تعد أزمة تأخر الكلام التي تصيب الأطفال وتعرف أيضا باسم التخلف اللغوي هي عبارة عن حالة من عدم القدرة على التطور اللغوي والتحدث والتواصل بطريقة طبيعية مقارنة بأعمارهم. الجدير بالذكر، أنه من الممكن أن تحدث أزمة التأخر في الكلام بسبب مجموعة متنوعة من الأسباب، بما في ذلك العوامل الفسيولوجية والنفسية والبيئية والوراثية. من هنا قررنا أن نقوم اليوم بالوقوف على أهم الأنماط العلاجية المعنية بالتغلب على أزمة تأخر الكلام عند الأطفال والحديث عنها بشكل توضيحي مفصل.
ما هي أهم الأنماط العلاجية المعنية بالتغلب على أزمة تأخر الكلام عند الأطفال؟
يعتمد علاج تأخر الكلام على سبب الحالة وشدتها، ولكنه يركز عادة على تحسين قدرة الطفل على التواصل من خلال طرق التدخل المبكر. بشكل أكثر توضيحا، تتمثل الأنماط العلاجية في الآتي:
أولا: التدخل اللغوي
التدخل اللغوي
يعد التدخل اللغوي هو العلاج الرئيسي للأطفال الذين يعانون من تأخر في الكلام حيث سيتم مع هذا النمط العلاجي توجيه الطفل من قبل معالجي النطق.
على سبيل الفهم أكثر، تبدأ كل جلسة علاج عادة بأداء بعض التمارين البسيطة، بداية من استشهاد المقاطع الأساسية إلى استخدام المفردات في مواقف الاتصال الواقعية حيث يقوم معالجو النطق في هذه الأوقات باستخدام طرقا مناسبة لعمر الطفل وحالته التنموية.
على سبيل المثال، وبالنسبة للأطفال الصغار، فتعد الألعاب التفاعلية ورواية القصص أدوات مفيدة لمساعدة الأطفال على التعرف على الكلمات ونطقها، ومن ثم سوف يتم تدريجيا توجيه الأطفال نحو ضرورة استخدام جمل أكثر تعقيدا، وبناء مهارات التعبير، وفهم معنى كل كلمة في السياق.
بالنسبة للأطفال الذين يعانون من مشاكل أكثر خطورة مثل اضطرابات نمو اللغة، فقد يكون العلاج أطول ويتطلب تدخلا مستمرا. بوجه عام، سوف يقوم معالج الطفل هنا بمساعدته على تحقيق معالم لغوية خلال كل مرحلة بداية من التعرف على الصوت والمفردات الأساسية إنتقالا إلى استخدام القواعد والجمل المعقدة
ثانيا: التدخل النفسي
التدخل النفسي
في كثير من الحالات، يمكن أن يرتبط تأخر الكلام بعوامل نفسية مثل القلق أو الاكتئاب أو الاضطرابات السلوكية حيث قد يشعر الأطفال بالخوف أو يفتقرون إلى الثقة عند التواصل، مما يترتب على هذا الأمر جعل عملية تطوير اللغة أكثر صعوبة. لذلك، قد يكون للتدخل النفسي هنا دورا فعالا ومهما في علاج تأخر الكلام.
يجب العلم أن التدخلات النفسية هنا تشتمل على العلاج السلوكي المعرفي حيث تعلم الأطفال أهمية إدراك وتغيير الطرق السلبية للتفكير والشعور تجاه أنفسهم، مما يساعدهم هذا على تقليل الكثير من مشاعر القلق وزيادة الثقة عند التواصل.
في هذه الآونة، يتم تعليم الأطفال أيضا كيفية استخدام تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل أو اليوجا لتقليل التوتر والقلق، مما قد يساعد هذا الأمر في العمل على تحسين التواصل والحالة النفسية بشكل عام.
يمكن أيضا أن يتم العمل على تشجيع الأطفال نحو ضرورة المشاركة في مجموعات العلاج الاجتماعي حيث يمكنهم التواصل مع أقرانهم، ومن ثم سيساعد التفاعل مع الأصدقاء الأطفال على أن يكونوا أكثر ثقة في استخدام اللغة وتعلم المهارات الاجتماعية، ومن هنا يتم تلقائيا تسريع عملية تطور اللغة.
