يعتبر العطش هو الطريقة الطبيعية للجسم التي تساعده على تصحيح اختلال توازن السوائل الذي يحدث من خلال التعرق بسبب درجات الحرارة العالية، أو حالات الجفاف الناتجة عن بعض الأمراض، ولكن يجب الإنتباه أنه من الممكن أن يكون العطش المفرط او ما يسمى بـ “العطاش” علامة على العديد من الحالات الصحية. فيعد العطاش هو أحد المصطلحات الطبية المستخدمة لوصف الشعور بالعطش المفرط الذي يصيب الكثير من الأفراد من خلال شرب الكثير من الماء لإرواء العطش، إلا أن هذا يترتب عليه التبول أكثر من اللازم بالإضافة إلى تميز لون البول بالصفاء. حيث من الوارد أن تحدث هذه الحالة كعرض شائع لبعض الأمراض مثل مرض السكري، وبعض مشكلات الصحية العقلية والفصام لهذا سوف نتعرف في مقالنا اليوم عن العطاش بمزيد من التفصيل لكي نستطيع التعامل معه بالكثير من الحكمة.
ما الذي يسبب العطاش؟
تحدث هذه المشكلة بناء على عدة عوامل مثل النظام الغذائي والنشاط البدني والمناخ الحار الذي قد يترتب عليه الحاجة، إلى المزيد من الماء من وقت لآخر، ولكن عندما نشعر دائما بالعطش المفرط ، والحاجة إلى شرب كميات كبيرة من السوائل بسبب ذلك، فقد يكون العطش في ذلك الوقت غير طبيعي.
يجب العلم أن هناك عدة أسباب لحدوث العطاش، بعضها عقلي، وبعضها ثانوي وسوف نقوم بالتعرف على كلاهما بمزيد من التفصيل.
أولا: العطاش الأولي
يحدث العطاش الأولي عندما لا تكون هناك حالة بدنية تسبب حدوث العطش المفرط حيث أن هناك نوعان رئيسيان من هذا أهمهما عطاش المنشأ، وعطاش ثنائي المنشأ.
-
عطاش المنشأ
يعتبر عطاش المنشأ هو أحد المشكلات السلوكية التي تحدث جنبا إلى جنب مع بعض حالات الصحة العقلية مثل الاضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب، والفصام حيث يعتقد أن ما يصل إلى 20٪ من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية قد يعانون من أزمة عطاش المنشأ.
الأشخاص الذين يعانون من عطاش المنشأ لديهم رغبة قوية في شرب الماء على الرغم من عدم وجود سبب فسيولوجي للقيام بذلك.فقد أوضح الباحثون أنه لا يوجد أي أسباب واضحة لحدوثها، ولكن عند تناول بعض أنواع الأدوية قد يؤدي ذلك إلى حدوث تفاقم لهذه المشكلة.
-
عطاش ثنائي المنشأ
يمكن أن يكون عطاش ثنائي المنشأ، المعروف أيضا باسم “شرب الماء الإجباري”، مرتبطا ببعض أنواع الخلل الوظيفي في الدماغ حيث تتم الإصابة بذلك عندما يتم حدوث تغيير في منطقة ما تحت المهاد، وهي جزء في الدماغ يتحكم في العطش.
في بعض الأوقات، يعاني الناس من عطاش ثنائي الغيوم عندما يعتقدون أن شرب كميات زائدة من الماء مفيد لصحتهم. ثم يستهلكون بشكل قهري المزيد من الماء أكثر مما هو ضروري، ومفيد للجسم.
ثانيا: العطاش الثانوي
يتضمن العطاش الثانوي القيام بشرب الماء الزائد بسبب مرض أو دواء حيث أن الأسباب الأكثر شيوعا للعطاش الثانوي هي الإصابة بداء السكري، ومرض السكري الكاذب، أو حدوث مشكلات الجفاف أو خلال فترات الحمل، أو تناول أدوية معينة.
