في الحياة اليومية، اعتاد الكثير من الأفراد على تناول الدواء مع الحليب أو العصير أو القهوة أو المشروبات الغازية. الجدير بالذكر، أن هذه التركيبات التي تبدو غير ضارة لدى أغلبنا قد تسبب أحيانا تفاعلات دوائية خطيرة، مما يؤثر هذا الأمر على فاعلية العلاج المتناول والصحة بشكل عام. بشكل أكثر فهما، قررنا أن نتحدث اليوم على التفاعلات التي تحدث من بين الغذاء والدواء وما هي الآلية الصحية لإحتواء هذه الأزمة قدر الإمكان؟.
ماذا نعني بالتفاعل بين الغذاء والدواء؟
ماذا نعني بالتفاعل بين الغذاء والدواء؟
عند الحديث عن التفاعل الدوائي مع الغذاء فيجب العلم أنه عبارة عن عملية يقوم من خلالها بعض أنواع الأطعمة والمشروبات بتغيير طريقة عمل الدواء في الجسم. يمكن أن يحدث هذا التفاعل في العديد من المراحل المختلفة، بداية من الوقت الذي يتم فيه امتصاص الدواء في مجرى الدم، واستقلابه حتى يتم التخلص منه إلى خارج الجسم.
من الهام معرفة، أن هناك 3 آليات رئيسية للتفاعل وهم:
1) التقليل من امتصاص الدواء: يمكن لبعض الأطعمة أن تقلل من امتصاص الأدوية، مما يجعلها غير قادرة على دخول مجرى الدم بالجرعات المطلوبة، ومن ثم تقليل فاعلية العلاج بشكل ملحوظ.
2) زيادة الآثار الجانبية للأدوية: تزيد بعض الأطعمة من آثار الأدوية، مما يتسبب في ارتفاع مستويات الدم، مما يؤدي ذلك إلى زيادة مخاطر الجرعات الزائدة أو الآثار الجانبية المتوقع حدوثها.
3) حدوث بعض التغيرات في التمثيل الغذائي: يمكن أن تؤثر بعض المواد الموجودة في الغذاء على الإنزيمات المسؤولة عن استقلاب الأدوية في الكبد، مما يؤدي هذا إلى إبطاء أو تسريع هذه العملية. الجدير بالذكر، أنه عندما تتباطأ عملية التمثيل الغذائي، فسوف يتراكم الدواء في الجسم، مما يسبب السمية أما إذا تم تسريع هذه العملية، فسوف يتم التخلص من الدواء بشكل سريع إلى خارج الجسم.
ما هي التفاعلات الشائعة الوارد حدوثها ما بين الغذاء والدواء؟
ما هي التفاعلات الشائعة الوارد حدوثها ما بين الغذاء والدواء؟
أولا: التفاعلات الدوائية مع الحليب ومنتجات الألبان
غالبا ما يسيطر على أغلبنا إعتقاد بأن الحليب ومشتقاته وغيرها من المنتجات الغنية بالكالسيوم مغذية للجسم ومن ثم يتم تناولها في أغلب الأوقات، ولكن هذا الإعتقاد غير صحيح إطلاقا لأن بعض الأدوية يمكن أن تتفاعل مع هذه النوعية من الأطعمة.
يجب العلم، أن أهم أنواع الأدوية التي يمكن أن تتفاعل في الألبان والأطعمة الخاصة به تتمثل في الآتي:
– المضادات الحيوية: مثل التتراسيكلين والكينولون، وخاصة عند استخدامها مع الحليب أو الكالسيوم أو الحديد أو الزنك حيث تقوم بتشكيل مجمعات غير قابلة للذوبان، مما يترتب على ذلك عدم امتصاص الأدوية في مجرى الدم، وتباعا تصبح آلية علاج الالتهابات البكتيرية غير فعالة على الإطلاق.
لذلك، فيوصى الخبراء بأهمية تناول هذه الأدوية قبل أو بعد منتجات الألبان بمدة زمنية تترواح ساعتين على الأقل.
إقرأ أيضا: 3 مفاهيم خاطئة شائعة حول التفاعلات الدوائية
ثانيا: التفاعل الدوائي مع فاكهة الجريب فروت والعصير الخاص بها
تحتوي فاكهة الجريب فروت على مركب يسمى فورانوكومارين، والذي لديه القدرة على تثبيط إنزيم يسمى الـ CYP3A4 الهام جدا لصحة الأمعاء الدقيقة والكبد. على سبيل الفهم أكثر، يلعب هذا الإنزيم دورا في عملية التمثيل الغذائي للعديد من الأدوية.
