عند تلقي العلاج النفسي الموصوف طبيا والمتمثل في تناول مضادات الاكتئاب، فمن الوارد أن تحدث حالة من الخمول والتدهور العاطفي حيث يعد هذا هو أحد الآثار الجانبية الشائعة نسبيا لهذه النوعية الدوائية. في هذه الآونة، يتم اللجوء إلى إتباع بعض الأنماط الصحية لمحاولة التغلب على هذه الأزمة وفي نفس الوقت الحفاظ على فاعلية العلاج خاصة عند تناوله على المدى الطويل. بصورة أكثر فهما، سنقوم اليوم بالحديث عن كيفية التعامل مع التبلد العاطفي الناتج عن تناول الأدوية المضادة للاكتئاب.
التبلد العاطفي
التبلد العاطفي
تعد هذه الأزمة النفسية هي عبارة عن حالة يشعر فيها الشخص بعدم السعادة أو التعاسة أو عدم الاهتمام أو الابتعاد عن نفسه ومن حوله حيث يعد هذا هو التأثير الجانبي الأكثر شيوعا عند القيام بتناول مضادات الاكتئاب.
من الهام معرفة، أن بعض مضادات الاكتئاب مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (فلوكستين – سيرترالين – باروكستين – سيتالوبرام – إسيتالوبرام) ، وSNRIs (فينلافاكسين – دولوكسيتين) … إلخ يمكن أن تعمل على تثبيط نشاط أنظمة الدوبامين والنورادرينالين، والناقلات العصبية المسؤولة عن عواطف الإثارة والدافع.
إلى جانب هذا، فمن الوارد مع بعض الأشخاص أن تكون هذه الظاهرة عابرة فقط في الأسابيع القليلة الأولى من العلاج، ولكن في حال استمرارها لفترات زمنية طويلة، فقد تؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة ومن ثم فيجب عرض الأمر على الطبيب المعالج لتوجيه المريض لما يجب عليه فعله.
طرق التغلب على التبلد العاطفي الناتج عن تناول مضادات الاكتئاب
1) عدم التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب بشكل ذاتي
عدم التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب بشكل ذاتي
عند شعور المرضي النفسيين بضعف المشاعر وقلة الاهتمام، فمن الواجب عليهم تجنب التعامل مع الأمر بشكل ذاتي حيث يتم ذلك عن طريق التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب فجأة.
الجدير بالذكر، أنه من الممكن أن يسبب التوقف عن تناول الدواء بعد أكثر من 4-6 أسابيع من الاستخدام في حدوث متلازمة الانسحاب مع ظهور بعض الأعراض المزعجة مثل القلق، والأرق، والدوخة، والغثيان، والتعب، والأرق، والأحلام الحية، والشعور بصدمة كهربائية في الرأس، والتهيج أو تكرار أعراض الاكتئاب.
يجب العلم، أن غالبية الآثار الجانبية لمضادات الاكتئاب بما في ذلك فقدان الحالة المزاجية مؤقتة وعادة ما تهدأ بعد مرور أول 2-4 أسابيع من العلاج خاصة عندما يتكيف الجسم مع الدواء. لذا، فيجب على المرضى الاستمرار في تناول أن دواء موصوف طبي بالجرعة المناسبة وفي الوقت المحدد وفقا لتعليمات الطبيب، وتجنب التوقف فجأة أو تعديل الجرعة بمفردنا.
2). تقليل الجرعة المتناولة
تقليل الجرعة المتناولة
في حال المعاناة من أزمة التبلد والخمول العاطفي لعدة أسابيع حيث يتجلى هذا في التأثير السلبي على الحياة اليومية والعملية، فسوف يحتاج المريض إلى إبلاغ الطبيب المعالج.
في بعض الحالات، يمكن أن تساعد آلية تقليل جرعة الدواء الدماغ على استعادة المرونة في الاستجابات العاطفية مع الحفاظ على فاعلية علاج أعراض الاكتئاب.
