تُعد عادة تجمع أفراد الأسرة حول مائدة الطعام من أهم العادات القديمة والمتجذرة في مجتمعاتنا حيث تعود جذورها إلى العصور السابقة. ولكن، قد يظن البعض أن هذه العادة البسيطة قد فُقدت بريقها في العصر الحديث، حيث يعاني العديد من جدول الأعمال المزدحم والمشاغل اليومية التي لا تتناسب مع التجمع حول المائدة. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن تجمع الأسرة حول مائدة الطعام له فوائد نفسية وإجتماعية عديدة تستحق النظر إليها والاستثمار فيها. لذلك قررنا اليوم أن نتناول الحديث عن أهم الفوائد الإجتماعية والنفسية التي تحدث عند تواجد جميع أفراد الأسرة يوميا حول طاولة الطعام، وهذا حتى نحاول الإلتزام بهذه العادة الحميمة الجميلة.
أهم الفوائد الإجتماعية والنفسية التي تتحقق عند تجمع الاسرة لتناول الطعام
يجب علينا معرفة أن مائدة الطعام هي مكان دافئ ومركزي داخل المنزل، حيث أن أمر التجمع حولها له العديد من الفوائد التي سنقوم بالحديث عنها فيما يلي:
أولا: تعزيز الروابط العائلية
عندما يجتمع أفراد العائلة حول الطاولة ويقومون بتناول الطعام معا، فيمكنهم آنذاك الوقت القيام بالحديث الخفيف والاستماع إلى بعضهم البعض بشكل أفضل حيث أنه يمكن للأسرة مشاركة أخبارها وأحداث يومها بشكل مفصل، مما يعزز هذا من الروابط العائلية العاطفية ويعمق الثقة بين جميع أفراد الأسرة.
يجب علينا جميعنا فهم أن الأسرة بوجه عام والأسرة المصرية بشكل خاص تواجه الكثير من التحديات والصعوبات على مدار الحياة اليومية لذا يجب العمل دائما على تعزيز التواصل المفتوح الذي يؤدي إلى فهم الواقع ومشكلاته بشكل أفضل إلى جانب إيجاد حلول منطقية سليمة حول أي مشكلة.
ثانيا: تعزيز الشعور بالانتماء
تعتبر وجبات الطعام التي يجتمع فيها أفراد العائلة فرصة رائعة لتعزيز الشعور بالانتماء وتعزيز العلاقات العائلية. الجدير بالذكر أن تجمع الأسرة أثناء تناول الطعام يمكن أن يكون وقتا ممتعا ومثيرا للفرح والتواصل السليم بين الأفراد. مما يوفر هذا الوقت القيم فرصة للتواصل والتفاعل وقضاء وقت الممتع معا.
يعد تجمع الأسرة على طاولة الطعام فرصة رائعة يتمكن الأفراد من خلالها مناقشة أعمالهم اليومية ومشاكلهم وأحلامهم والاستماع إلى مشاعر ذويهم وذكر المخاوف والأفكار الأخرى. فيجب العلم أن هذا التواصل يعزز الثقة والتفاهم بين الأفراد ويقوي العلاقات الأسرية والإنتماء للكيان بصورة كبيرة.
إقرأ أيضا: الرعاية الذاتية.. حب النفس والإستمتاع بالحياه
ثالثا: تعزيز الصحة النفسية
تُعد الأسرة هي الوحدة الأساسية في بنيان المجتمع حيث أنه من الهام جدا معرفة أن دور التماسك الأسري وتواجد العلاقات القوية بين أفراد الأسرة أمران حاسمان لتعزيز الصحة النفسية للأفراد. فيجب العلم أن أمر تجمع الأسرة أثناء تناول الطعام يعد واحدا من الأنشطة اليومية الهامة التي يمكن أن تعزز علاقات الأسرة وتعزز الصحة النفسية لجميع أفرادها.
يتم تعزيز مباديء الصحة النفسية داخل جميع أفراد الأسرة آنذاك الوقت بسبب ما يتم الشعور به من مشاعر إيجابية إلى جانب ما يمكننا القيام به من أنشطة وأفعال إستثنائية مثل القيام بتناول الطعام المفضل في مناسبة سعيدة أو حتى يوم ميلاد.
رابعا: تنمية العادات الغذائية الصحية والسليمة
يمكن لأمر تجمع الأسرة أثناء تناول الطعام أن يعزز من الوعي بالتغذية الصحية. فعند الإجتماع حول الطاولة، يتم تبادل المعلومات حول القيمة الغذائية للأطعمة المختلفة وأهميتها للصحة حيث يمكن لكل فرد في الأسرة في هذه الأثناء أن يشارك معلوماته الغذائية وينصح الآخرين بأنواع الأطعمة التي ينبغي تناولها وطرق إعدادها بشكل أفضل.
إلى جانب هذا يمكن أيضا للأسرة تبادل وصفات طعام صحية ولذيذة لإكساب الأطفال حب الطعام الصحي المفيد لبنيانهم وهذا يتم من خلال تناول جميع أفراد الأسرة لهذا الطعام كحالة تحفيزية للطفل عن طريق إتباع أنماط المشاركة التفاعلية.
خامسا: ترسيخ القيم والعادات والتقاليد الأصيلة
يمكن لتجمع الأسرة أثناء تناول وجبات الطعام أن يساعد على تعزيز القيم الأسرية المشتركة حيث يمكن للأسرة تبادل القصص والتجارب والتعاليم التي تعتبر مهمة بالنسبة لهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لكبير الأسرة أن يقوم بالحديث عن مباديء العائلة وقيمها والطرق التي نحاول بها زرع هذه القيم في داخل الأفراد.
على سبيل المثال، يمكن للأسرة مناقشة القيمة التي يتم إعطاؤها للتعليم والعمل الجاد والصداقة والتسامح وغيرها، وتعزيزها من خلال الحديث والاستماع إلى وجهات نظر بعضهما البعض.
من الهام معرفة أن تعزيز القيم والتقاليد من خلال تجمع الأسرة وبالاخص أثناء تناول الطعام يعطي الفرصة للأفراد لتعلم بعض العادات التقليدية والأعراف الاجتماعية حيث يمكن للأسرة أن تشارك أطفالها وأفرادها الشباب قواعد السلوك الاجتماعي المهمة، مثل احترام كبار السن، وإتباع معايير الأدب والنظافة الشخصية والعناية بالمظهر وتقاسم الطعام وقول كلمة الحق الطيبة.
الجدير بالذكر أنه يمكن أن يؤدي تعليم القيم والتقاليد الى إصلاح وتثبيت تركيبة الأسرة والمجتمع ككل، وبالتالي خلق بيئة صحية سليمة ومستدامة للجميع.
بصفة عامة يعد أمر تجمع أفراد الأسرة على مائدة الطعام من الأمور الهامة جدا التي يجب علينا عدم إهمالها أو التغافل عنها بأي شكل من الأشكال فمنافعها عديدة وتستحق الإلتزام بها تحت أي ظرف كان، فالأسرة الصالحة ما هي إلا جزء تكويني للمجتمع بأكمله.