-
داء السكري
يعتبر داء السكري هو مجموعة من الاضطرابات ،المتمثلة في مرض السكري من النوع 2، والذي يتميز بارتفاع السكر في الدم، أو ارتفاع مستويات الجلوكوز، فعندما يكون لدي بعض المرضى ارتفاع نسب السكر فقد تواجه هذه الحالات عطاش شديدا جنبا إلى جنب مع زيادة التبول حيث تشمل الأعراض المحتملة الأخرى للإصابة بمرض السكر هو حدوث زيادة في الجوع، وفقدان الوزن، وعدم وضوح الرؤية.
يحدث العطاش في مرض السكري نتيجة للجلوكوز الزائد الذي يتراكم في الدم، فعندما يحدث التراكم تذهب الكليتين بشكل سريع في العمل على تصفية الجلوكوز الزائد، وسحب السوائل بعيدا عن الجسم من خلال هذه العملية.
-
مرض السكري الكاذب
على عكس داء السكري، لا يرتبط مرض السكري الكاذب بمستويات الجلوكوز في الدم، ولكن يرتبط مرض السكري الكاذب بوظائف الكلى غير الصحيحة حيث أن هذه الحالة نادرة ويمكن أن تتطور عندما تكون هناك مشاكل مع فاسوبريسين، وهو الهرمون الذي يساعد الكليتين على موازنة كمية السوائل في الجسم.
في حالة المعاناة من مرض السكري الكاذب فيحدث التبول الكثير الذي يؤدي في النهاية الشعور بالعطاش الشديد، فالجدير بالذكر أن النساء الحوامل يصيبن بداء السكري الكاذب مؤقتان وهو أمر نادر الحدوث، ولكن عندما يحدث، تتطور الحالة عادة في الثلث الثالث من الحمل.
-
عطاش الأدوية
هناك العديد من الأدوية التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث العطاش. وتشمل هذهما يلي:
- مضادات الكولين، والتي يمكن استخدامها لعلاج العجز البولي، أو متلازمة القولون العصبي، أو مرض باركنسون، أو الحالات النفسية.
- مدرات البول، التي تساعد جسمك على التخلص من الماء الزائد، والملح.
- أدوية الفينوثيازين، والتي تستخدم لعلاج الاضطرابات النفسية.
ما هي أعراض العطاش؟
عند محاولة تحديد ما إذا كنا مصابين بالعطش الطبيعي، أو العطش المفرط الذي يصل إلى مرحلة العطاش، فقد يكون من المفيد معرفة كيفية التمييز بين الاثنين.
يحدث العطش المفرط عندما يكون لدى المريض رغبة غير طبيعية في شرب الماء، أو السوائل الأخرى التي تستمر حتى بعد شرب الكثير من السوائل. وفي الوقت نفسه، عادة ما ينحسر العطش الطبيعي الذي قد يكون نتيجة للجفاف أو ممارسة الرياضة، أو المرض بعد تناول السوائل المرغوب فيها.
يمكن أيضا تمييز العطش المفرط عن العطش الطبيعي من خلال مراقبة إخراج البول، ولونه، فعلى سبيل المثال، مع العطاش، يمكنك التبول ما يصل إلى 12 لترا من الماء يوميا بينما يبلغ متوسط الإنتاج البشري عادة حوالي 1.5 لتر من البول بشكل يومي، فعادة ما يكون هذا الناتج المفرط علامة منبهة على الإصابة بالعطاش.
من الممكن أن نلاحظ أيضا اختلافا واضحا في لون البول، فعادة ما يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من الجفاف بول أغمق كما أنهم قد لا يتبولون كالمعتاد. في هذه الأثناء، إذا كان الفرد يعاني من العطاش فمن المحتمل أن يكون البول مخففا بسبب الإفراط في تناول السوائل ويمكن أن يكون واضحا أيضا من خلال لونه.
