كثير من الناس لديهم عادة تناول الكثير من الفيتامينات والمعادن أثناء العلاج بالمضادات الحيوية اعتقادا منهم بأن هذا الروتين يعمل على زيادة مقاومة الجسم، ولكن يجب الآخذ في عين الاعتبار أن ليست كل التركيبات آمنة لممارسة ذلك الروتين حيث يمكن أن تتفاعل بعض الفيتامينات والمعادن مع المضادات الحيوية، مما يقلل هذا الأمر من فاعلية العلاج أو يسبب آثارا جانبية غير مقصودة. بشكل أكثر فهما، سنتحدث اليوم عن مدى أمان تناول الفيتامينات مع المضادات الحيوية وما النتائج المترتبة على هذا الأمر؟.
كيف يمكن أن تؤثر الفيتامينات على المضادات الحيوية؟

كيف يمكن أن تؤثر الفيتامينات على المضادات الحيوية؟
يمكن للفيتامينات والمعادن أن تساهم بشكل رئيسي في تغيير آلية الحركية الدوائية أي التأثير على امتصاص الأدوية وتوزيعها واستقلابها والتخلص منها في الجسم.
على سبيل التوضيح، يمكن لبعض المعادن مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والزنك والحديد أن تلعب دورا تعقيدا على جزيئات المضادات الحيوية وخاصة مجموعات التتراسيكلين والفلوروكينولون، مما يترتب على ذلك صعوبة امتصاص الأدوية من خلال الجهاز الهضمي، وتباعا ينخفض تركيز الدواء في الدم، مما يقلل هذا من فاعلية علاج الالتهابات البكتيرية.
على العكس من ذلك، يمكن أن يؤثر الاستخدام المطول للمضادات الحيوية أيضا على حالة الفيتامينات في الجسم حيث تستطيع بعض المضادات الحيوية أن تعمل على تعطل فلورا الأمعاء، والذي يقوم بصنع العديد من فيتامينات ب وفيتامين ك، ومن ثم يمكن أن يؤدي ذلك إلى نقص الفيتامينات داخل الجسم، والشعور بالتعب، والشكوى من اضطرابات تخثر الدم، أو اضطرابات الجهاز الهضمي الخفيفة.
ما هي التفاعلات الواقعة بين مجموعات المضادات الحيوية والفيتامينات والمعادن الشائعة؟
أولا: مجموعة التتراسيكلين

مجموعة التتراسيكلين
للأدوية التي تنتمي إلى مجموعة التتراسيكلين بما في ذلك (التتراسيكلين – الدوكسيسيكلين – المينوسيكلين) القدرة الملحوظة على التفاعل بقوة مع المعادن مثل المغنيسيوم والكالسيوم والزنك والحديد، فعند تناولها بشكل متزامن معهم، فمن الممكن أن تقوم هذه المعادن بتشكيل مركب مخلب مع الدواء يعمل على الحد من عملية الامتصاص من خلال الجهاز الهضمي ويقلل بشكل كبير من فاعلية علاج الالتهابات البكتيرية.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن دواء التتراسيكلين يمكن أن يقلل من نشاط فيتامين C، مما يؤثر هذا الأمر على قدرة الجسم المضادة للأكسدة. لذلك، وعند الحاجة إلى تناول مكملات الفيتامينات أو المعادن، فيجب تناولها على الأقل بفارق زمني 2-3 ساعات من وقت تناول المضادات الحيوية للحد من التفاعلات الغير مرغوبة.
من الهام أيضا معرفة، أنه في حال تناول النياسيناميد (فيتامين ب 3) مع التتراسيكلين لعلاج بعض الأمراض الجلدية مثل حب الشباب والتهاب الجلد الهربس فمن الممكن أن يقلل هذا الأمر من الاستجابة الالتهابية. لذلك، فمن الضروري أن يتم تناول هذه الأدوية على النحو الموصوف والمراقب من قبل طبيب الأمراض الجلدية، وهذا من أجل ضمان سلامة وفاعلية العلاج.
إقرأ أيضا: ما هي المضادات الحيوية التي لا يجب تناولها مع فيتامين C؟
ثانيا: مجموعة البنسلين

مجموعة البنسلين
نادرا ما تسبب مجموعة البنسلين، بما في ذلك الأموكسيسيلين تفاعلات دوائية كبيرة مع الفيتامينات حيث يتم امتصاص الأدوية في هذه المجموعة بشكل جيد بشكل أساسي من خلال الجهاز الهضمي وتكون أقل تأثرا بالطعام أو المغذيات الدقيقة.
بالرغم من ذلك، ومع بعض الحالات قد يؤدي استخدام جرعات عالية من الفيتامينات المتعددة وخاصة فيتامين ج أو فيتامينات ب إلى تغيير درجة الحموضة في المعدة أو يكون له تأثير طفيف على امتصاص الدواء.
لذلك، لا يزال يتعين على المرضى إبلاغ طبيبهم أو الصيدلي إذا كانوا يتناولون مكملات غذائية أو فيتامينات أو معادن، بحيث يمكن تعديل الجرعة ومدة الاستخدام وفقا لذلك.
يجب العلم، أن الاستخدام المطول للمضادات الحيوية يمكن أن يساهم بشكل رئيسي في تغيير البكتيريا المعوية، والتأثير على تخليق فيتامينات B و K الذاتية. لذلك، وبعد نهاية دورة المضادات الحيوية، فقد ينصح المرضى بتناول البروبيوتيك أو مستحضرات دعم الأمعاء لاستعادة توازن البكتيريا المفيدة والحفاظ على الامتصاص الأمثل للعناصر الغذائية.
ثالثا: سيفالوسبورين

