يعد النوم من الأمور الحيوية التي لها تأثير كبير على نوعية حياة الشخص وآلية آداء مهامه اليومية بشكل سليم. فالجدير بالذكر أنه توجد العديد من الطرق التي تعمل على تحسين النوم حيث قد تتمثل في أداء تمارين اليوغا اللطيفة، والتأمل، والقراءة قبل النوم وإطفاء الأنوار، واستخدام عصابة العينين للنوم. بالإضافة إلى النظام الغذائي أيضا الذي يعد عاملا هاما يؤثر على جودة النوم، ومن أهم عناصره التي لها دور فعال في هذا الأمر هو تناول الحليب وبالأخص قبل الذهاب إلى الفراش. فهل يعد هذا الأمر جيد لتحسين وضعية النوم ومنع الإصابة بالقلق والأرق؟ هذا ما سنتعرف عليه اليوم بمزيد من التوضيح والتفصيل.
هل من الأمور الصحية القيام بشرب الحليب قبل النوم؟
قبل أن نقوم هنا بذكر الإجابة صريحة، فيجب علينا معرفة أن الحليب هو واحد من أهم الأطعمة المغذية والرائعة في جميع أنظمتنا الغذائية حيث يعتبر شرب كوب من الحليب قبل النوم من أفضل الطرق التقليدية التي يمكنها أن تعمل على تقليل التوتر والنوم بشكل أفضل.
من هنا يمكننا القول بشكل قاطع أن شرب الحليب من الأمور الهام القيام بها في فترات ما قبل النوم وهذا بسبب العديد من الفوائد التي سنقوم بالتعرف عليها لاحقا.
ما هي فوائد تناول الحليب قبل النوم؟
أولا: الحليب يسهل عملية النوم
من أفضل الأدوار التي يقوم الحليب بلعبها عند تناوله قبل النوم هو أنه يعمل على تعزيز عملية النوم حيث أن يحتوي على بعض المكونات التي تتمثل فيما يلي:
1) التريبتوفان
يعتبر التربتوفان هو حمض أميني أساسي لا ينتجه جسم الإنسان من تلقاء نفسه، ولكن يجب أن يحصل عليه من النظام الغذائي وهذا عن طريق تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة التي تحتوي على البروتين. فعندما نقوم بإستهلاك التربتوفان من الحليب أو الطعام بشكل عام، فيقوم الجسم بالحصول عليه ومن ثم يُنتج السيروتونين الذي يعمل على موازنة وتحسين المزاج العاطفي للأشخاص ومن هذه النقطة يتم تحويل هذا إلى هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم ويحسن من كفاءته.
يجب العلم أن أمر تناول الأطعمة أو شرب الحليب الغني بالتريبتوفان يمكن أن يجعلنا نشعر بالنعاس. وذلك لأن الجسم يحول التربتوفان إلى هرمون النوم الذي يسهل علينا عملية النوم بشكل أو بآخر. وهذا ما يفسر رغبة الكثير من الأشخاص في النوم بعد تناول الحليب أو أي عنصر غذائي يحتوي على هذا الحمض.
2) الميلاتونين
كما نعلم جميعا أن الميلاتونين هو هرمون النوم الرئيسي، والذي ينتج عادة عن طريق استجابة الدماغ عندما ينام الجسم في الظلام والجو المناسب الهاديء. فالجدير بالذكر أنه يشارك في تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعي للجسم ومن ثم يحدث تنظيم لعملية النوم.
3) الكازين التربسين هيدروليزات (CTH)
عند قيام الكازين التربسين وهو أحد مكونات الحليب الهامة، والذي يعرف أيضا باسم تريبسين الكازين المتحلل (CTH) بالتحلل، فقد ينتج عن هذا الأمر تعزيز عملية النوم وتحسين جودتها وكفاءتها.
من الهام معرفة أنه يمكن العثور على مئات الببتيدات – سلاسل الأحماض الأمينية – في الـ CTH التي لديها القدرة على تحسين النوم بشكل أسرع وأعمق وتقليل من إضطراباته الوارد حدوثها تحت أي ظروف وارد أن يتعرض لها الفرد.
بشكل أوضح وأدق فيجب العلم أن هذه الببتيدات ترتبط بمستقبلات الـ GABA-A حيث يعد هذا مستقبل في الدماغ يمنع الإشارات العصبية ويعزز من عملية النوم.
ثانيا: تحسين التأثيرات النفسية
عند قيامنا بشرب كوب من الحليب قبل النوم، فإن هذا الأمر يمكن أن يقوم بالعمل على إستعادتنا ذكرى عادة جميلة كنا نقوم بها دوما في طفولتنا، ومن هنا يمكن لهذه الأحاسيس، والمشاعر المهدئة أن تصل إلى العقل وتنبه بأنه قد حان وقت النوم، وفعليا سرعان ما نقوم بالإستغراق في النوم وبكل سهولة.
هل شرب الحليب قبل النوم يزيد الوزن؟
من غير الوارد أو المحتمل مطلقا أن يسبب شرب كوب من الحليب قبل النوم أي تغييرات كبيرة في الوزن. وهذا يحدث بالأخص عندما نقوم بتناول القدر المعقول ونتجنب عادة الإفراط التي تجعل الجسم يقوم بإمتصاص كميات كبيرة من السعرات الحرارية على مدار اليوم.
ولكن بشكل أعمق يجب معرفة أن من أهم الأسباب الرئيسية التي تسبب زيادة الوزن هو المعاناة من قلة النوم. فوفقا للعديد من الأبحاث، فإنه من الممكن أن تؤدي جودة النوم المنخفضة إلى الشعور بالرغبة الشديدة في تناول المزيد من الطعام والوجبات الخفيفة طوال اليوم التالي، ومن هنا تحدث زيادة الوزن الغير صحية مع مرور الوقت.
يجب العلم أن عادة شرب الحليب قبل النوم تساعد في استعادة العضلات، وزيادة معدل الأيض أثناء تلقي الراحة، بالإضافة إلى أنها تساعد على حرق السعرات الحرارية بسرعة في صباح اليوم التالي. فالسعرات الحرارية لكوب من الحليب تبلغ (237 مل) وهذا مقدار لا يذكر ومن غير المرجح أن يسبب أي اضطرابات كبيرة في إيقاع أو وزن الساعة البيولوجية.
كيف يتم التعامل مع مرضى حساسية الحليب وعادة تناوله قبل النوم؟
لا يمكن للأشخاص الذين يعانون من حساسية الحليب أو عدم تحمل اللاكتوز هضم اللاكتوز الذي يتواجد في الحليب. ففي هذه الحالة، يمكن العمل على اختيار بعض المنتجات الأخرى الخالية من اللاكتوز بدلا من ذلك.
الدير بالذكر أنه يمكننا مع هذه الحالة أن نقوم بإضافة بعض المشروبات التي تساعد على الخوض في تجربة النوم بشكل أفضل مثل شاي البابونج أو الينسون أو عصير بعض أنواع الفواكه.
في النهاية وجب علينا التأكيد أن روتين النوم الجيد لا يقوم بمساعدة الجسم والعقل على البقاء مستيقظا فقط، بل يساعدنا أيضا على البقاء في حالة نفسية أفضل سعداء وإيجابيين، إلى جانب تدعيم الحصول على طاقة كافية لكي نقوم بأداء كافة أنشطة اليوم الجديد.