مع التقدم في العمر يعاني كبار السن العديد من المشاكل النفسية والبدنية والصحية بصورة كبيرة وملحوظة عن سابق عهد حيث يشعر الأفراد آنذاك الوقت بسيطرة متلازمة التعب المزمن التي تسبب لهم الكثير من المشاكل ومن أهمها مشكلة الدوخة المتكررة والمستمرة في هذه المرحلة. لهذا الأمر قررنا اليوم أن نتعرف على أسباب إصابة كبار السن بالدوخة وكيف يمكننا التعامل مع كل سبب مرضي للتغلب على الدوخة بشكل صحي وطبي سليم؟
ما هي أسباب إصابة كبار السن بالدوخة؟
تتعدد أسباب إصابة كبار السن بالدوخة خلال هذه المرحلة العمرية ولكنها تتمثل في بعض الأسباب المرضية التي سنتحدث عنها بالتفصيل فيما يلي:
أولا: الدوخة الوضعية الانتيابية الحميدة (BPPV)
تعد الدوخة الوضعية الانتيابية الحميدة من المشاكل الشائعة التي يواجهها كبار السن حيث تعتبر هذه المشكلة من الأعراض الفسيولوجية الناتجة عن التغيرات التي تحدث في الجسم مع مرور الوقت.
تتميز الدوخة الوضعية الانتيابية الحميدة بالشعور بالدوار والأنعكاس الحركي عند تغيير موقف الجسم، مثل الانحناء أو الوقوف بشكل سريع وغير متوقع. فالجدير بالذكر أنها قد تحدث نتيجة حدوث تغيرات بالجهاز العصبي الحسي في الجسم، وهذه التغيرات قد تؤثر على الاستقرار وتوازن الجسم بشكل عام.
تعتبر الدوخة الوضعية الانتيابية الحميدة من أكثر الأزمات الصحية شيوعا عند كبار السن لأنهم أكثر عرضة للتغيرات في الجسم مع تقدمهم في العمر حيث قد يظهر عندهم انخفاض في نشاط الجهاز العصبي الحسي، مما يؤثر هذا على قدرتهم في على تحقيق التوازن الجسدي.
عادة ما يشعر الأشخاص المصابون بهذه المشكلة الصحية بثبات المحيط بهم مثل الغرفة أو الجدران بالدوران أو التحرك حولهم. فعلى الرغم من أن هذا الشعور غير مؤلم، إلا أنه يمكن أن يكون مزعجا ويؤثر على الحركة والقدرة على القيام بالأنشطة اليومية.
يجب العلم انه توجد بعض الاحتمالات التي قد تزيد من احتمالية حدوث الدوخة الوضعية الانتيابية الحميدة عند كبار السن، منها حدوث التغيرات في القوة واللياقة البدنية، إلى جانب قلة النشاط الجسدي، والتغيرات في ضغط الدم أو حدوث بعض التركيبات في الأذن الداخلية التي تعتبر من الأسباب الرئيسية لحدوث هذه المشكلة الصحية.
على الرغم من أن الدوخة الوضعية الانتيابية الحميدة لا تشكل خطورة على الحياة، إلا أنها يمكن أن تؤثر سلبًا على جودة حياة كبار السن حيث شعورهم الدائم بالضعف والإعياء، وقلة الثقة في القدرة على الحركة والقيام بالأنشطة اليومية المعتادة وحتى البسيط منها.
ما هي طرق علاج الدوخة الوضعية الانتيابية الحميدة؟
من الهام جدا معرفة أن الدوخة الوضعية الانتيابية الحميدة قد تختفي تلقائيا دون الحاجة إلى تلقي علاج. ولكن في بعض الحالات، قد يوصي الأطباء بضرورة إتخاذ بعض التدابير البسيطة التي يمكن اتباعها لتقليل الأعراض وتحسين الاستقرار والتوازن حيث تشمل هذه التدابير:
- العمل على الوقوف والجلوس ببطء للسماح للجسم بالتكيف تدريجيا مع التغييرات في الموقف.
- الابتعاد عن التحركات المفاجئة أو السريعة الغير محسوبة.
- ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة، مثل المشي الخفيف وهذا لتحسين اللياقة البدنية وقوة العضلات.
- الاحتفاظ بنظام غذائي صحي وتناول الكميات المناسبة من السوائل.
- الاسترخاء والتقليل من التوتر والقلق، حيث يمكن أن يؤثر التوتر النفسي على الاستقرار.
في حالة استمرار الأعراض أو تفاقمها، فقد يكون من الضروري إستشارة الطبيب لأنه قد يقوم بتشخيص الحالة المرضية ووصف بعض العلاجات الدوائية المناسبة لتحسين الأعراض وتقليل التأثير السلبي على حياة الشخص المسن.
إقرأ أيضا: الأرق لدى كبار السن وأهم الطرق الطبيعية الفعالة لعلاجه
ثانيا: متلازمة مينيير
تعتبر هذه المتلازمة من الحالات المرضية المزمنة التي تؤثر على الأذن الداخلية وتسبب بعض الاضطرابات في التوازن وفقدان السمع. فيجب العلم أنها منتشرة بين الأفراد الذين تتجاوز أعمارهم الـ65 عاما.