يمكن أن تشمل العلامات والأعراض الأخرى التي يمكن أن تحدث جنبا إلى جنب مع العطاش ما يلي:
- الجهد والتعب والإرهاق الشديد
- جفاف الفم، والحلق في كثير من الأوقات
- الدوخة والغثيان أو القيء.
- عدم وضوح الرؤية.
كيف يتم علاج العطاش؟
يتأثر علاج العطاش إلى حد كبير بالحالة الأساسية التي تسبب حدوثه. فإذا كنا لا نعرف سبب العطش المفرط، فمن المحتمل أن يقوم الطبيب المختص بذلك بإجراء بعض الاختبارات التشخيصية بما في ذلك تحليل البول واختبارات الدم.
إذا اكتشفوا أن داء السكري هو المسبب الرئيسي للعطاش، فمن المحتمل أن يطلب الطبيب إجراء تغييرات في نمط الحياة تتعلق بممارسة الرياضة، والنظام الغذائي الصحي إلى جانب تناول بعض الأدوية التي تساعد على التحكم في نسبة السكر في الدم حيث يختلف نوع الدواء اعتمادا على ما إذا كنت مصابا بداء السكري من النوع 1 أو داء السكري من النوع 2. فعلى سبيل المثال، غالبا ما يتم علاج مرض السكري من النوع 1 بالأنسولين بينما يتم علاج مرض السكري من النوع 2 بالميتفورمين.
أما بالنسبة لمرض السكري الكاذب، فقد يوصف لك الطبيب هرمون ديزموبريسين الدوائي الذي يأتي في رذاذ الأنف، أو حبوب منع الحمل ،أو بعض أنواع الحقن حيث يحل محل فاسوبريسين الذي لا يقوم الجسم بصناعته.
إذا كانت مشكلة الصحة العقلية تسبب حدوث العطاش فقد يوصي الطبيب بضرورة العرض على الأخصائي النفسي حتى يتمكن المريض من الحصول على العلاج المناسب.
ما هي مضاعفات العطاش؟
نظرا لأن حدوث توازن السوائل في الجسم هي أحد أهم العمليات المنظمة للغاية التي يمكن أن تؤثر على الكلى، وضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، وغير ذلك حيث يمكن أن يسبب العطاش بعض المضاعفات والمخاطر على الصحة بوجه عام.
أحد مضاعفات عطاش الدم هو نقص الصوديوم في الدم، أو حدوث تسمم الماء حيث من الوارد أن يتطور نقص صوديوم هذا عندما يتجاوز تناول الماء قدرة الكليتين على التخلص من السوائل التي بالجسم، فعلى الرغم من أن هذه الحالة نادرة، إلا أنها يمكن أن تهدد الحياة، وتسبب الغثيان، والقيء، والصداع، والارتباك والهذيان، والنوبات، والغيبوبة، وحتى الموت في بعض الأوقات.
إذا كان الشخص المصاب يعاني من عطاش المنشأ، فقد يكون معرضا لخطر الإصابة بسلس البول وهو التبول اللاإرادي الذي يمكن أن يحدث أثناء النهار، أو في الليل، أما في الحالات الأكثر شدة، فهناك أيضا خطر الإصابة بفشل القلب الكلوي، والاحتقاني، وكذلك هشاشة العظام، والكسور المرضية.
متي يجب الذهاب إلى الطبيب؟
من المحتمل أن يكون الشعور بالعطش الشديد أمر طبيعي، وبالأخص بعد ممارسة التمارين الرياضية المكثفة، أو تناول الأطعمة المالحة، أو التعرق كثيرا حيث يمكن علاج ذلك عن طريق شرب الماء. ولكن إذا استمر العطش في صورته الغير طبيعية، وبدون سبب معروف، فقي ذلك الوقت يجب الذهاب للطبيب المختص والقيام بإستشارته.