يعتبر التهاب الكبد الخاطف من أهم الأمراض التي يمكن أن تحدث الإصابة بها لدى الأشخاص الذين أصيبوا سابقا بمرض كبدي مستقر أو لم يعانوا من مشاكل في الكبد. فعلى الرغم من ندرته، إلا أنه يمكن أن يكون من الأمراض المهددة للحياة وبشكل فعال وسريع جدا. بشكل أوضح نريد اليوم أن نتعرف على ما هو التهاب الكبد الخاطف؟ وما هي أهم أعراضه؟ وكيف نستطيع العمل على علاجه بشكل سليم وصحي؟
ما هو التهاب الكبد الخاطف؟
يعرف التهاب الكبد الخاطف بأنه التهاب الكبد في المرحلة النهائية، أي عندما يبدأ الكبد في الضعف بسرعة كبيرة وفي غضون أيام أو أسابيع قليلة، فالجدير بالذكر أن هذا الأمر يحدث اعتمادا على السبب وينتج عنه أضرار عديدة في الكبد حتى قد يصل الأمر إلى انخفاض في حجم الكبد (ضمور أصفر حاد).
يجب العلم أن هذه المتلازمة يمكن أن تسبب عددا من الآفات الثانوية مثل الاضطرابات الأيضية الشديدة والمضاعفات العصبية التي تؤدي في النهاية إلى فشل عمل العديد من أعضاء الجسم. بالإضافة إلى أنه يمكن عادة أن يحدث التهاب الكبد الخاطف بعد إصابة المريض بأنواع معينة من فيروس التهاب الكبد أو التهاب الكبد الكحولي أو تلف الكبد بسبب التسمم الناتج عن تناول المخدرات.
ما هي أعراض التهاب الكبد الخاطف؟
تتطور أعراض التهاب الكبد الخاطف أو المداهم وتصبح شديدة بسرعة كبيرة حيث تتدهور حالة المريض بسبب الآفات الثانوية التي قد تصيب الدماغ (اعتلال الدماغ الكبدي)، والتي قد تتطور إلى حدوث الغيبوبة والوذمة الدماغية في فترة من بضعة أيام إلى عدة أسابيع فقط.
إلى جانب هذا فعادة ما تحدث اضطرابات التخثر بسبب فشل الكبد أو التخثر المنتشر داخل الأوعية والتي يمكن أن تتطور إلى فشل كلوي وظيفي أو ما تعرف أيضا بمتلازمة الكبد الكلوي.
على وجه التحديد، وفي مرحلة مبكرة قد يعاني المريض من عدة أعراض تتمثل فيما يلي:
- الشعور بالمرض الشديد.
- التعب والإرهاق.
- الغثيان.
- عدم الراحة أو الألم في المعدة.
- ضعف الشهية وفقدانها.
تظهر المظاهر الأكثر شدة شائعة عندما يكون المريض في المراحل المتوسطة والنهائية والتي تظهر من خلال:
- اليرقان في الجلد أو مقل العيون.
- نزيف تحت الجلد أو بالأغشية المخاطية أو ظهور المزيد من الكدمات.
- انخفاض التركيز.
- تغيرات في الشخصية أو السلوك غير العادي أو التهيج أو الارتباك.
- الرغبة في النعاس والنوم الدائم.
- انتفاخ البطن بسبب تراكم السوائل (ظاهرة الاستسقاء).
إقرأ أيضا: أهم 6 أخطاء تلحق الضرر الشديد بالكبد
ما هي أسباب الإصابة بالتهاب الكبد الخاطف؟
على الرغم من أنه في كثير من الحالات، لا يمكن للطبيب المعالج تحديد سبب التهاب الكبد الخاطف. ولكن بشكل عام، يمكن أن يحدث هذا المرض غالبا بسبب عدة أسباب شائعة تتمثل في الآتي:
1) يمكن أن يسبب أمر تناول الجرعات الزائدة من المضادات الحيوية (التتراسيكلين) أو أدوية السرطان (الميثوتريكسات) أو مسكنات الألم (الباراسيتامول) أو المخدرات (الأمفيتامينات) أو بعض الأدوية الأخرى حدوث تلفا شديدا في الكبد والتسبب في فشله. فعلى وجه التحديد، يعد التسمم بالباراسيتامول هو السبب الذي يمثل أعلى نسبة من جميع هذه الفئات.