يعاني كبار السن الذين يشكون من متلازمة مينيير من أعراض مرتبطة بالتوازن مثل الدوخة، وفقدان التوازن، وصعوبة المشي بشكل ثابت. فالجدير بالذكر أنه قد يشعر المريض بدورة من الدوخة وضعف التوازن تستمر لعدة ساعات حيث قد تحدث هذه النوبات بشكل متكرر في الأسبوع أو الشهر.
قد تصاحب هذه الأعراض حدوث احتباس للسوائل في الأذن الداخلية وإفراز غير طبيعي من السوائل، مما يؤدي هذا الأمر إلى زيادة الضغط داخل الأذن الداخلية وتهيج الأعصاب المسؤولة عن حالة التوازن في الجسم.
تشكل متلازمة مينيير ضغطًا نفسيا كبيرا على المرضى وتؤثر بشكل كبير على نوعية حياتهم اليومية حيث يجد الكثير من الأشخاص صعوبة كبيرة في القيام بالأنشطة اليومية مثل الحركة، والقيادة، والتفاعل مع الآخرين. بالإضافة لذلك فقد يشعر المرضى أيضا بالتعب الشديد والاكتئاب، مما يزيد هذا من صعوبة التعافي ويؤثر على الصحة العامة والرفاهية.
ما هي طرق علاج متلازمة مينيير؟
للأسف، لا يوجد علاج مؤكد لمتلازمة مينيير حتى الآن، ولكن هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتحسين جودة الحياة لدى كبار السن المصابين بهذه المتلازمة وتتمثل فيما يلي:
يمكن للأطباء وضع خطة علاجية شاملة تستهدف الأعراض العامة للمرض وتقليل مدى تأثيرها حيث يشمل العلاج عادة تناول الأدوية المضادة للدوخة والاستعانة بالجراحة في بعض الحالات الشديدة.
- العمل على تجنب الأطعمة والمشروبات التي قد تزيد من أعراض هذه المتلازمة مثل الكافيين والمشروبات الغازية والأطعمة المالحة.
- ممارسة تدابير السلامة الأساسية مثل استخدام المساعدات في المشي وتجنب المواقف التي قد تسبب السقوط أو حدوث أي إصابات.
- اللجوء إلى إستشارة أخصائي التوازن والعلاج الوظيفي لتعلم تقنيات التوازن وتقوية العضلات المرتبطة بالشخص المريض.
ثالثا: إلتهاب العصب الدهليزي
يعتبر التهاب العصب الدهليزي من الأمراض الشائعة التي تصيب كبار السن وتؤثر على جودة حياتهم بشكل كبير حيث يعرف بأنه التهاب يحدث في الأذن الداخلية، ويمكن أن يسبب الكثير من الأعراض مثل الدوار وفقدان التوازن.
تعود أسباب الإصابة التهاب العصب الدهليزي عند كبار السن إلى عوامل متعددة، بما في ذلك التغيرات الهرمونية، وتقدم العمر، وحدوث التلف في أنسجة الأذن الداخلية بسبب التعرض للضجيج الشديد أو الالتهابات المتكررة حيث قد تزيد جميع هذه العوامل من خطر حدوث التهاب العصب الدهليزي بنسبة كبيرة.
تظهر أعراض التهاب العصب الدهليزي بشكل عام في حدوث الدوار وفقدان التوازن، ولكن قد تظهر أعراض إضافية أخرى تتمثل في الغثيان والقيء والألم في الأذن . مما يترتب على هذه الأعراض الآثار النفسية السيئة مثل القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية وعدم القدرة على بأنشطة الحياة الروتينية.
ما هي طرق علاج إلتهاب العصب الدهليزي؟
للأسف، لا يوجد لإلتهاب العصب الدهليزي طريقة علاجية مباشرة، ولكن هناك بعض العلاجات التي يمكن تجربتها للتخفيف من الأعراض المرضية وتحسين الجودة الحياتية لكبار السن المصابين.
يمكن تناول الأدوية المضادة للدوار للتحكم في الأعراض المصاحبة لإلتهاب العصب الدهليزي، ومع تطور الحالة المرضية يمكن استخدام الجراحة كخيار علاجي لا بديل عنه. بالإضافة لذلك توجد أيضا تقنيات علاجية أخرى تتمثل في العلاج الوظيفي والطبيعي حيث تستهدف هذه الطرق تعزيز التوازن، وتقوية العضلات المحيطة بالأذن الداخلية.
يجب علينا ألا نغفل ضرورة قيام مصابي إلتهاب العصب الدهليزي من كبار السن بالعمل على استشارة الطبيب المختص قبل إتخاذ أي قرار علاجي لمعرفة مخاطر وفوائد كل خيار وأن يتم توضيحها للمريض قبل البدء في أي خطة علاجية.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الكبار من العمر أن يتبعوا نمط حياة صحي، يشمل الغذاء الصحي والنشاط البدني المنتظم، والمحافظة على الوزن المثالي وتجنب التدخين والتقليل من تناول المشروبات الغازية الضارة.