يتواجد فيما حولنا العديد من الأفراد الذين يقومون بإنتهاج جميع سُبل القمع العاطفى للنفس، فالجدير بالذكر أن لهذه المنهجية العديد من العواقب العاطفية الوخيمة ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط بل يمتد إلى العواقب الصحية والعقلية السلبية والتي من الوارد أن تحدث المعاناة منهما على المدى الطويل. بشكل أكثر توضيحا قررنا أن نتعرف اليوم على ما هو القمع العاطفي؟ وما هي أهم عواقبه السلبية؟ وما هي الآليه الصحيحة للتغلب عليه؟.
ما هو القمع العاطفي؟
تحدث المعاناة من أزمة القمع العاطفي عندما يتجاهل الأفراد عمدا أو ينكرون ردود أفعالهم العاطفية، فمن الهام معرفة أن هذا الأمر يمكن أن يحدث لأسباب عديدة ومن أهمها الخوف من ردود أفعال المحيطين بنا، والرغبة في الحفاظ على السيطرة أو الأعراف الاجتماعية، وإخفاء بعض مشاعر الضعف… وما إلى ذلك.
يعتقد البعض أنه من الممكن أن يكون هذا الوضع حلا فعالا على المدى القصير وهذا لتجنب الانزعاج، ولكن على المدى الطويل يؤدي سلوك قمع المشاعر هذا إلى تراكم الكثير من مشاعر التوتر، ومن ثم لا يتم علاج هذه المشاعر السلبية، ولن تختفي ولكنها تستمر في الجسم مما يؤثر هذا الأمر بشكل مباشر على الصحة العامة.
ما هي العواقب الصحية الناتجة عن القمع العاطفي؟
كما نعلم أن هناك علاقة وثيقة بين العقل والجسم حيث قد أظهرت بعض الدراسات أن الحالة العاطفية للفرد تؤثر بشكل مباشر على الصحة البدنية، فعندما يتم قمع العواطف بصرورة مستمرة، فسوف يتم تشغيل استجابة الجسم للإجهاد حيث يؤدي هذا الأمر إلى إفراز الجسم للكورتيزول الذي يعرف بـ (هرمون التوتر)، ومن ثم يمكن أن يؤدي مع مرور الوقت إلى التهاب وضعف الجهاز المناعي.
الجدير بالذكر ايضا، أنه من الممكن أن يؤدي الإجهاد المزمن بسبب الكبت العاطفي إلى مجموعة متنوعة من الحالات الصحية، بما في ذلك:
– مشاكل القلب والأوعية الدموية: بصورة عامة قد تم ربط الإجهاد المزمن بسبب التثبيط العاطفي بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وحتى السكتة الدماغية، وهذا لأنه في حال الإفراز المستمر لهرمونات التوتر، فسوف يترتب على هذا الأمر وضع الكثير من الضغط على القلب والدورة الدموية.
– اضطرابات النوم: يمكن أن يؤدي قمع العواطف إلى حدوث المعاناة من القلق أو الأرق أو صعوبة النوم أو صعوبة الحفاظ على النوم الصحي السليم، مما يؤثر هذا الأمر بدوره على الوظيفة المعرفية وحالة التعافي البدني.
– مشاكل الجهاز الهضمي: ترتبط القناة الهضمية والدماغ ارتباطا وثيقا حيث أنه غالبا ما يتجلى الإجهاد العاطفي في شكل مشاكل تصيب الجهاز الهضمي والتي من الوارد أن تتمثل في الانتفاخ وآلام البطن وما إلى ذلك.
– التوتر العضلي الهيكلي: يمكن أن تؤدي المشاعر غير المعالجة إلى حدوث الشعور بالكثير من مشاعر عدم الإرتياح والآلام المزعجة والمزمنة.
من هنا يمكننا القول بأن ممارسة روتين قمع العواطف لا يسبب مشاكل جسدية فقط، بل يمتد الأمر أيضا ليخلق حلقة مفرغة تتمثل في مخاطر المعاناة من الأعراض الجسدية والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم مشاكل الصحة العقلية، ومن ثم تسبب جميع هذه العوامل تداعيات يصعب التعامل معها.
على سبيل المثال، قد يعاني الأشخاص الذين يقمعون غضبهم من الصداع أو مشاكل في الجهاز الهضمي، مما يزيد بدوره من التهيج والضيق العاطفي.
كيف نستطيع الافراج عن العواطف المكبوتة والتخلص من القمع العاطفي؟
في بداية طريق التغلب والتعامل مع مشكلة قمع العواطف، فمن الواجب علينا فهم أن هذه الأزمة يمكن أن تحدث بسبب النشأة في بيئة بها مساحة ضئيلة أو معدومة لتجربة المشاعر والتعبير عنها.
على سبيل التوضيح، قد لا ندرك في بداية الأمر أننا نقوم فعليا بقمع عواطفنا ومن ثم تحدث حالة من مواجهة العديد من المشاكل في العلاقات أو سيطرة بعض المشاعر السلبية حيث يتطلب هذا الوضع ضرورة العرض على معالج متخصص يساعدنا على فهم عواطفنا بصورة جيدة، ويرشدنا إلى كيفية إدارة الصراع والتواصل بشكل أفضل.
إلى جانب هذا، فيمكننا أيضا التغلب على هذا الوضع السلبي من خلال:
1- محاولة التعرف على المشاعر الأساسية التي تأتي وراء هذه المشاعر السلبية وفهمها وتجنب ممارسة روتين قمع العواطف.
2- من أهم طرق إطلاق المشاعر المكبوتة هي مواجهة الحدث أو الإجراء المسببة للكثير من المشاعر السلبية.
3- العمل على إتقان ردود الأفعال لفهم العواطف حيث يحتاج هذا الأمر إلى التفكير وتعلم التحكم في ردود الأفعال في أغلب المواقف، ومحاولة التدرب على التفكير فيما أدى إلى مشاعرنا الحالية وكيف يمكننا التغلب عليها في المستقبل.
4- يجب وبصورة قاطعة تخصيص وقت محدد للاعتناء بالنفس، بما في ذلك الصحة الجسدية والعقلية حيث يمكن لأي نشاط رعاية ذاتية أن يساعدنا في العمل على الاسترخاء عقليا وتقليل التوتر ومن ثم التخلص من المشاعر المكبوتة.
بالإضافة إلى ذلك، فإننا نحتاج أيضا إلى ضرورة تعلم أن نكون في حالة إمتنان وتسامح مع الأشخاص أو الأنشطة التي تزيد بداخلنا الشعور بالأحاسيس السلبية.