في بعض الاوقات يأتي على ألسنة الأطباء مصطلح حدوث خلل في الغدد الصماء، فالجدير بالذكر أن هذه الغدد مسئولة بشكل مباشر على إنتاج الهرمونات التي تلعب دورا مهما في العمل على تنظيم معظم عمليات التمثيل الغذائي في الجسم والتي قد تتمثل في تنظيم درجة الحرارة، وتحقيق التوازن في الجسم عند الإجهاد ، وتنظيم نسبة السكر في الدم. لذا فيمكننا القول أن هذه الهرمونات تساعد الجسم على التحكم في العديد من الوظائف المهمة، وخاصة قدرة الجسم على استقلاب الطاقة. ولكم ماذا يحدث إذا أصيبت هذه الغدد ببعض الاضطرابات؟ ما هي أهم الأمراض التي تنتج عن هذا الوضع الصحي؟ هذا ما سنتعرف عليه اليوم بشكل تفصيلي موضح.
الغدد الصماء وأهميتها
يتكون نظام الغدد الصماء من مجموعات خلايا، يفرز كل منها هرمونا مختلفا أو أكثر حيث يتم هذا من خلال الدورة الدموية للعمل على تنظيم الجسم والعديد من وظائفه. فمن الهام معرفة أن جهاز الغدد الصماء هذا يتكون من غدد صماء صغيرة متناثرة غير مرتبطة تشريحيا ولكنها مرتبطة وظيفيا ارتباطا وثيقا.
إلى جانب ذلك، فيجب العلم أن معظم الأعضاء والخلايا في الجسم تقوم بمهام هرمونية. حيث أن هناك نظامان رئيسيان ينظمان وظائف الجسم ألا وهما:
- الجهاز العصبي الذي يعتمد على الآليات العصبية.
- نظام الغدد الصماء الذي يعتمد على الآليات الخلطية.
بوجه عام يمكننا القول أن الغدد الصماء هي عبارة عن غدد بدون قنوات، وتتكون من جزأين يظهرو في الجزء الإفرازي الذي يشكل مجموعة من الخلايا المسئولة عن تخليق الهرمونات وإطلاقها، والشبكة الشعرية الغنية المحيطة بالخلايا الإفرازية المسئولة عن تلقي الهرمونات في الجهاز الدوري.
مكونات الغدد الصماء في الجسم
بمزيد من الفهم والتوضيح، يجب علينا معرفة أن الغدد الصماء الرئيسية في الجسم تشتمل على:
- منطقة ما تحت المهاد.
- الغدة النخامية.
- الغدة الدرقية.
- البنكرياس.
- الغدد الكظرية.
- الغدد التناسلية.
الأمراض الشائعة الناجمة عن اضطرابات التمثيل الغذائي للغدد الصماء
عند إصابة الغدد الصماء ببعض أنواع الخلل، فمن الوارد أن يترتب على هذا الـأمر حدوث المعاناة من عدة أمراض. الجدير بالذكر أن هذه الأمراض تظهر من خلال ما يلي:
أولا: داء السكري من النوع 2
يعد داء السكري من النوع 2 هو عبارة عن اضطراب في استقلاب الجلوكوز والذي يبدو واضحا من خلال تعرض الجسم لزيادة مزمنة في نسبة الجلوكوز بالدم بسبب انخفاض إفراز الأنسولين أو اضطراب خلايا بيتا في البنكرياس ومقاومة الأنسولين.
يجب العلم أن داء السكري هو أكثر الأمراض شيوعا وأهم الاضطرابات الأيضية حيث أنه له العديد من المضاعفات المزمنة التي تترك عواقب وخيمة على المرضى.
ثانيا: اضطرابات الغده الدرقيه
في كثير من الأوقات ينتج عن قصور الغدة الدرقية حدوث العديد من الاضطرابات بالجسم والتي تتمثل في العديد مع مظاهر جيث تبدو واضحة في التعب، وانخفاض القدرة على ممارسة المهام، وأحيانا زيادة الوزن بشكل ملحوظ.
إلى جانب هذا فيبدو هذا الخلل واضحا أيضا من خلال خلايا الجلد ذات اللون الشاحب والملمس الخشن والشعر الضعيف الذي يصاب بالتكسر بكل سهولة، وتساقط الحواجب، وظهور بعض الوذمات المخاطية، وسيطرة الثقل على الجفون، والإصابة بضيق في التنفس، وتضخم العضلات الزائفة، والتعرض للإمساك بشكل دائم.
أما فيما يخص القلب، فيصاب بالتأثر من خلال بطء الأداء، وتضخم القلب، والانصباب التامور. فإذا كان قصور الغدة الدرقية شديدا، فقد يحدث قصور القلب خاصة عندما يكون هناك فقر دم مصاحب، ومن ثم تحدث المعاناة من التفكير البطيء والحركة، والكلام الثقيل، وانخفاض الذاكرة.
ثالثا: زيادة هرمون الغدة الدرقية في الدم
عند حدوث حالة من زيادة مستويات هرمون الغدة الدرقية في الدم فسوف يزيد هذا الأمر من عملية التمثيل الغذائي وبعض الأمراض الأخرى مثل أمراض القلب وهشاشة العظام واضطرابات التمثيل الغذائي الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فيعد أيضا فائض هرمون الغدة الدرقية من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث بعض الاضطرابات عقلية والعصبية، واضطرابات الجهاز الهضمي والاضطرابات الجنسية حيث إنعدام الرغبة الجنسية، والشكوى من اضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء، وضعف الانتصاب لدى الرجال.