ومع ذلك، يجب إجراء تعديلات الجرعة ببطء وتحت إشراف طبيب لأنه في حال تغيير الجرعة بسرعة كبيرة جدا أو تغيير النظام فمن الممكن أن يتسبب هذا الأمر في تكرار أزمة الاكتئاب وتباعا تظهر أعراض القلق بشكل متزايد أو تتجلى متلازمة الانسحاب وتطفو على السطح.
إقرأ أيضا: متي يتم تناول أدوية علاج الاكتئاب؟
3) إجراء التغيرات الدوائية
إجراء التغيرات الدوائية
في حال عدم فاعلية تقليل الجرعة المتناوله في التغلب على أزمة الخمول العاطفي، فيمكننا الإنتقال إلى تناول فئة أخرى من مضادات الاكتئاب مع آلية عملية أكثر توازنا بين السيروتونين، والدوبامين والنورادرينالين.
على سبيل التوضيح، فقد لوحظ أن بعض الأدوية مثل البوبروبيون أو الفورتيوكسيتين أو ميرتازابين تسبب حالة من الضعف العاطفي أقل من مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (إس إس أراي) حيث تساعد هذه الأدوية في الحفاظ على قدرة المريض نحو إدراك المشاعر الإيجابية مع الحفاظ على التحكم الجيد في أعراض الاكتئاب والقلق.
يجب ملاحظة أن عملية اختيار الأدوية أو الاستعاضة عنها يجب أن تتم تحت إشراف دقيق من الطبيب المعالج وهذا من أجل مراقبة الفاعلية والحد من التفاعلات الدوائية ومنع تكرارها.
يجب على المرضى عدم تغيير الأدوية بشكل تعسفي وفقا للتجربة الشخصية أو المشورة الشفوية، لأن هذا الأمريمكن أن يزعزع استقرار الحالة المزاجية، ويسبب المعاناة من نوبات أعراض الاكتئاب أو الاضطراب العاطفي.
4) إتباع أنماط العلاج النفسي الأخرى
إتباع أنماط العلاج النفسي الأخرى
بالإضافة إلى الأدوية، فمن الممكن أن تساعد العلاجات النفسية الأخرى مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT) أو العلاج الذهني أو العلاج الذي يركز على العاطفة (EFT) الأشخاص على استعادة قدرتهم في عملية التعرف على العواطف وتجربتها.
بوجه عام، تساعد ممارسة آليات اليقظة وأنظمة العلاج النفسي المختلفة الأشخاص المرضى في دعم عملية التركيز على الحاضر، ومراقبة مشاعرهم وأفكارهم بطريقة لطيفة خالية من تأنيب الذات، وبالتالي تقليل الميل إلى النقد الذاتي وزيادة الاتصال بأنفسهم ومحيطهم.
في هذه الآونة أيضا، يمكننا القيام ببعض الأنشطة البسيطة مثل المشي في الهواء الطلق أو القراءة أو الاعتناء بالنباتات أو الرسم أو تدوين اليوميات أو الطهي، فمن الهام معرفة أن لجميع هذه الأنشطة تأثيرات مختلفة في إثارة المشاعر الإيجابية.
5) ممارسة الرياضة بانتظام
ممارسة الرياضة بانتظام
تزيد التمارين الرياضية من إفراز هرمونات الإندورفين والسيروتونين والدوبامين حيث تعد هذه هي الناقلات العصبية التي تساعد على خلق مشاعر السعادة والإثارة.
وفقا للدراسات والأبحاث، فإنه عند ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل يوميا بمعدلات تترواح من 3 إلى 5 أيام في الأسبوع، فسوف يلعب هذا الروتين دورا فعالا في تحسن الحالة المزاجية بشكل كبير والتقليل من مشاعر القلق الناتجة عن تناول مضادات الاكتئاب.
يمكن للمرضى أيضا اختيار أشكال لطيفة من التمارين الرياضية مثل المشي السريع أو السباحة أو اليوغا أو ركوب الدراجات حيث تعد هذه الأنشطة فعالة في دعم استرخاء الجسم وتحفيز الدماغ على إنتاج الهرمونات الإيجابية بشكل طبيعي.