إعطاء الأولوية للجين الذي يحدد الطول للحفاظ على أجيال عديدة من الرجال وتطورها، في حين أن النساء لا يتعرضن لنفس الضغط الانتقائي مع هذه السمة.
الأنماط الحياتية: دور التغذية والبيئة
الأنماط الحياتية: دور التغذية والبيئة
على الرغم من أن العوامل البيولوجية تلعب دورا أساسيا في هذا الأمر، إلا أننا لا يمكننا غض الطرف عن دور التغذية والبيئة المعيشية حيث تؤثر هذه العوامل أيضا بشكل كبير على طول الفرد.
بمزيد من التوضيح، تتاح للأشخاص الذين نشأوا في ظروف جيدة، ولديهم نظام غذائي مليء بالبروتين والكالسيوم وفيتامين د، ويمارسون الرياضة البدنية المناسبة، الفرصة لتنمية أقصى طول لهم وفقا لإمكاناتهم الجينية.
ومع ذلك، غالبا ما يكون للعوامل البيئية تأثير مماثل على كلا الجنسين. لذلك، إذا كانت الظروف المعيشية هي نفسها فإن الاختلافات الجينية والهرمونية ستظل تلعب دورا حاسما نهائيا في هذا الأمر.
الخلاصة، تعد الاختلافات في الطول بين الرجال والنساء هي نتيجة لسلسلة معقدة من العوامل بداية من علم الوراثة والهرمونات وتوقيت البلوغ إنتقالا إلى الضغوط الانتقائية في التطور. على الرغم من أن المجتمع الحديث أصبح أقل تمييزا من حيث أدوار الجنسين، إلا أن السمات البيولوجية مثل الطول لا تزال علامة بارزة على التمايز بين الجنسين في الطبيعة.