بوجه عام إذا لم يتم اكتشاف فرط نشاط الغدة الدرقية وعلاجه في الوقت المناسب، فمن الممكن أن يؤدي هذا الأمر إلى عواقب خطيرة على القلب والأوعية الدموية مثل الرجفان الأذيني، والضعف الانبساطي، وانخفاض جزء الطرد، وسماكة البطين الأيسر، وتشنج عضلة القلب ، وهشاشة العظام.
رابعا: قصور الغدة الكظرية
يسمى قصور الغدة الكظرية المزمن أيضا بـ (مرض أديسون) حيث أنه في الغالب يتم التغاضي عنه في بداية حدوث الإصابة به بسبب عدم ملاحظة المريض أو الطبيب حتى أي أعراض منطقية إلى أن يصل المصاب بالفعل إلى مرحلة متأخرة من المرض تظهر من خلال الحوادث الوعائية الدماغية وفشل القلب أو الإصابة ببعض الأورام الخطيرة والكبيرة، والتي تتسبب في وقوع أضرار جسيمة على المريض.
خامسا: قصور الغدة النخامية
يظهر هذا القصور واضحا في انخفاض وظيفة إفراز الغدة النخامية. فالجدير بالذكر أن لهذه الهرمونات تأثير محفز على الغدد الأخرى، ولا يلاحظه إلا نسبة قليلة من المصابين حتى يصبح الورم كبيرا جدا، مما يسبب المعاناة من الضغط وقصور الغدة النخامية، ومن ثم التأثير على نوعية حياة المريض.
يعد هذا الاضطراب نادر إلى حد ما حيث لا تقوم فيه الغدة النخامية بإنتاج ما يكفي من هرمون واحد أو أكثر، ومن هنا يمكن أن يؤثر هذا النقص على أي من وظائف الجسم الطبيعية، مثل نمو الدم والضغط التناسلي.
سادسا: الخلل في نمو العظام
في كثير من الأحيان وبسبب حدوث الإصابة بالأورام الحميدة في الغدة النخامية، وزيادة إفراز هرمون النمو فسوف يؤدي هذا الأمر إلى تطور غير طبيعي للعظام والأعضاء والأنسجة الأخرى في الجسم حيث تبدو الأعراض الشائعة لهذه الحالة المرضية في حدوث ضخامة الأطراف (اليدين والقدمين) وتظهر من خلال الزيادة الواضحة في الحجم مقارنة بالسابق وتتجلى من خلال زيادة حجم الأحذية والقفازات.
إلى جانب هذا فيصاب الوجه أيضا بحالة من تغير الملامح حيث الوجه الخشن، والأنف الكبير، والعظم الجبهي المتضخم، والفك السفلي البارز، والحواجب المرفوعة، والأسنان المتناثرة، واللسان المتضخم، والصوت المنخفض.
بالإضافة إلى عملية زيادة التعرق، وزيادة الزهم، والشعرانية، والإصابة بمتلازمة النفق الرسغي، والخدر في اليدين، والتنمل في الأطراف، والتضخم في الغضروف والأنسجة الزليلية مما يؤدي هذا إلى حدوث الإصابة بمرض المفاصل الضخامي ذات الألم المفصلي وآلام الظهر والحدب.
سابعا: متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)
في هذه الحالة المرضية تقوم المبايض بالعمل على إنتاج كمية غير طبيعية من الأندروجينات. فالجدير بالذكر أن الأندروجين هذا هو عبارة عن هرمون الذكورة ، والذي عادة ما يكون موجودا بكميات صغيرة جدا لدى النساء.
تشمل أعراض متلازمة تكيس المبايض زيادة الوزن، والسمنة ، وعدم انتظام الدورة الشهرية أو تناثرها، وحدوث الإصابة بالعقم، والشعرانية، والشكوى من الجلد الدهني مع حب الشباب، وجفاف المهبل، إلخ.
تدابير وقائية لاضطرابات الغدد الصماء والتمثيل الغذائي
يجب العلم أن أمر علاج اضطرابات الغدد الصماء معقد إلى حد ما حيث يجب أن يقوم المريض بعرض نفسه على أخصائي الغدد الصماء لكي يساعده في التغلب على هذا الوضع المرضي من خلال تناول مكملات الهرمونات الناقصة أو استخدام الأدوية التي تحفز أو تمنع إفراز هرمونات معينة حيث يتم هذا تحت إشراف خاص.
ومع ذلك، يمكن الوقاية من بعض اضطرابات الغدد الصماء من خلال تغيير عادات الأكل ونمط الحياة الصحي الذي يمكن أن يساعد في تعزيز الصحة والحفاظ على توازن الهرمونات في الجسم ، بما في ذلك:
- الحفاظ على الوزن الصحي.
- اتباع نظام غذائي علمي متوازن.
- ممارسة التمارين البدنية بانتظام.
- تقليل التوتر.
- الحصول على قسط كاف من النوم حيث يجب أن يكون هذا في وقت محدد إلى جانب ضرورة تجنب البقاء مستيقظا لوقت متأخر في الليل.
- تجنب تماما ممارسة عادة التدخين
- السيطرة على الأمراض المزمنة إن وجدت.