من الغريب على أسماع الكثير من الأشخاص أن نقوم بتداول مصطلح اكتئاب الضحك، لأنه في الغالب يُعتقد دائما أن الاكتئاب هو الحزن وفقدان الطاقة الحيوية. ولكن الأمر قد يحوي بداخله الكثير فالتعاملات مع النفس البشرية ليست بالأمر الهين الذي يمكننا أن نقوم بالإستخفاف والتهاون به. لذا سنقوم اليوم بإلقاء الضوء على هذا النوع المختلف من الاكتئاب وسنتعرف عليه تفصيلا من حيث معرفة الأسباب والأعراض وطرق العلاج والتعامل.
ما هو اكتئاب الضحك؟
الاكتئاب المبتسم أو الضاجك هو عبارة عن اضطراب عاطفي يعرف أيضا باسم الاكتئاب غير النمطي. فالجدير بالذكر أن هذا النمط الاكتئابي يصيب الأفراد الذيم يعانون من الإكتئاب الداخلى ولا يزالون يظهرون بالإبتسامة والمظهر السعيد من الخارج حيث أنه في كثير من الأحيان ، يعتقد من حولهم أنهم يتمتعون بحياة ممتعة ومثالية.
يجب العلم أنه لم يتم اعتماد إكتئاب الضحك كاضطراب عقلي؛ ولكنه من المرجح دائما أن يتم تشخيصه على أنه اضطراب اكتئابي غير نمطي.
هل تعد الإصابة باكتئاب الضحك من الامور الصحية الخطيرة؟
تاتي الإيجابة هنا بـ نعم، وذلك لأن حزن الشخص المكتئب يختبئ وراء إبتسامته مما يؤدي ذلك الأمر إلى عدم إكتشافه في الوقت المناسب.
علاوة على ذلك، فمن الممكن أن يتسبب هذا النوع من الاكتئاب أيضا في معاناة الأشخاص المصابين ببعض إضطرابات الصحة البدنية وبعض العلل النفسية في مختلف جوانب الحياة حيث يظهر ذلك عادة من خلال وجود آلام في الظهر أو الصداع أو قلة الأصدقاء و المقربين، ومن ثم يتم اللجوء إلى تعاطي المشروبات الكحولية أو المخدرات كحالة هروبية من هذه المشاكل النفسية.
ما هي أهم العلامات الخفية التي تدل على الإصابة باكتئاب الضحك؟
توجد العديد والكثير من العلامات التي تدل على حدوث الإصابة باكتئاب الضحك حيث تظهر من خلال ما يلي:
1) الخلل في نظم تناول الطعام والتغذية
عند حدوث الإصابة بهذا النوع من الاكتئاب تحدث حالة من الخلل المتعلق بأمر تناول الطعام حيث تظهر في صورة فقدان تام للشهية وعدم الرغبة في تناوله بشكل مطلق أو زيادة الشهية بصورة ملحوظة وعدم الرغبة في التوقف عن تناوله. إلى جانب هذا فتظهر ايضا بعض التغيرات في أذواق الطعام الذي يتم تناوله حيث الرغبة في تناول الحلويات بصورة كبيرة أو تناول الطعام الحار على عكس المعتاد.
2) اضطرابات النوم والأرق
يعد هذا العرض من الأعراض الشائعة جدا في إضطراب إكتئاب الضحك حيث يظهر ذلك من خلال .بعض المظاهر المتمثلة في صعوبة النوم، وعدم النوم بعمق والأرق، والاستيقاظ في منتصف الليل أو الاستيقاظ مبكرا على غير المعتاد وعدم إمكانية الغفوة مرة أخرى او الخلل في الساعة البيولوجية حيث النوم كثيرا خلال فترات النهار أو النوم أكثر من المعتاد بشكل عام.
3) الشعور باليأس والذنب
يعاني مريض هذا النوع من الإكتئاب بمشكلة لوم الذات بشكل مرضي حيث غالبا ما يفكر في الماضي وأخطائه ويعمل على جلد ذاته حيث يظهر ذلك من خلال الشعور بعدم القيمة واليأس، وفقدان الثقة في الحياة بوجه عام والنفس بشكل خاص.
4) فقدان الاهتمام بالأنشطة
مرضى اكتئاب الضحك غالبا ما يفقدون الاهتمام بالأنشطة التي اعتادوا على الاستمتاع بها أو بشكل أكثر دقة فسوف يشعرون بانخفاض في الإنتاجية وكفاءة العمل حيث الشعور دائما بالتعب والاكتئاب، وسيطرة الأفكار سلبية حول الأنشطة التي اعتادوا الفرح من خلال ممارستها.
5) بعض الأعراض الأخرى الهامة
- التباطؤ في أداء المهام.
- التحريض النفسي الدائم.
- التهيج والقلق.
- إصابة الأطراف بالثقل وعدم القدرة على تحريكها.
- سيطرة الأفكار الانتحارية في بعض الأوقات.
- سلوكيات إيذاء النفس.
