في سن الشيخوخة، تحدث لكبار السن المزيد من التغيرات العقلية والجسدية والنفسية حيث يعد هذا هو القانون الطبيعي للحياة، لذا فيجب علينا أن نختص بحديثنا اليوم الجانب النفسي لأنه من المهم أن نكون على دراية بأسباب التغيرات النفسية لدى المسنين وأن يكون لدينا علم ببعض الطرق التكيفية التي تساعد من هم في هذه المرحلة العمرية على العيش في وئام مع تلك التغييرات. لذلك هيا بنا بمزيد من التوضيح نتناول الحوار عن اهم التغيرات النفسية التي تصيب كبار السن وطرق التعامل معها بشكل صحيح.
ما هي أسباب إصابة كبار السن بالتغيرات النفسية؟
مع مرور الوقت والتقدم في العمر فسوف تحدث حالة من ضعف أداء وظائف أجهزة جسم الإنسان حيث يؤثر هذا على الصحة العقلية. فيجب العلم أنه توجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث تغيرات كبير في نفسية كبار السن وتتمثل في:
أولا: التغيرات الهرمونية
من أهم الخصائص النفسية الفسيولوجية التي تحدث لكبار السن ويجب الانتباه إليها هي التغيرات الهرمونية. فالجدير بالذكر أن كمية الهرمونات تختلف مع كل مرحلة من مراحل حياة الفرد، خاصة بالنسبة للنساء حيث يمكن أن تؤثر وبصورة كبيرة على الحالة المزاجية، والطاقة، والنوم، والتحفيز، والعوامل النفسية الأخرى.
بالنسبة للنساء، ومع تقدمهن في العمر فيحدث لهن إنخفاض في مستويات هرمون الاستروجين بشكل كبير وبالأخص في خلال فترة إنقطاع الطمث وهذا لأن هرمون الاستروجين يرتبط ارتباطا وثيقا بمزاج الإنسان وحالته النفسية.
يمكن العمل على تشخيص الاختلالات الهرمونية من خلال القيام بإجراء فحوصات الدم الدم ومن هنا يمكن علاجها عن طريق إستخدام الهرمونات البديلة أما بالنسبة للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من سرطان الثدي أو الرحم فلا يوصى باللجوء إلى العلاج بالهرمونات البديلة لتجنب وقوع أي مخاطر صحية عليهن.
ثانيا: الحزن وسيطرة مشاعر الخسارة
مع التقدم في العمر، ينتاب أصحاب هذه المرحلة العمرية المزيد من الحزن وبالأخص في حالة عدم رؤيتهم لأولادهم وأحفادهم وأقاربهم بصورة منتظمة. فالجدير بالذكر أن هذه الظروف تؤثر بشكل خطير على الصحة العقلية للمسنين حيث زيادة درجة الحساسية النفسية لديهم، وهذا ما يفسر لماذا كبار السن غالبا ما يكونون عاطفيين بصورة ملحوظة.
ثالثا: الاضطراب ثنائي القطب
يعد الاضطراب ثنائي القطب المعروف أيضا باضطراب الهوس هو أحد أنواع الاضطراب المزاجية التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث إصابة المسنين بنوبات اكتئابية. وفيما يلي سنقوم بذكر أهم أعراض الاضطراب الثنائي القطب التي تتمثل فيما يلي:
- التصرف بتفاؤل أو حيوية بصورة مبالغ فيها وغير طبيعية.
- سيطرة مشاعر الثقة المبالغ فيها على المصاب.
- عدم النوم كالمعتاد.
- الإنتقال ما بين مواضيع التحدث باستمرار.
- التصرف بتهور وعدم موازنة الأمور.
رابعا: ضعف الإدراك
يمكن أن يكون لمرض الزهايمر والخرف تأثير كبير على الحالة المزاجية والشخصية لدى كبار السن حيث انه مع مرور الوقت يمكن أن ينفصل التدهور المعرفي عن العالم الخارجي بشكل تام. إلى جانب هذا فيجب العلم أنه في الغالب عادة ما يظهر كبار السن المصابون بالزهايمر والخرف بعض علامات الغضب أو الإثارة أو القلق أو الحزن ومن هنا يحدث التدهور في الحالة النفسية لديهم.
خامسا: تدهور الصحة البدنية
يواجه كبار السن العديد من مشاكل الصحة البدنية التي تظهر من خلال الشعور بالألم المزمن الذي يمكن أن يسبب أيضا تقلبات مزاجية شديدة، فعلى سبيل المثال إذا حدث شعور بالألم ولم يتم التعافي من أعراضة فسوف يسيطر على المسن مشاعر عدم الراحة طوال اليوم مما يتسبب هذا في إزعاجه وخلق حالة من الارتباك والأرق، وسيطرة مشاعر الحزن عليهم.
