تلك الآلام الموجعة التي تترافق مع بعض الإصابات المرضية أيا كانت مستوياتها يمكن أن تتجاوز المعدلات الطبيعية بدرجة أكبر مما يشعر به الشخص العادي من مقدار الألم الأمر الذي يؤدي إلى تحول الأمر وتطوره إلى أحد أنواع الإضطرابات النفسية الذي تم صياغته تحت مسمى ( فوبيا الألم ) والذي يعبر عن شكل من أشكال الرهاب الذي ينطوي على مخاوف مفرطة بدون أي أسباب منطقية مبررة لتفسير الإحساس بالألم , فعلى الرغم أن مشاعر الألم تمثل نوعا من الإستجابة التي يصدرها الجسم بشكل طبيعي كشكل من أشكال ردود الفعل .. وسوف نقدم من خلال مقالنا التالي أسباب فوبيا الألم , والخيارات العلاجية المتبعة .
حول فوبيا الألم
على غرار الأنواع المختلفة من الرهاب حيث يكون لدى بعض الأشخاص خوفا مرضيا مسيطرا مثل الذين يعانون من رهاب الدم , رهاب الخوف من الأماكن الضيقة , والمرتفعات , حتى أن الأمر قد وصل ببعضهم للخوف من السعادة نتيجة لشعورهم بأن الأنباء المفرحة تخبىء وراءها أحزان عميقة ,وأمور سلبية , وموعدنا اليوم للحديث عن فوبيا الألم .
وفقا لتصنيفات علماء النفس للرهاب المرضي فإن الألم أو مايطلق عليها الجوفوبيا أو كما تعرف بين بعض الأشخاص بـ”ألودينوفوبيا” والتي تعد من بين الحالات النفسية التي تتخذ منحنى مبالغ فيه من نوبات الخوف المستمر تجاه الشعور بالألم إلى الدرجة التي تمثل معوقات أمام الأنماط الحياتية اليومية , الأمر الذي ينتقل أثره بشكل سلبي على مدى نجاح العلاقات الإجتماعية , ومختلف أوجه الأنشطة الروتينية المعتادة .
وسوف نرصد في السطور التالية بمزيد من التوضيح كل مايتعلق بالعلامات التي تتم ملاحظتها على الأشخاص الذين يعانون من رهاب غيرعقلاني من مشاعر الألم , ثم نتجه إلى ذكر مجموعة الـأسباب المحتملة التي تفسر هذا النوع من الفوبيا
الأعراض العامة لفوبيا الألم
وفقا للمعتقدات, التي توصل إليها بعض الباحثين بأن بعض الأشخاص يخطأون في تقدير درجة شدة الألم وماينتج عنه من مخاطر على البدن ليصبح الحديث الدائم الذي يتفوه به الأشخاص حول نوبات الألم الحادة , حتى لو كان مصدره مجرد ضغوط منخفضة التأثير
تلك العلامات التحذيرية التي تظهر جليا في السلوكيات التي يتبناها الأشخاص الذين يعانون تلك المعاناة النفسية تتضح في تمكن مشاعر الخوف من الألم الذي يخلو من المنطقية على حياة الأفراد وتتضمن الأعراض الأكثر شيوعا :
1-عدم الإهتمام بممارسة أي نشاط بدني
هؤلاء الأشخاص الذين تم تشخيصهم برهاب الألم يكونوا أكثر ميلا لتجنب ممارسة أي شكل من التمارين الرياضية التي تحمل قدرا من المجازفة والمؤدية إلى حوادث الإصابات المسببة للألم حتى لو كان الأمر ينطوي على أنواع بسيطة من الأنشطة البدنية .