سيفالوسبورين
يمكن لأدوية مجموعة السيفالوسبورين مثل (سيفاليكسين وسيفترياكسون) أن تقلل من تخليق فيتامين ك الداخلي من خلال التأثير على الطبيعة المعوية التي تقوم بإنتاج هذا الفيتامين بشكل طبيعي للجسم.
على سبيل التوضيح، وعند استخدام الدواء لفترة طويلة أو بجرعات عالية خاصة مع كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية أو المرضى الذين يتناولون مضادات التخثر، فمن الممكن أن تؤدي هذه الحالة إلى نقص فيتامين ك كما ذكرنا من قبل، وتباعا تحدث المعاناة من اضطرابات تخثر الدم مع بعض المظاهر المرضية مثل الكدمات أو نزيف الجذور أو النزيف تحت الجلد.
لذا، فيجب أن يتم تناول مكملات فيتامين ك فقط وفقا لتوجيهات الطبيب بعد تقيمها للحالة التغذوية وعوامل الخطر المرتبطة بها حيث يمكن أن يؤدي تناول الجرعة الخاطئة بشكل تعسفي إلى تقليل فاعلية مضادات التخثر أو التسبب في اختلال التوازن في عملية التخثر والإرقاء.
رابعا: الفلوروكينولونات

الفلوروكينولونات
عند الحديث عن مجموعة الفلوروكينولون، بما في ذلك ( سيبروفلوكساسين – ليفوفلوكساسين – أوفلوكساسين)، فيجب العلم أنه يشيع استخدامها في علاج التهابات المسالك البولية أو الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي.
الجدير بالذكر، أنه من الممكن أن تتفاعل هذه الأدوية بشكل كبير مع المعادن الكلية والنزرة مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والحديد والزنك، فعند استخدامها بشكل متزامن، فسوف تشكل هذه المعادن بسهولة مجمعات مخلبية غير قابلة للذوبان في الأدوية، وتقلل من الامتصاص من خلال الغشاء المخاطي للأمعاء وتحد من تركيزات المضادات الحيوية في الدم، مما يؤدي هذا إلى انخفاض الفاعلية العلاجية أو حتى التسبب في مقاومة الأدوية خاصة إذا كان التركيز غير كاف لقتل البكتيريا.
للحد من هذه التفاعلات، فيجب تناول المكملات الغذائية أو المستحضرات المعدنية قبل ساعتين على الأقل أو بعد 2-4 ساعات من تناول الفلوروكينولونات، بالإضافة إلى أهمية تجنب تناول الحليب أو منتجات الألبان أيضا لأن المحتوى العالي من الكالسيوم المتواجد في هذه الأطعمة يمكن أن يقلل من امتصاص الدواء.
خامسا: تريميثوبريم سلفاميثوكسازول

تريميثوبريم سلفاميثوكسازول
تريميثوبريم – سلفاميثوكسازول (TMP-SMZ) هو مضاد حيوي مركب واسع الطيف يستخدم بشكل شائع في علاج التهابات المسالك البولية والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي وبعض الحالات البكتيرية الحساسة الأخرى.
يساهم هذا الدواء بشكل رئيسي في منع تخليق واستخدام حمض الفوليك (فيتامين ب 9) بواسطة البكتيريا، مما يجعل من المستحيل على البكتيريا أن تنمو بشكل طبيعي. إلى جانب هذا، وعند استخدام الـ تريميثوبريم – سلفاميثوكسازول (TMP-SMZ) لفترة زمنية طويلة، فمن الممكن أن يؤثر ذلك الأمر على عملية التمثيل الغذائي ويقوم بخلق الكثير من مشاعر التعب، وتكثر كمية كريات الدم الحمراء أو تحدث المعاناة من اضطرابات الجهاز الهضمي الخفيفة.
من هنا، يمكننا القول بأنه في حال تناول مكملات حمض الفوليك بجرعة عالية أثناء تناول مضاد TMP-SMZ فسوف يقلل ذلك من الفاعلية المضادة للبكتيريا للدواء، لذلك يجب استكمالها فقط عند وصفها ومراقبتها من قبل الطبيب خاصة عند النساء الحوامل أو كبار السن أو المعرضين لخطر فقر الدم.
بالإضافة إلى ذلك، قد يزيد TMP-SMZ من مستويات البوتاسيوم في الدم (فرط بوتاسيوم الدم) خاصة مع المرضى الذين يعانون من قصور كلوي أو يتناولون مدرات البول التي تحتفظ بالبوتاسيوم أو مثبطات ACEI أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs). لذلك، لا ينبغي تناوله بالتزامن مع المكملات الغذائية المحتوية على البوتاسيوم أو منتجات تعزيز المنحل بالكهرباء دون وصفة طبية من جانب المختصين.