- التعب وفقدان الاهتمام بالأشياء التي اعتادوا الاستمتاع بها.
على الرغم من العلامات التي قمنا بذكرها في الأعلى، ولكن يجب العلم أن الأشخاص الذين يعانون من إكتئاب الضحك يزالون قادرين على الحفاظ على وظائفهم ومهامهم العملية في صورة إستقرار حيث محاولة البقاء خارج المجتمع بحالة إيجابية ومتفائلة.
ما هي أسباب الإصابة باكتئاب الضحك؟
أسباب الاكتئاب لا تزال مثيرة للجدل ويقوم الكثير من علماء النفس بإفتراضها. فالجدير بالذكر أن السبب الرئيسي الإفتراضي في حدوث ذلك هو الإصابة بالنقص في الناقلات العصبية بالدماغ، وعلى وجه التحديد يأتي السيروتونين بشكل رئيسي إلى جانب بعض الأسباب الأخرى المنسقة مثل الجينات والعوامل الوراثية والنفسية والاجتماعية والبيئة المعيشية.
لماذا يحاول مصابي هذا النوع من الإكتئاب القيام بإخفاء آلامهم؟
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص المصابين بالاكتئاب يضحكون عند القيام بمحاولة إخفاء آلامهم حيث أنهم قد يرغبون في حماية خصوصيتهم أو يشعرون بالخوف من أن يحكم عليهم الآخرون بشكل مخالف للواقع.
في العموم سوف نقوم فيما يلي بذكر أهم الأسباب التي تجعل الأشخاص المصابين باكتئاب الضحك غير قادرين على الإعتراف بإصابتهم بهذا الإضطراب وطلب المساعدة والعون من الآخرين:
- الخوف من تحميل الآخرين عبء مشاكلهم النفسية، فهم ببساطة لا يعرفون كيف يطلبون المساعدة الخارجية. لذلك يحتفظون بالصراع الداخلي لأنفسهم.
- الخجل الشديد والخوف من الضعف والخذلان دائما.
- إنكار الحقائق حيث ينفي مصابي هذا النوع من الأكتئاب فرضية إصابتهم بهذه المشكلة النفسية.
- الرغبة في السير على منهج الكمالية والمثالية الزائدة وعدم الأعتراف بوجود خلل وحالة مرضية.
- السعادة غير الواقعية المتمثلة في الأنعزال مع وسائل التواصل الإجتماعي.
من هم الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة باكتئاب الضحك؟
قد يتعرض بعض الأشخاص لخطر الإصابة باكتئاب الضحك بنسبة كبيرة حيث يظهرون في الفئات التالية:
- الأشخاص الذين تعرضو لخسائر كبيرة أو أحداث مصيرية مثل فقدان أحد أفراد الأسرة او الفشل في علاقة إجتماعية أو فقدان العمل.
- الرجال حيث يعدون أقل عرضة لطلب المساعدة في مجال الصحة العقلية من النساء لتجنب الوسم بالضعف وإنتقاص الرجولة.
- مصابي الاضطراب ثنائي القطب.
ما هي اهم نظم العلاج للتعامل مع إكتئاب الضحك؟
مثل جميع أنواع الاضطرابات الاكتئابية الأخرى يمكن أن يشمل علاج اكتئاب الضحك الأنماط المعتادة التي تتمثل في التالي:
- العمل وبشكل جاد على تلقي العلاج النفسي الصحي السليم حيث البحث على الطبيب النفسي المناسب وطلب منه المشورة النفسية وإذا لزم الامر يمكن اللجوء إلى جلسات العلاج النفسي الجماعي، وهذا لمساعدتهم على تخفيف وإدارة صحتهم العقلية.
- في الحالات التي تكون فيها شدة المرض معتدلة أو شديدة فيجب العلم أن العلاج الدوائي هنا يعد هو الخيار الأول في إرشادات علاج الاكتئاب، ولكن من الهام جدا أن يتم هذا الأمر تحت إشراف طبي وتجنب تناول الأدوية بشكل ذاتي.
- يجب العمل على تغيير أنماط حياتنا المعيشية إلى أنماط صحية سليمة حيث تعد هذه الحالة من نقط الغنطلاق الهامة التي تعمل على تعزيز القوة العقلية. فالجدير بالذكر انه يتم تطبيقهت من خلال تناول طعاما صحيا، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام مع العمل على ضمان الحصول على ساعات النوم الكافي والمنتظم.
في النهاية يجب العلم أن الحياة ذو أوضاع صاعدة وهابطة فالوتيرة لا تظل واحدة على طول الطريق، لذلك يجب أن نتعلم نحن البشر قبول مشاعرنا الحقيقية، والبحث عن الفرح في أوقات الحزن، والبعد عن قمع العواطف أو إخفائها، وهذا لتجنب حدوث الإصابة بالإختلال في توازن الصحة العقلية، ومن ثم ينتج عن ذلك الإصابة بالعديد من أنواع الاكتئاب.