2) يمكن أن تؤدي حدوث العدوى بفيروس إبشتاين بار (EBV) أو الهربس البسيط (HSV) أو المضخم للخلايا (CMV) أو التهاب الكبد الفيروسي A أو B أو C أو D أو E إلى حدوث فشل كبدي مفاجئ. وخاصة مع التهاب الكبد الفيروسي B والفيروسي A.
3) مهاجمة جهاز المناعة في الجسم خلايا الكبد والتسبب في تلفها.
4) في حالة ظهور الأورام في الكبد أو إنتقالها من عضو آخر إلى الكبد حيث أنها تتسبب في حدوث فشل الكبد السريع.
5) المشاكل المتعلقة بالأوعية الدموية، والتي يمكن أن تؤدي إلى حدوث متلازمة بود خياري أو مرض انسداد الوريد أو الصدمة أو فشل القلب ومن ثم يحدث فشل الكبد.
6) التعرض لتسمم الفطر حيث يحتوي الفطر البري مثل الفطر السام الأسود والأخضر على سموم قوية جدا تشكل خطرا على الكبد.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره فقد تشمل الأسباب الأخرى الأقل شيوعا هو حدوث الإصابة بما يلي:
- مرض M Wilson
- الجالاكتوز في الدم
- مرض نقص alpha-1-AT
- تيروزين الدم
- متلازمة العين الوردية
- متلازمة HELLP عند النساء الحوامل (فقر الدم الانحلالي، ارتفاع إنزيمات الكبد، ونقص الصفيحات).
كيف يتم تشخيص مرض التهاب الكبد الخاطف؟
للحصول على تشخيص دقيق لالتهاب الكبد الخاطف، فقد يلزم آنذاك الوقت الجمع بين التقييم السريري والاختبارات دون السريرية.
بداية، يمكن للطبيب المعالج العمل على إستخراج بعض المعلومات حول تاريخ المريض الطبي، أو أي تعاطي سابق للمواد المخدرة، أو ما إذا كنت قد تعرض الشخص لتناول السموم مسبقا أم لا. ومن هنا يتم النظر في أعراض التهاب الكبد، وكذلك العمل على التحقق من نشاطه.
في الوقت نفسه، قد يقوم الطبيب بطلب بعض الاختبارات المعملية للعثور على السبب في حدوث الإصابة بهذه الحالة والتي تتمثل في الآتي:
- اختبارات الدم والبول.
- تقنيات التصوير مثل الموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية.
- اختبارات كيميائية حيوية لتقييم وظائف الكبد.
- خزعة الكبد.
- وقت البروثرومبين (PT) وقياس INR.
كيف يتم علاج التهاب الكبد الخاطف؟
سيتم تحديد علاج هذه الحالة المرضية بناء على سبب التهاب الكبد الواقع. فإذا ضعف الكبد فجأة بسبب جرعة زائدة من الباراسيتامول، فإن الترياق N-acetylcysteine هو الخيار المفضل في هذه الأوقات حيث يعد هذا الدواء هو الأكثر فعالية إذا استخدم في غضون 8 ساعات من التسمم بالباراسيتامول، ومع ذلك فإنه لا يزال يمكن أن يساعد في حالات التسمم المزمن الوارد أن يحدث فيما بعد.
يجب العلم أيضا أن الأدوية المضادة للفيروسات قد تكون فعالة للأشخاص المصابين بالتهاب الكبد الخاطف لأسباب فيروسية. فعلى وجه التحديد، إذا كان التهاب الكبد الحاد ناتجا عن التهاب الكبد B، فإن العلاج بالنيوكليوسيدات الفموية أو نظائرها من النوكليوتيدات قد يزيد من تعافي المريض قدر الإمكان.
إلى جانب هذا فيجب معرفة أن المنشطات هي الأدوية التي تثبط جهاز المناعة في الجسم، وغالبا ما تستخدم لعلاج حالات التهاب الكبد المناعي الذاتي.
أخيرا، إذا لم تساعد الأدوية العلاجية الكبد على العمل بشكل طبيعي مرة أخرى، فقد يحتاج المريض إلى عملية زرع كبد جديدة حيث تعد هذه هي الطريقة التي تعطي أفضل أمل للبقاء على قيد الحياة لدى البالغين. ولكن يجب الآخذ في عين الإعتبار أنه عادة ما يكون الأطفال أكثر قدرة على التعافي دون زراعة الكبد.