يعتبر التثاؤب من الأمور الطبيعية التي تظهر عند كل من الأطفال والبالغين، ولكن في بعض الأوقات من الممكن أن يكون التثاؤب غير المبرر علامة على حدوث الإصابة ببعض الأمراض. لذلك فمن الهام جدا أن نتعرف على التثاؤب في جميع صوره وأهم أسباب حدوثة ومتي يعد حدوثه حالة من الحالات المرضية التي يجب الإنتباه إليها؟.
ما هو التثاؤب؟
التثاؤب هو عبارة عن ظاهرة تحدث كل يوم تقريبا بشكل متكرر عند الأشخاص الذين قد حرمو من النوم أو لم يحصلو على قسط كافي منه وتتم من خلال القيام بآخذ نفس عميق مع فتح الفم في سلوك تلقائي لا أرادي وغير مخطط له. الجدير بالذكر أنه لا يزال العلماء يعملون بجدية لمعرفة الآلية الدقيقة والغرض من حدوث هذا السلوك في كثير من الأوقات.
لماذا يحدث التثاؤب؟
يعتقد الكثير من الأفراد أن التثاؤب علامة على النعاس. فعندما لا تقوم المحفزات الخارجية بالحفاظ على تحفيز الإنتباه فيتم العمل على تنشيط نظام النوم حيث الشعور بالنعاس أو بالملل. في هذه المرحلة، سوف يكافح العقل للبقاء في حالة تأهب عن طريق القيام بالتثاؤب.
أظهرت العديد من الدراسات المختلفة أن التثاؤب يلعب دورا هامل في تحفيز يقظة الدماغ والحفاظ عليها. لذا فيمكننا القول أن التثاؤب هو وسيلة للجسم لتغيير حالاته المعرفية بما في ذلك:
- قبل الذهاب إلى السرير: حيث يمكن إعتبار التثاؤب علامة على حدوث النعاس.
- عند الشعور بالملل: يشير التثاؤب أثناء القيام بشيء إلى طبيعة إنتباه العقل حيث أظهرت الدراسات الاستقصائية أن التثاؤب يتم تسجيله بشكل أكبر في الأنشطة منخفضة التفاعل مثل القيادة أو مشاهدة الأفلام والعكس في الأنشطة الأكثر تفاعلية مثل التحدث والطبخ والتنظيف.
- بعد أداء التمارين الرياضية: يمكن أن يكون التثاؤب بعد نشاط رياضي مكثف علامة على التحول من الطاقة العالية إلى الطاقة المنخفضة في الدماغ حيث تشير بعض النظريات إلى أن التثاؤب بعد التمارين المكثفة ناتج عن نظام التنظيم الحراري للجسم وهذا بشكل مؤقت.
- التغيير بالموقع الجغرافي: وهذا يحدث بسبب الانتقال من منطقة ذات ضغط مرتفع إلى ضغط منخفض حيث يمكن أن يتراكم هذا الضغط في طبلة الأذن ويتسبب في تثاؤب الشخص لتحرير هذا الضغط المتراكم.
ما فوائد حدوث التثاؤب في صورته الطبيعية؟
-
تحسين عملية التنفس
يمكن أن يلعب التثاؤب الطبيعي دورا هاما في عملية التنفس حيث يميل هذا الأمر للإشارة إلى أن الجسم يحتاج إلى المزيد من الأكسجين الذي يتم الحصول عليه بكمية كبيره من الهواء ويحفز معدل ضربات القلب بشكل أسرع، مما قد يعني نظريا أنه يضخ المزيد من الأكسجين إلى داخل الجسم. لذا فإن التثاؤب قد يساعد ببساطة في إزالة السموم من الدم وتوفير مصدر جديد للأكسجين.
-
تبريد الدماغ
يمكن للتثاؤب أن يقوم بالعمل على تبريد الدماغ عن طريق زيادة تدفق الدم في منطقة الوجه والرقبة. فالجدير بالذكر أنه عند حدوث التثاؤب، تتمدد عضلات الوجه لزيادة تدفق الدم، مما يساعد هذا الأمر بعد ذلك في تبديد الحرارة عبر الجهاز الوريدي.
يعد القيام بإستنشاق كميات كبيرة من الهواء أثناء التثاؤب من الأمور الهامة التي تساعد أيضا على تغيير درجة حرارة الدم من الرئتين إلى الدماغ حيث يمكن أن تكون هذه العملية برمتها وسيلة لخفض درجة الحرارة عندما يعاني الدماغ من درجة الحرارة المرتفعة.
هل يعد حدوث التثاؤب أمر مُعدي؟
يوجد في الدماغ بعض الخلايا التي تعرف باسم الخلايا العصبية المرآتية، والتي يمكن أن تسبب التثاؤب في حالة رؤيتها للأفراد من حولها يقومون بفعل ذلك السلوك. أي عندما ترى شخصا يتثاءب، تحاكي الخلايا العصبية المرآة في الدماغ وتقوم بنفس الإجراء الذي يجعلك تتثاءب أيضا.
