غالبا ما ينتقل سرطان الرئة إلى الدماغ بسبب قدرة هذا المرض اللعين على عبور الحاجز الدموي الدماغي حيث تعد بيئة الدماغ هذه قابلة للتكيف مع هذه الحالة المرضية، بالإضافة إلى ضعف الجهاز المناعي الداعم بشكل رئيسي في ظهور مثل هذه الأزمة الصحية الخطيرة. لذا، فقد قررنا وبمزيد من التوضيح أن نتعرف اليوم على أهم أسباب انتقال سرطان الرئة إلى الدماغ وهذا حتى نكون على علم ودراية بهذا الأمر.
سرطان الرئة
سرطان الرئة
يعد سرطان الرئة هو أكثر أنواع السرطان الأورام السرطانية شيوعا وهو أيضا السبب الرئيسي لزيادة نسبة الوفيات على مستوى العالم.
الجدير بالذكر، أن واحدة من أخطر مضاعفات هذه الحالة المرضية شيوعا هي النقائل في الدماغ، والتي من الوارد أن تصيب فئة ليست بالقليلة من المرضى والتي تحدث نتيجة العديد من المسببات.
الدماغ والخلايا السرطانية
الدماغ والخلايا السرطانية
عادة ما ينتقل سرطان الرئة عبر مجرى الدم، أي أن الخلايا السرطانية تقوم بالدخول إلى الأوعية الدموية في الرئتين، ثم تنتقل إلى بعض الأعضاء الأخرى مثل الكبد والعظام وخاصة الدماغ.
يجب العلم أن هذه ليست ظاهرة عشوائية حيث يتواجد خيار رئيسي يتمثل في اعتبار الدماغ موطنا للعديد من العوامل البيولوجية والتشريحية التي تميل إلى الخلايا الخبيثة لكي تنمو وتتطور.
على سبيل التوضيح، تعد شبكة الأوعية الدموية في الدماغ كثيفة للغاية، مما يساعد هذا الأمر على توفير الأكسجين والتغذية باستمرار حيث يعد هذا هو الطريق السريع للخلايا السرطانية من الرئتين للتحرك لأعلى.
على الرغم من أن الدماغ لديه حاجز وقائي يسمى الحاجز الدموي الدماغي (BBB)، والذي يتكون من خلايا ضيقة داخل الأوعية الدموية لمنع البكتيريا والسموم من دخول الأنسجة العصبية إلا أنه قد وجدت بعض الدراسات الحديثة أن خلايا سرطان الرئة يمكن أن تفرز إنزيمات وجزيئات إشارات تعمل على تخفيف هذا الهيكل، مما يتسبب هذا في تلف الـ BBB والسماح للخلايا الغريبة بالدخول.
الخلايا العصبية والأورام السرطانية
الخلايا العصبية والأورام السرطانية
بعض أنواع سرطان الرئة عادة ما يكون سرطان الخلايا الصغيرة (SCLC) حيث يعد هذا النوع سريع النمو وغالبا ما يكون له نفس خصائص الخلايا العصبية في مرحلة التطور.
بناء على هذا، فمن الممكن لهذه الخلايا اللعين أن تتنكر في صورة خلايا طبيعية في بيئة الدماغ، مما يتسبب هذا في عدم قتل الخلايا الداعمة في الدماغ، وخاصة الخلايا النجمية، وتباع تتن حماية الخلايا السرطانية وتزداد فرص تغذيتها بشكل ملحوظ.
أما فيما يخص سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة (NSCLC)، فتلعب الطفرات الجينية مثل الـ EGFR و ALK و ROS1 أيضا دورا مهما في دعم الخلايا السرطانية لعبور الحاجز الدموي الدماغي مع زيادة قدرتها على البقاء والنمو في بيئة الأنسجة العصبية.
الأورام السرطانية الدماغية وضعف الجهاز المناعي
الأورام السرطانية الدماغية وضعف الجهاز المناعي
من العوامل الرئيسية التي تقوم بجعل الدماغ مكانا مثاليا لنمو الخلايا السرطانية وانتشارها، فيمكننا أن نتحدث عن أزمة ضعف الجهاز المناعي على عكس الأعضاء الأخرى في الجسم حيث من الوارد أن تنشط الخلايا المناعية مثل الخلايا التائية والضامة في الدماغ، وبناء عليه يمكن للخلايا السرطانية الاختباء بسهولة والبقاء على قيد الحياة لفترة أطول.
بالإضافة إلى ذلك، فغالبا ما تتضمن البيئة المكروية في موقع الورم الخبيث في الدماغ عوامل مناعية ضعيفة، وخلايا داعمة مثل العدلات التي تعبر عن PD-L1 (جزيء مثبط للمناعة)، والعديد من السيتوكينات مثل TNF-α و IL-6 وما إلى ذلك.
لذا، فيمكننا القول بأنه في حال تهيئة الظروف المثالية لتطور السرطان، فسوف تحفز الخلايا السرطانية أيضا تكوين أوعية دموية جديدة، مما يساعد هذا على زيادة الأورام بالدم وبشكل منتظم.
اتجاه علاج جديد لعلاج سرطان الرئة والحد من انتشاره إلى الدماغ
اتجاه علاج جديد لعلاج سرطان الرئة والحد من انتشاره إلى الدماغ
مع تطور الطب الحديث، فقد حقق علاج سرطان الرئة النقيلي إلى الدماغ العديد من التقدمات العلمية.
في الماضي ، كان العلاج بشكل أساسي يتمثل في العلاج الإشعاعي للدماغ بأكمله أو الجراحة لإزالة الورم إن أمكن أما في الوقت الحال، فقد أظهر العلاج الموجه مثل استخدام مثبطات EGFR من الجيل الجديد (مثل osimertinib) أو مثبطات ALK (مثل alectinib) فاعلية وكفاءة أعلى حتى وصل الأمر إلى التغلب على الحاجز الدموي الدماغي.
بالإضافة إلى هذا، فقد ينتج على العلاج المناعي أيضا العديد من الآمال والنتائج الإيجابية خاصة عند دمجه مع أدوية العلاج الكيميائي حيث يمكنه التحكم بشكل أفضل في نقائل الدماغ.
بالرغم من ذلك، فإن اختيار العلاج الأمثل يعتمد على نوع السرطان، والطفرة الجينية، وعدد النقائل وموقعها، بالإضافة إلى الحالة الجسدية للمريض.
أهم التحذيرات والتوصيات الطبية
أهم التحذيرات والتوصيات الطبية
يمكن أن يتطور سرطان الرئة بصمت لسنوات قبل اكتشافه، ومن ثم تساعد آلية اكتشاف المرض في مرحلة مبكرة وخاصة عندما لا تكون هناك نقائل في الدماغ على تحسين فرص العلاج الناجح بشكل كبير.
لذلك، يجب وبشكل دوري فحص الأشخاص الذين يدخنون أو لديهم تاريخ من التعرض المهني أو لديهم أقارب مصابين بالسرطان بشكل دوري بجرعات منخفضة من التصوير المقطعي المحوسب.
في حال ظهور بعض العلامات العصبية الغير طبيعية على مريض سرطان الرئة، فمن الضروري إخطار الطبيب على الفور للتحقق من مخاطر نقائل الدماغ، وبالتالي يتم التدخل في الوقت المناسب.