إنتشر في الآونة الأخيرة مصطلح جرثومة المعدة حيث يعاني من هذه المشكلة الصحية جميع الفئات العمرية كبارا كانو أم صغار، وهذا نظرا لما تسببه من آلام ومشاعر عدم الراحة في داخل المعدة. لذلك قررنا اليوم أن نتناول الحديث عن جرثومة المعدة بمزيد من التفصيل من حيث أهم الأعراض والأسباب وكيف نقوم بمقاومتها وعلاجها بشكل طبي سليم؟
ماهي جرثومة المعدة؟
جرثومة المعدة أو البكتريا الحلزونية البوابية هي عبارة عن ميكروب يُعرف باسم (Helicobacter pylori) وهي واحدة من الجراثيم الشائعة التي تتواجد في المعدة والامعاء. فالجدير بالذكر أنه تم اكتشاف جرثومة المعدة في عام1982 من قبل العالمين باري مارشال وروبن وارن أما بخصوص ما قبل هذا التاريخ، فكان العلماء يعتقدون أن الجراثيم لا يمكنها أن تعيش في بيئة المعدة الحمضية، ولكن هذا الاكتشاف الجديد قد غير هذه النظرة بشكل معاكس تماما.
يجب العلم أن جرثومة المعدة تعيش على الجدران الداخلية للمعدة وتفرز إنزيما يساعد على حمايتها من الحموضة القوية في الجهاز الهضمي، ومن تحدث الكثير من الآلام ومشاكل الجهاز الهضمي التي تظهر في صورة التهاب المعدة المزمن الذي يسبب تهيجاً وتآكلاً في بطانة المعدة والأمعاء، وقد يؤدي إلى حدوث قرحة المعدة وقرحة الاثني عشر.
كيف تحدث الإصابة بجرثومة المعدة؟
تنتقل جرثومة المعدة من شخص لآخر عن طريق الاتصال المباشر باللعاب، أو البول، أو البراز حيث تتراوح نسبة انتقالها من شخص لآخر من30٪ إلى60٪ حيث أنه من الوارد عدم حدوث هذه العدوى عند بعض الأشخاص، في حين تتفاقم وتشتد حدتها مع البعض الآخر .
ما هي أعراض الإصابة بجرثومة المعدة؟
توجد العديد من الأعراض التي تدل على حدوث الإصابة بجرثومة المعدة حيث تتمثل في الآتي:
— من أهم الأعراض وأكثرها شيوعا لجرثومة المعدة هي الشعور بالآلام الشديدة في منطقة البطن العلوية حيث يوصف هذا الألم بأنه شعور بالحرقة أو الانزعاج في المعدة. فالجدير بالذكر أنه من الممكن أن يكون الألم الناتج عن جرثومة المعدة منتظما ويشتد بعد تناول الطعام، خاصة الطعام الدسم أو الحمضي.
— بالإضافة إلى مشاعر الألم فقد تظهر أعراض أخرى شائعة لجرثومة المعدة مثل الغثيان والقيءالتي من الوارد المعاناه منها بشكل مستمر أو بصورة مفاجئة حيث يرافق القيء الشعور بالغثيان الشديد والتعب.
— يعاني مصاب جرثومة المعدة من فقدان الشهية وفقدان الوزن دون سبب واضح، وهذا قد يكون نتيجة لعدم الرغبة في الطعام بسبب الألم أو الشعور المستمر بالشبع.
— تلعب جرثومة المعدة أيضاً دورا سلبيا كبيرا في عملية الهضم وامتصاص العناصر الغذائية، مما يؤدي هذا إلى حدوث انتفاخ وغازات وتقلصات في داخل المعدة والبطن.
— تؤثر جرثومة المعدة على صحة الجهاز الهضمي بشكل عام، مما يؤدي هذا إلى الإصابة بإضطرابات في الحركة المعوية والإسهال أو الإمساك المزمن.
— يعاني المصاب من حموضة معوية مفرطة، وهذا قد يتسبب في حرقة المعدة أو ارتداد حمض المعدة إلى المريء والإحساس بالألم والحرقة في منطقة الصدر والجزء العلوي من البطن.