ما هو مرض التثاؤب المستمر؟
يعد التثاؤب الشديد هو عبارة عن حالة من التثاوب بصورة مستمرة ومبالغ بها مما قد يدل هذا على حدوث الإصابة ببعض الحالات المرضية بما في ذلك:
- تعرض الجسم للتعب الشديد والإرهاق.
- حدوث نزيف بالقلب أو ما حوله.
- الإصابة ببعض اضطرابات النوم مثل انقطاع النفس النومي أو الخدار.
- الآثار الجانبية لبعض الأدوية المستخدمة لعلاج الاكتئاب أو القلق مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
إلى جانب ما قمنا بذكره من مخاطر فمن الممكن أن يشير التثاؤب المفرط أيضا إلى بعض الحالات النادرة الأخرى مثل:
- الإصابة بقصور في الكبد.
- الصرع.
- أورام الدماغ.
- التصلب المتعدد.
- الأزمات القلبيه.
- عدم قدرة الجسم على التحكم في درجة الحرارة.
في العموم عند الشك في أن أمر التثاؤب هذا لا يعد طبيعي حيث يحدث أكثر من المعتاد فيجب القيام بالتحدث بشكل فوري إلى الطبيب لتحديد ما إذا كان التثاؤب المفرط نتيجة لحالة غير طبيعية تحدث في الجسم ولم يتم إكتشافها بعد.
ما هي أسباب حدوث التثاؤب المفرط؟
لتحديد سبب التثاؤب المفرط، فقد يسأل الطبيب أولا عن عادات النوم للتأكد من الشخص الذي يعاني هذا الأمر قد حصل على قسط كافي من النوم أم لا حيث يمكن أن يساعد هذا الأمر في تحديد ما إذا كان التثاؤب المفرط علامة على حدوث المرض، وما إذا كان التثاؤب المفرط ناتجا عن الإصابة بالتعب أو اضطرابات النوم أو الإكتئاب والقلق.
إذا لاحظ الأطباء بعض العلامات التي تشير أو تشتبه في حدوث حالات أخرى تسبب التثاؤب المفرط، فسوف يقوم بالعمل على طلب اختبارات تشخيصية للعثور على السبب اعتمادا على المرض، وقد تشمل:
-
تخطيط كهربية الدماغ (EEG)
يعد هذا هو أحد الاختبارات الهامة التي يمكن استخدامها لقياس النشاط الكهربائي في الدماغ حيث يمكن أن تقوم بالمساعدة في تشخيص حالات الصرع والحالات الأخرى التي تؤثر على الدماغ.
-
التصوير بالرنين المغناطيسي
يستخدم هذا الاختبار مجالات مغناطيسية قوية وموجات الراديو، وهذا حتي يتم العمل على أنشاء صور مفصلة للجسم، والتي يمكن أن تساعد الطبيب على تصور وتقييم هياكل الجسم بصورة واضحة ودقيقة.
يجب العلم أنه غالبا ما تستخدم هذه الصور لتشخيص اضطرابات الحبل الشوكي والدماغ مثل الأورام والتصلب المتعدد. إلى جانب هذا فتعد فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي مفيدة أيضا لتقييم وظائف القلب والكشف عن مشاكل القلب.
كيف يتم العمل على علاج التثاؤب المستمر؟
إذا كان سبب الإصابة بالتثاؤب المفرط هو أحد الآثار الجانبية لتناول بعض أنواع الدواء، فقد يوصي الطبيب بضرورة تناول جرعة أقل أو التغيير إلى دواء مختلف من نوع آخر أما في حالة حدوث التثاؤب المفرط بسبب اضطراب النوم أو الاكتئاب والقلق، فقد ينصح الطبيب بالإستعانة بمساعدات النوم للحصول على نوم أفضل حيث تتمثل هذه المساعدات فيما يلي:
- استخدام أجهزة التنفس.
- أداء بعض التمارين لتخفيف التوتر.
- الالتزام بجدول نوم منتظم.
- أداء سلوكيات النظافة الخاصة بالنوم.
يجب العلم أنه إذا كان التثاؤب المفرط أحد أعراض الإصابة ببعض الحالات الطبية الخطيرة مثل الصرع أو فشل الكبد، فيجب التدخل الطبي الفوري لتحديد الأسباب ووصف العلاج المناسب لها.
ما هي أهم طرق علاج النعاس؟
تحدث معظم حالات التثاؤب المفرط بسبب إصابة الجسم بالكثير من التعب والأرهاق، لذا يجب العمل على إراحة الجسم قدر الإمكان، ولكن إذا إستمر الشعور بالنعاس فيجب الإستعانة ببعض الطرق التي يمكن أن تساعد في معالجة هذا الأمر حيث تتمثل فيما يلي:
- الحصول على الدش البارد.
- تناول اللبان.
- شرب الكثير من الماء.
- ممارسة الرياضة باعتدال.
- التقليل من تناول الأطعمة الحلوة.
- أخذ حمام شمسي بصورة منتظمة.
في النهاية.. يجب العلم أن التثاؤب يعد أمر طبيعي تماما ولكن في حالة حدوثه كثيرا وبشكل مستمر، فمن الهام الإنتباه إليه لأنه يمكن أن يكون علامة على الإصابة ببعض الحالات الطبية الأساسية.