ثالثا: إنشاء بيئة لغوية غنية
إنشاء بيئة لغوية غنية
تلعب البيئة المحيطة بالأطفال دورا مهما في تطور اللغة حيث تساعد البيئة اللغوية الغنية الأطفال على استيعاب اللغة واستخدامها بسهولة في مواقف الاتصال اليومية، فالجدير بالذكر أن هذه البيئة تشتمل على الآباء ومقدمي الرعاية الذين يتحدثون مع الأطفال بشكل منتظم، وعن طريق استخدام لغة واضحة، وبسيطة ولكنها كاملة.
بالإضافة إلى التواصل وجها لوجه، فإن القراءة للأطفال مهمة جدا أيضا في هذه الآونة حيث قد يشجع الخبراء على أهمية القراءة اليومية، ليس فقط لتطوير المفردات ولكن أيضا لمساعدة الأطفال على فهم الهياكل النحوية والتركيبات الجُملية حيث يمكن للأطفال البدء بكتب مصورة بسيطة ثم الانتقال تدريجيا إلى الكتب الأطول أثناء تطوير مهاراتهم اللغوية.
إلى جانب ذلك، تلعب الألعاب اللغوية والأنشطة التفاعلية أيضا دورا مهما في تطوير مهارات الاتصال، فعلى سبيل المثال يمكن أن تساعد الألعاب مثل لعب الأدوار أو الألغاز أو عد الأرقام الأطفال على تعلم كيفية استخدام اللغة في مواقف مختلفة.
يجب على الآباء أيضا ضرورة تشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة الجماعية مثل أداء أنشطة التربية البدنية أو الأنشطة المجتمعية حتى تتاح للأطفال الفرصة للتواصل والتعلم من الأصدقاء، ومن هنا يمكننا القول بأن بيئة الاتصال الغنية لهذه الفئة العمرية تساعد في الحصول على المزيد من الدوافع والفرص لممارسة مهاراتهم اللغوية وتحسينها.
رابعا: علاج المشاكل الطبية الأساسية
علاج المشاكل الطبية الأساسية
في بعض الحالات، يمكن أن يحدث تأخر الكلام بسبب المعاناة من بعض المشاكل الطبية الأساسية مثل ضعف السمع أو الاضطرابات العصبية أو مشاكل نمو الدماغ. في هذه الحالات، يعد علاج المشاكل الأساسية أمرا مهما للغاية ويجب أن يتم بالتزامن مع التدخلات اللغوية.
عندما يعاني الأطفال من مشاكل في السمع مثل فقدان السمع الخلقي، فسوف يتم اللجوء إلى استخدام المعينات السمعية أو غرسات القوقعة الصناعية، مما يساعد هذا الأطفال على السمع والنطق بشكل صحيح، وبالتالي تحسين مهارات الاتصال.
بالإضافة إلى ذلك، وإذا كان الطفل بطيئا في الكلام بسبب مشاكل عصبية أو اضطرابات في النمو، فيجب العمل على تشخيص الطفل وعلاجه مبكرا حيث سيقوم الأطباء بإجراء الاختبارات اللازمة مثل فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي أو الفحوصات العصبية أو الاختبارات النفسية لتحديد السبب والعلاج المناسب، بما في ذلك الأدوية أو العلاجات الطبية الأخرى.
بعض الملاحظات لدور الأسرة أثناء علاج تأخر الكلام عند الأطفال
بعض الملاحظات لدور الأسرة أثناء علاج تأخر الكلام عند الأطفال
1- ينصح الخبراء بأهمية المثابرة وعدم التعجل حيث تعد أنماط علاج تأخر الكلام رحلة طويلة، وتتطلب من الآباء التحلي بالصبر وعدم توقع النتائج بسرعة كبيرة وهذا لأن لكل طفل وتيرة تقدم خاصة به، والتي لا ينبغي مقارنتها بالأطفال الآخرين.
2- ضرورة التنسيق عن كثب مع المعالج والالتزام بخطة التدخل المعمول بها والعمل على ممارستها في المنزل تحت إشراف الخبراء.
3- يجب على الآباء الحد من اتصال أطفالهم بالهواتف والأجهزة اللوحية وأجهزة التلفزيون وما إلى ذلك، وهذا لأن هذه الأجهزة يمكن أن تقلل من فرص التفاعل المباشر بين الأطفال والبالغين، وهو عامل رئيسي مؤثر على تطور اللغة.
4- العمل على تلبية الاحتياجات العاطفية للأطفال، وتشجيعهم دائما.