عادة ما نسمع من أطبائنا أن هناك إصابة بمرض الكبد الدهني بشكل يأتي على سبيل الصدفة. فالجدير بالذكر أن يتم إكتشاف هذه الحالة المرضية أثناء قيام الطبيب بتشخيص مرض آخر ومن هنا تبدأ الدائرة من التعامل والعلاج. لذلك الأمر قررنا أن نتعرف على ما هو مرض الكبد الدهني؟ بمزيد من التفصيل من حيث الأعراض والأسباب وطرق التعامل معه بصورة سليمة.
مرض الكبد الدهني
يعد مرض الكبد الدهني من الحالات المرضية الشائعة والتي تحدث عندما يتراكم الكثير من الدهون الزائدة في الكبد بسبب عدم قدرة الجسم على استقلاب الدهون بشكل صحيح. فيجب العلم أنه من الطبيعي أن توجد كمية صغيرة من بعض الدهون في الكبد. ولكن إذا كانت كمية الدهون تشكل 5٪ أو أكثر من وزن الكبد، فهذا قد يعني أن الكبد قد أصبح في حالة من التنكس الدهني.
ينقسم مرض الكبد الدهني إلى ثلاثة مستويات تبدأ من الدرجة الأولى والثانية والثالثة. الجدير بالذكر أن مرض الكبد الدهني من الدرجة الأولى هو أخف درجة من هذه الحالة المرضية، ويحدث في مراحله المبكرة عندما تترسب الدهون مؤخرا حول السطح الخارجي للكبد ولم تؤثر بعد على وظائف الكبد حيث أنه في هذا المستوى، تشكل الدهون نحو 5-10 ٪ من وزن الكبد.
عند اللجوء إلى الموجات فوق الصوتية للكشف عن الحالة المرضية الأولى من مرض الكبد الدهني فسوف يتم إكتشاف حدوث تضخم كبدي منتشر ولكن ردود الفعل المحيطة في هذه المرحلة تعد غير مقلقة إطلاقا.
أعراض الإصابة بمرض الكبد الدهني
تتنوع أعراض الإصابة بمرض الكبد الدهني بين الأشخاص، حيث يمكن أن تكون هذه الأعراض ظاهرة لدى بعض المرضى وغير ظاهرة لدى آخرين. فالجدير بالذكر أنه قد يحدث تتطور للأعراض بشكل تدريجي وقد تبدأ بأعراض طفيفة يمكن تجاهلها في البداية، ولكن مع مرور الوقت يمكن أن تشير إلى الحاجة إلى استشارة الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة لتشخيص المرض. من بين الأعراض الشائعة لمرض الكبد الدهني:
– يشعر الشخص الذي يعاني من مرض الكبد الدهني بالتعب المستمر رغم عدم ممارسة مجهود كبير حيث يمكن أن يصاب الشخص بالتعب والإرهاق بسهولة، حتى بعد قيامه بأنشطة بسيطة.
– يعاني مرضى الكبد الدهني من فقدان مفاجئ في الشهية، مما يؤدي هذا إلى انخفاض ملحوظ في وزنهم. فيجب العلم أن تأثير هذا المرض يعود إلى عملية الهضم وامتصاص العناصر الغذائية الأساسية.
– يمكن أن يلاحظ المرضى حدوث تورمًا غير عادي في منطقة البطن، ويكون ذلك بسبب تجمع السوائل في تجويف البطن نتيجة حدوث تلف في خلايا الكبد.
– يعاني بعض المرضى من آلام في البطن بشكل مستمر وترتبط هذه الآلام بالتورم في البطن أو تلف في الأعضاء الداخلية.
– قد يؤدي تراكم الدهون في الكبد إلى زيادة حجمه، وهذا يمكن أن يسبب ضغطًا على الأعضاء المجاورة مما ينتج عنه الكثير من الآلام ومشاعر عدم الارتياح.
– يشكو بعض المرضى من تغيرات في جودة البشرة والشعر، حيث يصبح الجلد جافا وشاحبا وقد يحدث تساقط غير طبيعي للشعر.
– قد يلاحظ بعض المصابين ارتفاعا كبيرا في مستويات السكر بالدم، ويحدث ذلك نتيجة لتأثير المرض على عملية التمثيل الغذائي للجسم.
ولكن يرجى ملاحظة أن هذه الأعراض ليست خاصة بمرض الكبد الدهني فقط فقد تكون مشابهة لأعراض أمراض أخرى، ولذلك فإن استشارة الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة من الأمور الضرورية لكي يتم التشخيص الصحيح.
إقرأ أيضا: أهم 6 أخطاء تلحق الضرر الشديد بالكبد
أسباب الإصابة بحالات الكبد الدهني
توجد العديد من الأسباب المحتملة التي تؤدي إلى حدوث الإصابة بمرض الكبد الدهني والتي تتمثل في الآتي:
أولا: الأمراض الوبائية
تعد الالتهابات التي تسببها بعض الفيروسات مثل فيروس التهاب الكبد الوبائي من بين الأسباب الرئيسية التي تؤدي لحدوث الإصابة بمرض الكبد الدهني. فالجدير بالذكر أن فيروس التهاب الكبد الوبائي بنوعيه B و C قد يتسبب في تلف الأنسجة الكبدية ويزيد من احتمال تراكم الدهون في الكبد.
