تتعدد العوامل المختلفة ذات التأثير على نفسيتك والتي تزيد من قلقك وتوترك وتتنوع بين الضغوط الحياتية الكثيفة التي تضغط على الأعصاب وتجعل النفسية سيئة ,أو الحوداث المؤلمة التي سببها فقدان شخص عزيز أو الإنفصال عن شريك الحياة أو ربما ترجع إصابتك بمرض نفسي إلى الإصابة بأحد المشكلات الصحية الكامنة كمرض السكري أوالسقوط العنيف ومايتبعه من إصابات وارتطام في الدماغ , ويعد العامل الوراثي ضمن العوامل التي تتداخل مع زيادة مخاطر الإصابة بالإضطرابات النفسية أو العقلية , وسوف نجيب من خلال مقالنا التالي على سؤال هام يطرحه كثيرون ألا وهو هل الأمراض النفسية تنتقل بالوراثة ؟
هل الأمراض النفسية تنتقل بالوراثة ؟
كثيرا من الحالات المرضية تكون خاضعة لتأثير الجينات الوراثية التي يمكن أن تنتقل من الآباء إلى الأبناء حيث تعد الوراثة من بين مسببات عديدة لمرض السكري وضغط الدم , وينطبق الأمر أيضا على الأمراض النفسية التي قد يعاني منها الأشخاص حيث أثبت علماء النفس من خلال تحليلهم لتاريخ الأمراض النفسية أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ طبي وراثي من الإختلالات العقلية معرضون بشكل خاص إلى الإصابة بأمراض نفسية
ويمكن تفسير هذا المرض المتوارث بوجود أفراد في شجرة العائلة من أجيال سابقة كانوا يعانون في ظل مرض نفسي معين نتيجة لخلل أو اضطراب في أحد الجينات أو أكثر مما سهل انتقاله بين الأجيال أي أنها تصاحب الشخص منذ أن كان جنينا في بطن أمه , فيمكن أن يكون أكثر من شخص من بين الأجداد السابقين كان مصابا بخلل نفسي أو عقلي أو حالة واحدة فقط كانت موجودة في أسرة ما فيما مضى .
نبذة عن الأمراض النفسية الوراثية
يسعى العديد من الأشخاص للبحث عن إجابة هذا السؤال الذي يشغل تفكير كثيرون ويحتاجون إلى وضع تفسيرات خاصة إذا كنت تخططين لإنجاب طفل أو بالفعل لديك أطفالا في ظل عائلة كان يوجد من بينها في السابق من يعاني من مرض أحد الأمراض النفسية ليصبح السؤال الأساسي عن مدى انتقال جينات الإضطرابات العقلية إلى الأجيال القادمة من الأطفال ؟
ماذا تعني الأمراض النفسية الوراثية؟
قد يتملكك شعور القلق والتوتر خاصة إذا كنت على علم بوجود أشخاص في نفس دائرة أفراد عائلتك كانوا مصابين بأحد الأمراض النفسية , وربما تسيطر عليكي مخاوف شديدة لمجرد التفكير في أن طفلك الصغير أو أي فرد آخر بالمرض نفسه . وتوجد حقيقة هامة تؤكد على وجود تفاوت في درجة شدة أعراض الأمراض النفسية ذاتها من شخص لآخر ضمن العائلة الواحدة التي ينتشر فيها الإضطراب النفسي .وتؤكد أحد الدراسات على اشتراك بعض الأمراض والإضطرابات النفسية والعقلية في بعض الخصائص الجينية المتوارثة
الأسباب الشائعة للأمراض النفسية
من خلال الحديث عن أكثر العوامل المسببة للمرض النفسي والتي تجعل الشخص يعاني في ظل إصابته بمرض نفسي فإنها تشمل :
- تأتي العوامل الوراثية المرتبطة بالجينات ضمن مقدمة أسباب المشكلات النفسية حين يصبح الإضطراب متوارثا بين أفراد العائلة الكبيرة شأنه في ذلك شأن الحالات المرضية الشائعة كمرض السكري
- قد يكون السبب نابعا من تأثير العوامل الخارجية التي تأتي من البيئة المحيطة , والتي ترتبط بالصدمات التي واجهت المرضى وخلفت أضرارا نفسية داخلية تتنوع أسبابها مابين مثل الإغتصاب و الإعتداءالجنسي أو العنف الجسدي في مرحلة الطفولة أو مواجهة حالة فقدان شخص قريب من القلب .
- من ضمن الأسباب أيضا الإيذاء المعنوي الذي يسبب إرهاق لنفسية الفرد عاطفيا جراء مروره بحوادث تنمر في الصغر مما جعله في حدوث انتكاسة نفسية امتدت آثارها على المدى الطويل
- الأشخاص المدمنون الذين يتعاطون المواد المخدرة يقعون في دائرة الخطر أيضا حيث ثبت وجود علاقة وثيقة تجمع بين المصابين بالإضطرابات النفسية والإدمان على المخدرات والمشروبات الكحولية
أشهر الأمراض النفسية الوراثية
أجمع الخبراء في الصحة النفسية على وجود خمسة أشكال من الإضطرابات النفسية قد تشترك في نفس الإختلالات الجينية المتوارثة بما يجعلها أكثر انتشارا في الأوساط العائلية , والأمر المشترك أن أعراض تلك الأمراض متشابهة بحيث يكون من الصعوبة تمييزها وتشمل تلك الأمراض مايلي :
1-مرض الفصام (Schizophrenia)
تميل وسائل الإعلام إلى تشويه صورة الشخص المصاب بالشيزوفرينيا حيث تصفه في الأفلام والمسلسلات بأنه شخص غريب الأطوار إلا أنه في القيقة نوع من الإضطرابات النفسية الحادة من النوع الشديد يصبح خلاله الشخص بعيدا وفي حالة انفصال دائم عن الواقع وينتقل تأثيره على أيدلوجية تفكير الشخص ويعد من الأمراض النفسية التي تنتقل بالوراثة بين الأشخاص , ولكي يتم تشخيص إصابة الشخص به بناءا على مجموعة من الأعراض حيث يكون دائما غارقا في أوهامه يعاني من هلاوس سمعية وبصرية لاوجود لها إلا في مخيلته فقط حيث يلازمه شعور دائم بأن هناك من يتربص به أو يضمر له الشر ويحاول مراقبته من بعيد وأذيته .