2-اضطراب القلق المستمر
ينتاب الشخص تلك المشاعر المضطربة الباعثة للقلق من زيادة فرص التعرض لنوبات الألم , وقد يتسع نطاق الألم إلى سيطرة الأفكار السلبية الإنهزامية التي يمكن أن تصل إلى حد الوسواس القهري
3-اتخاذ جوانب الحذر الكامل بشكل مفرط
عندما يصبح مصابي فوبيا الألم بصدد مواجهة شتي المواقف المثيرة للألم فإنهم يظهرون سلوكيات على نحو مبالغ فيه مما يدفعهم للجوء إلى زيارات عاجلة للطبيب المختص , أو الإتجاه للخضوع للفحوصات الطبية
4-إصدار أنماط من ردود الفعل على الصعيدين الجسدي والنفسي
وتتضمن تزايد وتيرة خفقان القلب بشكل سريع , التعرق الغزير , بالإضافة إلى ضيق التنفس في ظل التفكير المكثف أو الإضطرار لمواجهة مواقف محفزة للألم
أعراض فوبيا الألم
تتباين الأعراض التي يظل المصاب يعاني منها في ظل فوبيا الألم مابين تأثيرات جسدية ونفسية :
- أعراض جسدية وتشمل تيبس العضلات، والشعور بصداع مؤلم في الرأس ، والميل للغثيان بالإضافة إلى التشنجات المؤلمة في المعدة.
- وفيما يتعلق بالأعراض النفسية فهي تتراوح بين نوبات القلق المزمن , نوبات الهلع التي تجعل الشخص أكثر إحساسا بالذعر , صعوبات النوم والأرق الليلي , العزلة الإجتماعية
- أما بالنسبة للأعراض السلوكية : فهي تشمل الرفض التام لزيارات الأطباء أو حتى اتمام أي نوع من إجراءات العلاج مهما كانت أهميتها
أسباب فوبيا الألم
يوجد أكثر من سبب مسئول عن تطور المعاناة من فوبيا الألم لدى الأشخاص وذلك وفقا لتأثير عدة عوامل سواء نفسية وبيئية ووراثية ومن أكثرها شيوعا :
- خوض تجارب مؤلمة في فترات ماضية : قد تكوني مررن بصدمة تركت تأثيراتها المؤلمة في السابق ومن أمثلتها حالات وقوع حوادث خطيرة اقترنت بآلام حادة ومزمنة أو الخضوع لإجراءت طبية ذات أعراض مزعجة قد يخلق خوفا مفرطا في نفوس الأشخاص
- أنماط من التأثيرات النفسية : والتي تنعكس على مشاعر الأشخاص وتصيبهم بإضطراب القلق الشديد , أو التعرض لمشكلات نفسية شائعة مثل الإكتئاب مما يحفز زيادة احتمالات تطور فوبيا الألم
- العوامل الوراثية:والناجمة عن طفرات جينية معينة ذات صلة بالتاريخ الطبي الوراثي فمن السهل انتقال أشكال اضطراب القلق أو الرهاب من الآباء إلى الأبناء في العائلة الواحدة مما يعد احد أبرز عوامل الخطر المرتبطة بزيادة مخاطر الإصابة بفوبيا الألم.
- البيئة الخارجية المحيطة بالفرد: والتي تضع تأثيرها على مصابي فوبيا الألم من خلال أشكال المواقف الإجتماعية التي يضطر الأشخاص لمواجهتها وتكون معززة لمشاعر الخوف من الألم مثل رؤية مشاهد لأشخاص يعانون من الألم مما يضع الشرارة الأولى لتطور الرهاب
اقرأ أيضا الدهونفوبيا .. هل تعانين من رهاب الخوف من السمنة ؟
طرق فعالة للتعامل مع فوبيا الألم
توجد بعض التوصيات الطبية التي وضعها خبراء الصحة النفسية بشأن أساليب التعامل الجيد مع الأشخاص من مرضى هذا النوع من الفوبيا للسيطرة على الأعراض , حيث يكون الحل العلاجي الأمثل ممثلا في الحصول على جلسات العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الذي يعد شكل من أشكال الطب النفسي الأكثر شيوعا الذي يساهم في تزويد المصابين بإستراتيجيات من شأنها إحداث تغير في أيدلوجية تفكيرهم إزاء الألم , ومن أجل تقليل حدة الأعراض المصاحبة للفوبيا فإن الطبيب يلجأ إلى وصف مضادات القلق أو مضادات الاكتئاب