يجب علينا ملاحظة أن هذه الأعراض قد تكون موجودة بشكل مستمر أو تتفاقم مع مرور الوقت بالإضافة إلى مصاحبة بعض الأعراض النفسية لها مثل القلق والاكتئاب. لذا، يجب استشارة الطبيب في حالة ظهور أي من هذه الأعراض للحصول على التشخيص الصحيح والعلاج المناسب.
ما هي أهم أسباب الإصابة بجرثومة المعدة؟
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بجرثومة المعدة، ومن بينها:
1) الاتصال المباشر مع شخص مصاب: يمكن للفيروس أن ينتقل من شخص لآخر من خلال الأغذية الملوثة أو المياه، أو عن طريق ممارسة الرياضة بشكل مباشر مع شخص مصاب.
2) ضغط الحياة العالي: يُظهر البعض أن الإصابة بجرثومة المعدة تزداد بصورة ملحوظة بسبب التوتر والقلق والضغوط النفسية حيث يعتقد البعض أن ارتفاع معدلات الإجهاد يؤثر على نظام المناعة، وبالتالي يسهل أمر التعرض للعدوى.
3) تناول الأطعمة الملوثة: يعتبر تناول الأطعمة الملوثة بالبكتيريا هي السبب الرئيسي للإصابة بهذه البكتيريا حيث ينصح الأطباء دائما بضرورة تجنب تناول الأطعمة خارج المنزل ومن الأماكن الغير مضمونة.
4) تناول الأدوية بشكل غير منتظم: أظهرت بعض الدراسات أن تناول الأدوية بشكل غير منتظم أو تجاهل تناول المضادات الحيوية الموصوفة بشكل صحيح قد يزيد من فرص الإصابة بجرثومة المعدة حيث ينصح بضرورة اتباع تعليمات الطبيب وإكمال الجرعة الموصوفة للمضاد الحيوي.
5) التلوث البيئي: قد يؤدي العيش في بيئة ملوثة أو مع الأشخاص المصابين بالعدوى إلى زيادة فرص الإصابة بهذه البكتيريا وبنسبة كبيرة.
6) العوامل الوراثية: قد يكون للعوامل الوراثية دور في تحديد من هو عرضة للإصابة بجرثومة المعدة لأنه يحتمل أن يكون للجينات دور في تحديد قوة الجهاز المناعي لمقاومة هذه العدوى وغيرها.
ما هي مضاعفات الإصابة بجرثومة المعدة؟
قد تسبب الإصابة بجرثومة المعدة الكثير من المضاعفات خطيرة التي قد تؤدي إلى مشاكل صحية كبيرة، وبالأخص إذا لم يتم التعرف عليها وعلاجها بشكل سليم. ومن أهم هذه المضاعفات ما يلي:
-
أمراض قرحة المعدة وقرحة الاثني عشر
تعتبر قرحة المعدة وقرحة الاثني عشر أحد أكبر المضاعفات لجرثومة المعدة، حيث تؤدي الجرثومة إلى تهيج الجدار المعدي والأمعاء الدقيقة، مما يتسبب هذا في تكوين قرح بهذه المناطق.
قد تكون هذه القرح مؤلمة بشكل شديد، وقد تتطور إلى مشكلات صحية خطيرة مثل نزيف المعدة أو ثقوب في الأمعاء الدقيقة.
-
سرطان المعدة
تعتبر جرثومة المعدة أحد أهم العوامل الرئيسية التي تسبب حدوث الإصابة بسرطان المعدة حيث ترتبط أغلب حالات الإصابة بهذه الجرثومة حيث تتسبب في التهيج المستمر للجدار المعدي، مما يؤدي إلى ظهور تلوثات مزمنة وندبات، وعلى المدى الطويل، يزداد احتمال تحول هذه الندوب إلى خلايا سرطانية.
-
التهاب المعدة
عندما تحدث الإصابة بجرثومة المعدة المصاحبة للالتهاب المعدي، فإنها قد تؤدي إلى المعاناه من التهاب المعدة الحاد أو المزمن الذي يتسبب في الشعور بالآلام الشديدة والإنزعاج، وقد يتسبب في القيء وفقدان الشهية وحدوث إضطرابات في الهضم.