ثانيا: السمنة وارتفاع مستويات الدهون في الدم
تعتبر السمنة وارتفاع مستويات الدهون في الدم من العوامل الأساسية المسببة لمرض الكبد الدهني. فعندما يزيد وزن الشخص عن المعدل الطبيعي وتتجاوز نسبة الدهون في الجسم المتاحة، فإن الكبد يصبح غير قادر على معالجة الدهون بشكل صحيح، مما يؤدي هذا إلى تجمعها في الكبد وتطور مرض الكبد الدهني.
ثالثا: تناول المشروبات الكحولية
يعد أمر استهلاك الكحول بكميات كبيرة ومنتظمة من العوامل الرئيسية المؤثرة على الوظيفة الكبدية حيث يؤدي ذلك إلى حدوث تجمع الدهون في الكبد. فيجب العلم أن الكحول يعمل على دخول خلايا الكبد وإصابتها بالإلتهابات، ومن ثم الإصابة بهذه الحالة المرضية.
رابعا: مقاومة الأنسولين والسكري
يعاني العديد من الأشخاص من مشكلة مقاومة الأنسولين، حيث يتعذر على الجسم استخدام الأنسولين الذي ينتجه البنكرياس بشكل صحيح مما يؤدي هذا إلى زيادة معدلات السكر في الدم، وتعزيز تراكم الدهون في الكبد وزيادة الحالة المرضية المسماه بالكبد الدهني.
خامسا: العوامل الوراثية
هناك العديد من الدراسات التي قامت بالإشارة إلى أن بعض الحالات من مرض الكبد الدهني يمكن ربطها بالعوامل الوراثية، مثل انتقال الجينات المسببة له من الأجيال السابقة. ومع ذلك، فقد لا يكون لدى جميع الذين يعانون من مرض الكبد الدهني تاريخ أسري مرضي بهذه الحالة.
سادسا: التغذية غير الصحية
يعد اتباع نظام غذائي غير صحي يحتوي على الكثير من الأطعمة الدهنية والمشروبات الغازية المحلاة أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي لحدوث الإصابة بمرض الكبد الدهني. فالجدير بالذكر أن الأطعمة غير الصحية ذات السعرات الحرارية العالية تزيد من احتمال تراكم الدهون في داخل الكبد.
سابعا: نمط الحياة غير الصحي
عندما يفتقر الشخص إلى ممارسة أي نشاط بدني ويقضي معظم وقته في الجلوس، فإن هذا الأمر قد يزيد من إحتمالية الإصابة بالسمنة وبالتالي يزيد من فرص تكوين الدهون في الكبد. بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع ضغط الدم واضطرابات النوم والتوتر النفسي قد يؤدي أيضا إلى حدوث تكوين للدهون في داخل الكبد.
طرق علاج مرض الكبد الدهني
يمكن أن نقوم بعلاج مرض الكبد الدهني بعدة طرق، وفي ما يلي سنتطرق إلى بعضها:
-
التغيرات في نمط الحياة
تعتبر التغيرات الحياتية الصحية من أهم وسائل علاج الكبد الدهني حيث ينبغي الحرص على اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يحتوي على الكثير من الفواكه والخضروات والألياف، وتجنب تناول الدهون المشبعة والسكريات المكررة. إضافة إلى ذلك، يجب التقليل من تناول الملح وتجنب التدخين والبعد تماما عن تناول المشروبات الكحولية.
-
ممارسة الأنشطة البدنية
يعتبر امر ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم من العناصر الرئيسية في علاج الكبد الدهني حيث تساهم في خفض مستويات السكر والدهون في الدم إلى جانب العمل على تحسين تدفق الدم إلى الكبد، مما يقلل هذا من تجمع الدهون داخله.
-
العلاج الدوائي
يمكن اللجوء إلى استخدام العلاجات الدوائية للحد من الأعراض المصاحبة للكبد الدهني ولتحسين وظائف الكبد. الجدير بالذكر أن هذه العلاجات الدوائية قد تشمل مثبطات التهاب الكبد وأدوية لتحسين حساسية الأنسولين وتقليل امتصاص الدهون.
-
العلاج الجراحي
في حالات متقدمة من مرض الكبد الدهني، قد يستدعي الأمر اللجوء إلى العلاج الجراحي لزراعة الكبد أو إجراء عملية جراحية لإزالة الدهون المتراكمة في الكبد. فمن الهام معرفة أن العلاج الجراحي يُعد خيارا نهائيا ونادرا في الحالات الشديدة فقط.
لابد من ملاحظة أنه يجب أن تتم استشارة الطبيب قبل اتخاذ أي إجراءات للعلاج، حيث يمكنه تقييم الحالة المرضية ووضع خطة علاجية سليمة ومناسبة.