في الواقع، يصعب على الكثير منا أن يقوم بفهم ما هو مفهوم العقل الباطن بشكل صحيح، وهذا لأنه غالبا ما يتم الخلط بينه وبين حالة اللاوعي، فالجدير بالذكر أن كلتا الحالتين تشتركان في أنهما خارج الوعي. ومع ذلك، عند تحليلهما من منظور علمي، فيتضح لدينا أنهما في حالة إختلاف تامة عن بعضهما البعض، ومن هنا قررنا أن نتعرف الآن على ما هو العقل الباطن؟ و ما هو الفرق بين اللاوعي، ومرحلة ما قبل الوعي، والوعي واللاوعي؟
ما هو العقل الباطن؟
عند الحديث عن العقل الباطن فيمكننا القول أنه هو تقريبا جزء أو حالة ذهنية تقوم بالعمل على تخزين التجارب البشرية والمعرفة والمهارات والذكريات والعواطف، ولكنها تكون خارج نطاق الوعي.
يمكن ملاحظة أن العقل الباطن يشبه أيضا اللاوعي، ومع ذلك نحتاج إلى القيام بفهم مرحلة “ما وراء الوعي” هنا بالمعنى المفصل، فلا يقتصر الأمر على ما لا نعرفه فقط، ولكن أيضا يصل إلى ما نعرفه بالفعل ولكننا لا نحتاج إلى تدخل الإدراك أو الوعي.
كيف يعمل العقل الباطن؟ أمثلة
- على سبيل المثال : عندما نقوم بتعلم القيادة لأول مرة، فسوف نعمل جاهدين على تكريس كل التركيز على الوعي تقريبا لممارسة القيادة حتى نصبح أكثر كفاءة في أمر تعلم القيادة، ومن ثم لم نعد بحاجة إلى تدخل الوعي ومن ثم يزال فعل القيادة سهلا.
- على سبيل المثال : عندما نقوم بقيادة السيارة والذهاب إلى المنزل على طريق مألوف ومعتاد، فسوف يكون لدينا القليل جدا من التفكير في الطريقة التي يجب أن نذهب بها ومن أين نتعطف يسارا أو يمينا حيث تكون هنا تحت تصرف وسيطرة العقل الباطن، أو روتين تلقائي قديم.
يجب العلم أن المثالان أعلاه هما مثالان على الحالات الذهنية غير المعرفية، وهما أيضا أمثلة توضيحية لفهم مفهوم العقل الباطن وكيف يعمل بشكل أفضل.
كيف نستطيع إكتشاف العقل الباطن؟
لأن العقل الباطن خارج الوعي، يعتقد العديد من الخبراء أن الاقتراب من العقل الباطن واستكشافه يمنحنا الفرصة لتحديد أفكارنا ومعتقداتنا وعاداتنا وردود أفعالنا التلقائية.
ومع ذلك، فإن استكشاف العقل الباطن هو أيضا فرصة رائعة لنا لفهم النفس بشكل أفضل حيث العمل على فهم سبب التفكير والشعور والتصرفات بالطريقة التي تصدر مننا حيث تعد هذه الحالة نوع من رد الفعل التلقائي.
بوجه عام وعند الرغبة في الوصول إلى العقل الباطن، يمكننا أن نعمل بشكل جاد على تجربة الطرق التالية:
أولا، يجب علينا أن نعترف بأن هناك دائما صوتا في العقل عفويا ونادرا ما يتوقف، فالجدير بالذكر أن هذا التصديق والاعتراف بذلك وحده يكفي.
بعد ذلك، نقوم بترك العقل يسترخي ويعمل بكل حرية مطلقة عن طريق اليقظة حيث ترك العقل يتجول بحرية، ولكن بوجه عام يجب أن نكون على دراية بهذا الأمر.
نعمل بعد ذلك على سؤال النفس وطلب الحصول على إجابة محددة قدر الإمكان حول أي موضوع مخزن في العقل.
على سبيل المثال : هل نستطيع أن نقوم بمساعدة الشخص أ في العثور على وظيفة؟
فإذا كانت الإجابة بـ “نعم”، فسوف نستمر بسؤال النفس “كيف نستطيع فعل ذلك؟” ونطلب من النفس أن تكون محددة قدر الإمكان مثل (المساعدة في البحث عن وظيفة، أو تصميم السيرة الذاتية.. وما إلى ذلك).
أو العكس، ففي حالة عدم الرغبة في المساعدة، لأن السيد أ يعمل في شركته الحالية لبضعة أشهر فقط؛ لأنه يتعين عليه العمل لأكثر من 5 سنوات خبرة قبل القيام بمساعدته في أمر تغيير وظيفته، فالجدير بالذكر أن هذا الأمر يعد شكل من أشكال الاعتقاد الذي تم إنشاؤه بناء على الخبرة والمعرفة.
في هذا الوقت، يجب علينا محاولة التفكير في أسباب التصرف بهذه الطريقة، وكيف ومتى تم تشكيل هذا الاعتقاد؛ بسبب ما تعلمناه أو من تعلمنا منه أو من تجارب حياتنا الخاصة.
ومع ذلك، يجب علينا لكي نكون قادرين على شرح وفهم بعض هذه الأشياء بسهولة، فإن الاقتراح الجيد هنا أن نقوم بكتابة جميع هذه الأمور على الورق ثم ربطها جميعا معا، لمحاولة تكون نظرة أكثر عمومية لمعتقداتنا ولماذا نتصرف بهذه الطريقة ذاتها.
ما هو الفرق بين اللاوعي، وما قبل الوعي، والوعي وما وراء الوعي؟
بشكل توضيحي يتم تفسير هذه الأجزاء من خلال ما يلي:
– اللاوعي: يعد اللاوعي هو جزء من العقل يحتوي على أفكار وذكريات ورغبات خارج الوعي، وغالبا ما يتم قمعها ولا يمكن الوصول إليها بسهولة.
– ما قبل الوعي: يعد هذا الجزء من العقل هو الذي يخزن الأفكار التي تحدث قبل الوصول إلى الوعي حيث الانتقال من أسفل اللاوعي إلى الأعلى، ومن ثم يمكننا أن نتخيل ما قبل الوعي كبوابة حراسة للوعي، حيث يمكن بكل سهولة جلب الأفكار والذكريات والعواطف إلى الوعي.
– الوعي: أما فيما يخص الوعي فهي الحالة الذهنية عندما نكون مدركين لأفكارنا وعواطفنا ومحيطنا. مثل القيام بقراءة كتاب وفهم محتواه والمخزى والمضمون المتعلق به.
– ما وراء الوعي: هي الحالة الذهنية التي تقع بين الوعي واللاوعي، وتقوم بتخزين العادات، والسلوكيات التلقائية ، وردود الفعل المشروطة. بالرغم من ذلك، فإن هذا المصطلح لا ينتمي إلى مدرسة العلاج التحليلي النفسي.