مع ظروف الحياة المختلفة تقابلنا في بعض الأوقات المواقف الحادة والصعبة التي ينتج عنها حالة من الصدمة وما يتبعها من نتائج تظهر فيما يسمى بـ اضطراب ما بعد الصدمة، لذا قررنا أن نتعرف من خلال مقالنا اليوم علي إضطراب ما بعد الصدمة بمزيد من التفصيل مع ذكر أهم الأعراض التي تدل على حدوثة وكيف نستطيع الخروج من ظروفه القاسية قدر الإمكان؟.
ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟
يعتبر اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو حالة من القلق والارتباك النفسي التي يُعاني منها الأشخاص الذين تعرضوا لبعض التجارب المؤلمة أو الصادمة حيث يمكن أن تحدث هذه التجارب في مواقف مختلفة مثل الحروب، أو الكوارث الطبيعية، أو الاعتداءات الجسدية، أو حوادث السيارات، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية والعنف الأسري.
يجب العلم أن هذا الاضطراب يمكن أن يؤثر على من يصابون به بشكل مدمر حيث أن من الوارد أن يظل المريض يعاني منه لسنوات كثيرة بعد التعرض للحدث الصادم. ومن ثم يجد نفسه عاجزا عن السيطرة على تفكيره أو عواطفه حيث يشعر بالخوف والقلق المفرط والرغبة في الانفصال عن الآخرين.
ما هي أعراض الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟
توجد عدة علامات وأعراض تدل على حدوث الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة حيث تتمثل في الآتي:
أولا: الأعراض النفسية
تظهر الأعراض النفسية لاضطراب ما بعد الصدمة في بعض الأنماط التي تتمثل فيما يلي:
- إسترجاع الذكريات العرضية.
- الأحلام المزعجة.
- الأفكار المتكررة حول الحدث الصادم.
- القلق المستمر.
- الشعور بالاكتئاب.
- الانسحاب من الحياة الاجتماعية والاهتمامات اليومية.
- المعاناة من اضطراب في النوم، مثل الأرق والفزع في الليل.
ثانيا: الأعراض الجسدية
تظهر الأعراض الجسدية عند الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة من خلال الأعراض التالية:
- الصداع.
- التعب الشديد.
- آلام في الجسم بشكل عام.
- الوهن والضعف.
- الغثيان والإسهال.
- توتر العضلات.
- سرعة التنفس.
- فقدان الفاعلية البدنية.
ثالثا: الأعراض الاجتماعية
تعد الأعراض الإجتماعية من الجوانب الهامة لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة حيث تظهر من خلال ما يلي:
- العزلة والانفصال عن الأصدقاء والعائلة.
- الشعور بالهموم الذاتية والعقد الاجتماعية.
- الشعور بالذنب دائما.
- الخوف من الفشل.
رابعا: أعراض المقاومة
قد تبدو هذه الأعراض غريبة على البعض ولكنها من الأعراض الرئيسية لحدوث الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، فالجدير بالذكر أنها تظهر من خلال الآتي:
- السلوك الانفعالي العدواني.
- الصراع الداخلي.
- الشخصية المتقلبة.
إقرأ أيضا: إضطراب جنون العظمة لدى كبار السن.. هل يُعد هذا الأمر خطيرا؟
ما أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة؟
عند حديثنا عن هذا النوع من الاضطراب الذي يحمل بين طياته الكثير، فيجب علينا معرفة أنه توجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث هذه الحالة النفسية المرضية والتي تتمثل في الآتي:
- التعرض للتجارب المؤلمة التي تترك أثرا نفسيا عميقا على الأشخاص، وقد تؤدي إلى تطوير اضطراب ما بعد الصدمة.
- هناك عوامل وراثية قد تزيد من احتمالية إصابة الفرد باضطراب ما بعد الصدمة حيث قد يجد بعض الأشخاص أنفسهم أكثر عرضة لحدوث تطوير لهذا الاضطراب لديهم وبالأخص إذا كان هناك تاريخ عائلي لحالات مماثلة
- التعرض المتكرر للإجهاد والضغوط النفسية.
- نقص الدعم الاجتماعي، ومن ثم يؤدي هذا الأمر إلى الإصابة بهذا الحالة الاضطرابية.
- يمكن أن تكون الاضطرابات النفسية الأخرى مثل القلق أو الإكتئاب من أهم العوامل المسببة لحدوث الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، وبالأخص بعد التعرض للتجارب المؤلمة.
ما هي الطرق المستخدمة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟
إن علاج اضطراب ما بعد الصدمة يعتمد على نوع الأعراض وشدتها، ومن ثم يتم تحديد الطريقة المناسبة، لذا هيا نتعرف على أهم هذه الطرق من خلال ما يلي:
1) العلاج النفسي
- العلاج السلوكي المعرفي: يعتبر العلاج السلوكي المعرفي أحد أساليب العلاج النفسي الفعالة في علاج اضطراب ما بعد الصدمة حيث يعتمد هذا النوع من العلاج على تحديد الأفكار السلبية وتغييرها إلى أفكار إيجابية من خلال تدريبات تغيير السلوك، مما يساعد هذا على تخفيف الأعراض وتحسين نوعية الحياة قدر الإمكان.
- العلاج النفسي السلوكي المعرفي: يركز هذا النوع من العلاج على تعديل السلوك والتفكير، وهذا لكي يتم التأقلم مع الصدمة ومواجهة الذكريات السلبية. الجدير بالذكر أن هذا العلاج يساعد في تقوية الشخص من الداخل وتحسين علاقاته الاجتماعية قدر الإمكان.
2) العلاج الدوائي
- الأدوية المضادة للاكتئاب: تستخدم الأدوية المضادة للاكتئاب في علاج اضطراب ما بعد الصدمة وهذا لكي يتم التخفيف من الأعراض النفسية مثل القلق والاكتئاب.
- الأدوية المضادة للاضطرابات الحادة والحالات المزاجية: يمكن استخدام الأدوية المضادة للاضطرابات الحادة والحالات المزاجية لتخفيف التوتر والقلق والتوتر النفسي.
3) العلاج في مجموعات
يتم اللجوء إلى العلاج المجموعي من خلال إستخدام الدعم الاجتماعي الذي يعد من أهم العوامل في علاج اضطراب ما بعد الصدمة، حيث يساعد الشخص المصاب على التأقلم مع تجربته وتقديم الدعم والمساندة اللازمة.
4) الاسترخاء واليوغا
عند قيامنا باللجوء إلى هذا النهج اللطيف الهاديء في العلاج، فيجب علينا معرفة أن تمارين الاسترخاء واليوغا تعد من الطرق الطبيعية والبسيطة التي يمكن استخدامها لتخفيف الأعراض، حيث تساعد عمليات التأمل والتنفس العميق على تقليل التوتر وزيادة الهدوء النفسي، ومن ثم الخروج من هذه الحالة النفسية والتغلب على تبعيات اضطراب ما بعد الصدمة.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال البحث في مجال علاج اضطراب ما بعد الصدمة قائما، وهناك تقنيات وطرق علاجية جديدة تظهر بشكل مستمر، مما يوفر هذا الأمر فرصا للتحسن المستمر في علاج هذا الاضطراب.
في النهاية، يجب أن يتم تقديم الدعم النفسي والطبي المناسب للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، ويجب عليهم أيضا الحصول على الدعم الاجتماعي اللازم لمواجهة تلك الصدمات والتغلب عليها قدر المستطاع.