إقرأ أيضا: إكتشفي عزيزتي أهم الفيتامينات المناسبة لكبار السن
ما هي أهم التغييرات في سيكولوجية كبار السن؟
تعد الصعوبات التي يواجهها كبار السن بالإضافة إلى المشاكل الجسدية من أهم المسببات التي تؤدي إلى حدوث التغييرات النفسية التي تؤثر بشكل كبير على نوعية حياتهم و أسلوب علاقاتهم بمن حولهم. فالجدير بالذكرأن من أهم هذه التغيرات الواجب ذكرها ما يلي:
- بعض كبار السن لا يقبلون واقع حدوث العديد من التغيرات في المزاج أو المظهر مع تقدمهم في العمر حيث يرفضون الاعتراف بأن هذه التغييرات تحدث داخل أنفسهم.
- يمكن أن يقوم كبار السن بعزل أنفسهم وهذا بسبب حزنهم بإنشغال من حولهم عنهم حيث سيطرة شعور الوحدة المؤذي على أنفسهم.
- عندما تنخفض وظائف الجسم، قد يشعر بعض كبار السن بعدم الفائدة والعجز عن ترتيب حياتهم الخاصة ويضطرون إلى الاعتماد على الآخرين لرعايتهم، ومن هنا تتدهور الحالة النفسية بصورة مرعبة.
- خلال هذه المرحلة العمرية يصبح بعض كبار السن أكثر ريبة، ولا يثقون في أي شخص، ويشعرون بأنهم يتعرضون للتلاعب دائما. فالجدير بالذكر أن هذا الأمر يمكن أن يؤثر على العلاقات بين جميع أفراد الأسرة .
- في بعص الأوقات يقوم المسن بالعمل على إجبار من حوله بأداء بعض المهام الخاصة بهم حيث رغبته في إستعادة زمام الأمور الحياتية مثل ما كان يحدث في الماضي حيث يتم توجيه هذا الأمر نحو الأبناء والأحفاد كل منهما على حد سواء.
- عندما يشعر كبار السن أنه لم يعد لديهم سيطرة على أحد، فقد يقومون بالتعبير عن غضبهم تجاه أفراد الأسرة مما يؤدي ذلك إلى حدوث الكثير من الإختلافات والمشكلات.
- يرغب كبار السن في نقل تجارب الحياة إلى أبنائهم وأحفادهم، ويأملون ألا يرتكب الجيل القادم الأخطاء التي مروا بها، لذلك يتحدثون دائما عن هذه التجارب وبمزيد من الإستفاضة حيث أن الهدف من هذا هو خوض التجارب بشكل سليم في المستقبل.
- بعض كبار السن عندما يشعرون بالخلل الطبيعي تجاه بعض الأمور، فإن مشاعر الحزن والإكتئاب والقلق تبدأ في السيطرة عليهم . لذا يجب على من حولهم تشجيعهم دائما ومحاولة العمل على تبسيط الأمور عليهم.
كيف يتم العمل على تحفيز كبار السن في مواجهة التغيرات النفسية؟
- يمكن أن تؤدي الفجوات بين الأجيال إلى حدوث الكثير من التناقضات أو الاختلافات في الرأي. لذلك، فمن الهام جدا الإستماع لكبار السن بمزيد من الإهتمام وفهم أفكارهم قدر الإمكان.
- يجب العمل على ترك كبار السن يعززون دورهم في داخل الأسرة، وهذا للمحافظة على حالتهم النفسية فعلى سبيل المثال يجب أن يتم إسناد لهم بعض مهام تخص الأحفاد مثل توجيهم نحو القيام بأداء بعض الأنشطة والسلوكيات.
- تعد التغييرات التي تحدث في الخصائص النفسية لكبار السن ليست وسيلة لديهم للسيطرة فالأمر هنا يحدث بصورة تلقائية نتيجة العوامل التي قمنا بذكرها من قبل. لذا فيجب على الأبناء دائما التحلي بالصبر لفهم أبائهم كبار السن بشكل أفضل.
- الاستفسار والاستماع إلى الذكريات القديمة مهما طالت مدة الحديث.
- تنظيم لم شمل الأسرة حيث الاقتراب والتواصل دائما مع الابناء والاحفاد.
- اللجوء إلى كبار السن دائما والعمل على إستشارتهم حيث شعورهم بأنهم مفيدون لأبنائهم وأحفادهم من خلال نقل تجارهم الحياتية لهم.
- إظهار الاحترام والاستماع إلى آراء كبار السن والتصديق عليها من خلال أنا أتفق مع وجهات نظرك.
- من وقت لآخر يجب العمل على إصطحابهم إلى الخارج والتنزه ومحاولة تغيير أنماط الحياة التقليدية الخاصة بهم.
في النهاية.. يجب العلم إن رعاية كبار السن ودعمهم ليس بالأمر السهل إطلاقا، خاصة عندما يتعلق الوضع بالتغيرات النفسية لديهم. فوجب التاكيد على أن فهم أسباب هذه التغييرات سيساعدنا على الوصول إلى ما بداخل كبار السن والتعاطف معهم بشكل أكبر، ومن هنا يمكن تقديم المساعدة لهم للحصول على حياة أكثر سعادة وتفاؤلا مع أبنائهم وأحفادهم.