بشكل عام، يمكننا القول بأن الادوية التي تتفاعل مع فاكهة الجريب فروت تتمثل فيما يلي:
– أدوية القلب والأوعية الدموية: يمكن أن يزيد عصير الجريب فروت من تركيز الأدوية مثل الستاتين (سيمفاستاتين ، أتورفاستاتين) وحاصرات قنوات الكالسيوم (أملوديبين ، نيفيديبين) في الدم، مما يتسبب هذا الأمر في حدوث المعاناة من آثار جانبية خطيرة تصيب الجسم مثل المعاناة من تلف الكبد أو العضلات أو انخفاض ضغط الدم المفرط.
– أدوية أخرى: يتفاعل الجريب فروت أيضا مع بعض مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للحساسية والمهدئات.
لذا، فيفضل بشكل قاطع عدم تناول فاكهة الجريب فروت أو شرب العصير الخاص بها أثناء تلقي العلاج بهذه الأدوية.
ثالثا: التفاعلات الدوائية مع الأطعمة الغنية بفيتامين ك
يعد فيتامين ك من أهم العناصر الغذائية الأساسية المعنية بتخثر الدم. لذلك، فإنه يتفاعل مباشرة مع مضادات التخثر.
بناء على هذا، فمن الممكن أن يعمل دواء الوارفارين المضاد للتخثر عن طريق تثبيط فيتامين ك أما في حال تناول الكثير من الأطعمة الغنية بفيتامين ك مثل السبانخ أو الملفوف أو البروكلي أو القرنبيط أو كبد ، إلخ، فسوف يقلل ذلك من تأثير الوارفارين، مما يزيد هذا الأمر من خطر تكون جلطات الدم.
يجب العلم أيضا، أن مستخدمو دواء الوارفارين يحتاجوا إلى الحفاظ على نظام غذائي مستقر، دون فعل أي تغيرات مفاجئة في كمية الأطعمة الغنية بفيتامين ك.
رابعا: التفاعل مع المنشطات
يمكن أن يزيد الكافيين الموجود في القهوة والشاي من آثار بعض الأدوية والتي تتمثل في الآتي:
– أدوية الربو: يزيد الكافيين من الآثار الجانبية لأدوية الثيوفيلين، مما يترتب على ذلك المعاناة من بعض الأعراض المرضية مثل خفقان القلب والأرق والغثيان.
– المضادات الحيوية: يمكن لبعض المضادات الحيوية مثل سيبروفلوكساسين والنورفلوكساسين إبطاء عملية التمثيل الغذائي للكافيين ، مما يؤدي هذا إلى حدوث المعاناة من الأرق وخفقان القلب.
لذلك، لا ينصح بشرب القهوة أو الشاي المركز أثناء تناول الأدوية.
ما هي أهم النصائح التي يجب مراعاتها عند تناول الأدوية بأمان؟
ما هي أهم النصائح التي يجب مراعاتها عند تناول الأدوية بأمان؟
لتجنب التفاعلات ما بين الغذاء والدواء الغير المرغوب فيها، فيجب دائما مراعاة الإرشادات التالية:
– قراءة ملصق التعليمات بعناية: تحتوي ورقة التعليمات التي تأتي مع كل دواء دائما على قسم التفاعلات الدوائية والغذائية. لذا، فينصح بأهمية آخذ الوقت الكافي لقراءة هذه التوصيات واتباعها.
– تناول الدواء بالماء المصفى: تعد المياه المفلترة هي المذيب الأكثر أمانا ومحايدا لتناول الدواء، ومن ثم فمن الواجب تناول أي منتجات دوائية بالماء المصفى فقط.
– استشر الطبيب أو الصيدلي: قبل استخدام أي دواء سواء كان بوصفة طبية أو بدون وصفة، فينصح بأهمية إخبار الطبيب والصيدلي بجميع الأدوية الأخرى المتناوله بما في ذلك المكملات الغذائية والفيتامينات التي يتم تناولها، وتباعا سوف يقوم الطبيب بتقديم بعض النصائح الأكثر دقة حول متى وكيف تتناول الدواء بأمان.
– الحفاظ على عادات غذائية مستقرة: بالنسبة للأمراض المزمنة التي تتطلب أدوية طويلة الأمد، فتعد آلية الحفاظ على نظام غذائي مستقر من الأمور الأكثر فاعلية للتمتع بأفضل كفاءة دوائية مرجوه.