يسيطر على المصاب بالفصام أيضا شعور الشك والخوف في كل من حوله مما يؤثر سلبا على علاقاته الإجتماعية ويجعله معرضا بشكل خاص إلى الدخول في نوبات حادة من الذهان تتطلب رعاية خاصة وعاجلة وأحيانا يصبح لزاما البقاء في المستشفى تجنبا لتهديد حياة الآخرين من حوله .فمن الجدير بالذكر معرفة أن حتى الآن لايوجد سبب محدد وراء حدوث الإصابة بالفصام إلا أن الخبراء أكدوا على أن العامل الوراثي يمثل الكفة الأرجح .
اقرأ أيضا اضطراب الإجهاد الحاد: حالة مؤقتة ناجمة عن صدمة نفسية
2-التوحد (Autism)
اسمه العلمي اضطراب طيف التوحد ويلعب العامل الوراثي دورا في إصابة الأطفال به حيث أرجع الباحثون السبب المحتمل وراء حدوثه كنتاج لمزيج تفاعلي بين عدد من الجينات وبعضها البعض ويتم اعتباره أحد أبرز الأمراض النفسية شيوعا بين فئات الأطفال وفي حالة إصابة الطفل به فإنه يكون في مواجهة مشكلات تعوق عملية التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم .ومن أكثر الأعراض التي تظهر على الأطفال المصابين بطيف التوحد مايلي:
- عدم استجابة الطفل لنداء أمه إليه بإسمه , أويكون غير منتبها لأحاديث الأم وكأنه لايسمعها من الأساس .
- النفور الدائم من أي تلامس أو احتكاك جسدي بينه وبين الآخرين حتى أنه لايفضل العناق والتقبيل .
- يصبح أكثر ميلا للعب وحده في حالة انطواء وعزلة عن أقرانه
- يتجنب دائما الإتصال بالعين بصريا مع فقدان لغة التواصل المعتمدة على تعبيرات الوجه
- مواجهة اضطراب تأخر الكلام
3-اضطراب ثنائي القطب (bipolar Disorder)
يحدث تحول فجائي في المشاعر العاطفية المسيطرة على مريض ثنائي القطب حيث يكون في منتهى السعادة التي لامثيل لها ليتغير كل ذلك بشكل مفاجىء إلى سيطرة احساس الحزن واليأس الشديد وهذا الشعور المتذبذب هو السمة المميزة لمرضى ثنائي القطب حيث تكون معاناة المرضى الأساسية مزيج مابين نوبات هوسية ونوبات اكتئابية حادة لذلك فإنه يطلق عليه الإكتئاب الهوسي كإسم آخر له . ويجب الإشارة إلى أنه من المرجح أيضا أن يعاني المريض من حالة هياج وغضب عارم فضلا عن ضعف مستويات التركيز .
4-اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
يبدأ هذا النوع من الإضطرابات النفسية في الظهور خلال وقت مبكر من عمر الطفل أي في مرحلة الطفولة ويسبب مشكلات في تلقي المعلومات أثناء التعلم في المدرسة ويتداخل العامل الوراثي وتأثير الجينات التي تنتقل عبر الأجيال في إحداث الإصابة بهذا الإضطراب الذي يجعل الطفل دائم الشعور بالتشتت وعدم التركيز وينتمي إلى أكثر أنواع الأمراض انتشارا بين الأطفال ومن ضمن أكثر مايميز الأطفال المصابين أنهم لايستطيعون الجلوس مستقرين في مكان واحد بهدوء لمدة طويلة بل يكون لديهم صعوبات في السيطرة على تحركاتهم بسبب فرط النشاط , بالإضافة إلى أن الطفل لايستطيع تركيز انتباهه لوقت طويل على فعل مهمة معينة ودائما مايحدث له نوع من الإلهاء بحيث لايستطيع إكمال ممارسته لنشاط معين .
5-الإكتئاب الحاد
وصول الشخص إلى أقصى من مستويات التعب النفسي وسيطرة الإكتئاب والحزن ,والبؤس وفقدان الشغف في ممارسة الأنشطة الروتينية مع الإنعزال التام على الآخرين كلها أعراض دالة على وقوعه في دوامة من الإكتئاب الحاد من النوع الخطير الذي يتم إدراجه ضمن الأمراض النفسية الوراثية بين أفراد العائلة وقد اتفق الخبراء أن السبب الحقيقي المسئول عن حدوثه اختلالات في مستويات الناقلات العصبية في الدماع والتي تحمل مهمة تحسين الحالة المزاجية ألا وهو السيروتونين ذلك الناقل العصبي المعروف بهرمون السعادة