الجدير بالذكر أنه من الممكن أيضا أن يسبب التهاب المعدة الحاد أو المزمن حدوث مضاعفات أخرى مثل الجروح في جدار المعدة أو النزيف المستمر.
-
التهاب الأمعاء
بجانب التهاب المعدة، يمكن لجرثومة المعدة أن تؤدي أيضا إلى الإصابة بالتهاب الأمعاء الدقيقة، مما يسبب هذا تهيجا بها، ومن هنا تحدث بعض المضاعفات مثل الإسهال المزمن، أو الإمساك، وفقدان الوزن غير المبرر، ونقص الفيتامينات، والمعادن الأساسية.
-
اضطرابات التغذية الشديدة
تؤثر جرثومة المعدة على نمط تناول الطعام والتغذية السليمة، حيث يعاني الشخص المصاب بجرثومة المعدة من فقدان الشهية ورغبة زائدة في الأكل أو عكس ذلك. فيجب العلم أن هذه الاضطرابات قد تؤدي إلى نقص الغذاء اللازم للجسم، ونقص الفيتامينات، والعناصر الغذائية الأساسية، ومن هنا يحدث ضعف في المناعة والصحة العامة.
ما هي طرق علاج جرثومة المعدة؟
هناك عدة طرق لعلاج جرثومة المعدة، ويمكن أن تتضمن المعالجة الدوائية وتغييرات في نمط الحياة والتغذية. فيما يلي سنستعرض بعض هذه الطرق بمزيد من التفصيل:
أولا: العلاج الدوائي
أثناء المعاناة من هذه المشكلة الصحية يتم اللجوء لبعض أنواع الأدوية المتمثلة فيما يلي:
- مضادات الهستامين: حيث تقوم هذه الأدوية بتقليل إفراز الحمض المعدي، وبالتالي تخفض من حدة تهيج المعدة، وتحافظ على التئام القرحة.
- مثبطات مضخة البروتون: تستخدم هذه الأدوية لتقليل إفراز الحمض المعدي بشكل أكبر، وبالتالي تعزز عمل مضادات الهستامين في الحفاظ على التئام قرح المعدة.
- المضادات الحيوية: قد يوصف للمريض دورة من المضادات الحيوية للقضاء على الجراثيم الموجودة في المعدة حيث يتم استخدام مجموعة متنوعة من المضادات الحيوية مثل الأموكسيسيلين والكلاريثرومايسين.
ثانيا: التغييرات في أنماط الحياة
- التغذية السليمة: يجب تجنب الأطعمة الحارة والدهنية والقهوة والبعد نهائيا عن التدخين واماكن تواجد المدخنين، والإلتزام بتناول الوجبات الصغيرة بشكل متكرر.
- تقليل التوتر: يعتبر التوتر والقلق من العوامل الرئيسية التي تسبب تفاقم أعراض جرثومة المعدة، لذا يجب العمل تهدئة الأعصاب من خلال ممارسة التمارين الرياضية والاسترخاء.
- النوم الجيد: يجب الحرص على أخذ قسط كافي من النوم الجيد لأن هذا الأمر يعزز صحة المعدة ومناعة الجسم ويقي من تفاقم الأعراض المرضية.
ثالثا: العلاج بالأعشاب
هناك بعض الأعشاب التي يتم استخدامها في علاج جرثومة المعدة، مثل البابونج والشمر واليانسون والنعناع حيث تعمل على ترميم أنسجة المعدة والتقليل من الالتهابات قدر الإمكان.
رابعا: تكنولوجيا المعالجة الحرارية
تعد تقنية المعالجة الحرارية باستخدام الموجات فوق الصوتية من أهم التقنيات الغير جراحية ولا تحتاج إلى أي نوع من التخدير حيث أثبتت فعاليتها في قتل الجرثومة المسببة للالتهاب والقرحة وسرطان المعدة.
في العموم يعد من الضروري أن يتم استشارة الطبيب المختص قبل اتخاذ أي قرار بشأن علاج جرثومة المعدة حيث يجب أن يقوم الطبيب بتقييم حالة المريض وتحديد العلاج الأمثل للحالة بناء على خصائصها وتطورها المرضي.